(1)
( إحنا عايزين نمحو أمية أكبر عدد من الشعب
المصري علشان يقدر يساعدنا في الحراك السياسي علشان ما نبقاش بنؤذن في مالطا ) .. الجملة
اللي فاتت من مسلسل " بنت اسمها ذات " عن فترة السبعينات ..
اليوم نحن نحيا في النصف الثاني من 2014 ولازلنا نؤذن في
مالطا بالرغم من أن قطاعاً واسعاً يساعدنا بالفعل في الحراك السياسي وهو لازال
محتفظاً بأميَّتِه، تخيلوا مقدار المصيبة..!
(2)
في وقت يصرح فيه مسئول سويسري عن محاولتهم
إعادة 781 مليون دولار أمريكي خبَّأها مبارك، يُحكم على الرئيس المخلوع في أم
الدنيا بثلاث سنوات فقط وابنيه بأربع سنوات في قضية القصور الرئاسية، وفي نفس ذلك الوقت
الذي يأسف فيه لمبارك كثير ممن يَحْسِبون أنفسهم مثقفين وممن يُحسبون من النخبة، تحيا
سيدات غارمات غلابة طاعنات في السن تَوَرَّطْنَ بتوقيع إيصالات أمانة على أنفسهن
لأنهن أرَدْنَ المال لتزويج بناتهن، أو الحصول على ثمن دواء، أو إيجاد مصاريف
تعليم أولادهن، فتعسَّرن في السداد ثم يُحكم عليهن بعشرات السنوات، وفي النهاية لا
يجدن من يقل لهن ( إحنا آسفين يا غلابة ) ثم تجد فيلسوفاً يقل لك : ( لا تعليق على
أحكام القضاء )..!!
(3)
الواقعة : مقتل
37 محبوس في سيارة ترحيلات لسجن أبو زعبل، والمتسببون في الكارثة معلوم اسمهم وعددهم
ومدى تورط كل واحد فيها ..
الحكم القضائي : 10 سنوات لنائب مأمور القسم
مع إلغاء الحكم وإعادة إرسال أوراق القضية للنيابة للتحقيق من جديد والحكم سنة مع إيقاف
التنفيذ على 3 من ضباط القسم..
واقعة أخرى : مقتل نائب مأمور مركز مطاي وحرق
القسم وسرقة محتوياته والمتهمون أو الجناة عشرات أو مئات في هرج ومرج حول القسم ..
الحكم فيها : إحالة أوراق 529 متهم لفضيلة المفتي
وتم تخفيض العدد فيما بعد ليظل مئات أيضاً ينتظرون الإعدام ..
ويحيا العدل !! .. هو القانون ماشي
عِكس عكاس ؟!!
(4)
القانون
العقيم لا ينتج قوانين تراعي الحدث الجلل ولا به من مرونة تواكب كارثية الواقعة، عقوبات
قانوننا هزيلة تفتقر للردع والسرعة المطلوبين .. والأخبار
لازالت حتى الآن تكرر كلمة تحرش في كارثة اغتصاب ضحية التحرير.. ابحثوا عن
العقوبات الرادعة الناجعة الناجزة في بعض الدول لتعلموا أن دولتنا ( تعبث وبتهزر )
، مسئولو الدولة لازالوا يتعلمون كيفية سن وإصدار القوانين ، عقوبة المتحرش
تغلَّظت من 6 أشهر لسنة وغرامة لا تقل عن 5000 جنيه في مصر، بينما تصل في أمريكا
إلى السجن مدى الحياة مع غرامة تصل إلى نصف مليون دولار، وفي السعودية تصل إلى سجن
خمس سنوات وغرامة تصل إلى نصف مليون ريال، وفي بعض الدول تصل للإخصاء الكيميائي أو
الجراحي إذا كرَّر المتحرش فعلته .. أوَد أن أعلم ما
الذي حدث ليصفون القضاء بالشامخ ؟!
(5)
القضاء الشامخ
الذي يترك قضاياه في أروقة المحاكم لعشرات السنوات دون إصدار أحكام سريعة، والمجتمع
المريض الذي يبرر أعضاؤه جرائم التحرش والاغتصاب بحسب مظهر الضحية أو انتمائها
السياسي، والجهات المسئولة عن حماية حقوق المرأة بإعطائها تصريحات هزيلة بائسة تعلق
الخطأ على الشماعة الإخوانية بأن تنسب الجناة للجماعة الإرهابية : كل هذه العوامل
فلابد في النهاية أن تعطي نتيجة مبهرة لتفشي وتفاقم جريمة التحرش والاغتصاب، لأنه
ببساطة لا عدل ولا ضمير ولا منطق ولا إنسانية ..
(6)
هل تعلم
إذا ما تم إدانة ضابط واحد من المسئولين عن قتل الثوار ؟ هل تعلم مصير قاتل خالد
سعيد وسيد بلال وصائد العيون وضابط سيارة الترحيلات ؟ هل تعلم طبيباً واحداً مجرماً صدر في حقه حكم
رادع ممن يرتكبون ما يسمونه بالأخطاء الطبية التي تُودي بحياة أطفال في جراحة لوز
أو سيدات في عمليات ولادة أو حقن للأشعة ؟ جرائم الاغتصاب وهتك عرض الأطفال وقتلهم
كل يوم على يد رجال صغار تحت السن القانونية، ولم يُعَدَّل قانون الطفل حتى الآن !
سلسلة براءات أو مماطلة في المحاكمات أو أحكام هزيلة مع إيقاف التنفيذ ..
وبالأمس يتم الحكم على متظاهري مجلس الشورى بخمسة عشر سنة أثناء تعطيل المتهمين
ومحاميهم بالخارج ليصدر الحكم غيابيَّاً ودون سماع الشهود.. خمسة عشر سنة لأنهم
تظاهروا ضد قانون التظاهر !!
هو ده العدل يا سيادة القاضي ؟!!
(7)
لا أدري أهو الجهل والأُمِيَّة أم عمى القلب
والبصيرة التي تجعل من مواطنين ( آل بيحبوا مصر ) أن ينسوا فساد وطغيان مبارك
ونظامه ثلاثين عاماً ليتفرغوا لسب ثورة وثُوَّار 25 يناير لأن حفنة عفنة من مدلسي
الإعلام يشحنون عقولهم بخيانة وعمالة من ساعد على خلع وعزل رئيسين فاسدين ؟!
مدلسون يترَحَّمون على الثلاثين سنة فساد أيام مبارك ويضحكون ويكركرون على واقعة
تحرش واغتصاب إحدى السيدات في التحرير عشية تنصيب السيسي رئيساً، مدلِّسُون
يحرِّضون الضباط على قتل القتلة دون تقديمهم للمحاكمات في مقالات في أكبر الصحف
المصرية، مدَلِّسُون لازالوا يبثون الرعب في قلوب المصريين بداعش سوريا والعراق
وأن من لم يؤيد تأييداً أعمى سيكن سبباً في دخول من يقطع الرؤوس والأيدي،
مُدَلِّسون يصفون فوز السيسي بالرئاسة أنه ثأر لشهداء الشرطة والجيش ويحرِّضون
الشعب ضد المعارضين، واحنا خدَّامين البيادة واللي ينادي بسقوط حكم العسكر الناس
هتاكله في الشوارع .. وعلى أد نيتهم إديهم ..
(8)
مشهد معبر
ومبهج زيارة السيسي لضحية
اغتصاب التحرير.. إنما كل ما أخشاه أن يظل الوضع كما هو عليه، رئيس يحمل الورود ويعطي
أوامر بضرورة سرعة التحرك لمواجهة الظاهرة، وآليات فقيرة لا ترقى كارثية الوضع، وتبقى
النساء ضحية شذوذ بني آدم !!
مشهد حلف اليمين
ومراسم التنصيب أبهجت صدوركم وبشرتكم بالخير خصوصاً لوبتقارنوها بأيام مرسي ، لن أذكر سيرة الثورة والشهداء والمصابين
لأنها أصبحت موضة قديمة في نظركم، إنما الفرحة والاهتمام لابد وأن تتحول من مجرد الرقص
والغناء وذكر مآثر وأفضال السيسي إلى اهتمام ووعي حقيقي بمتابعة مدى تغير أحوال
المصريين الغلابة اللي فرحوا برئاسة السيسي، متابعة كيف يشتغل الرئيس على انتشالهم
من الفقر والجهل والمرض والتهميش.. مصر أد الدنيا
وأم الدنيا بناسها وأهلها عندما يعيشون في جو آدمي، جو يحترم القانون وقانون يحترم
الإنسان وينصف المظلوم ويقتص من الظالم ..