السبت، 13 أكتوبر 2018

أنا تلميذة هؤلاء..

https://www.e3lam.org/2018/10/02/350501

عندما عُرِضَ عَليّ فكرة أن أكتب عن “الأستاذ” الذي أثر في حياتي أو ترك بصمة في شخصيتي، أحسست أن الموضوع سيكون سهلا في التناول، ولكن ما أن بدأت في الكتابة؛ حتى تضاربت الأفكار في ذهني، فمن سأختار؟! هل سأختار أحدا من أفراد الأسرة أو العائلة، أم من حياتي الدراسية، أم أحد الشخصيات المشهورة؟
قرّرت أن أرجع بذاكرتي لسِنِين طفولتي، تلك المرحلة التي تتشكل فيها شخصية كل إنسان، ومن البديهي أن أُقَدِّم الامتنان الأول لوالدي ووالدتي، إلَّا أنني في تلك المرحلة كنت أنعم في رحاب جدي وجدتي في دائرة من الحنان والرعاية لا أظنها تتكرر لدى أجداد هذه الأيام.
بالفعل.. أساتذتي الأُول كان جديَّ العزيزين، لقد زرعا في شخصيتي الثقة بالنفس والمثابرة والاجتهاد، وذلك من خلال تشجيعي في فترات لعبي وجدي، كنت أرى نظرات الفخر بتحصيلي درجات التفوق في سنوات الدراسة الابتدائية وكأنها حصول على شهادة في الدراسات العُليا، لقد كان لقبي لدى جدي “حمدي الفيل” هو “الدكتورة”، كان يعلم أني أريد أن أكون طبيبة مثل خالي وخالتي، كانت جرائد “الأخبار والأهرام والوفد” التي واظب على شرائها وقراءتها نواة حبي للقراءة، أعطاني كل الحب لأني حفيدته الأولى، وكان احترامه وتقديره لي منذ صغري مصدر طاقتي وعزمي على التفوق الدراسي.
أمَّا جدتي “نجيبة السلنتي” فمواهبها في الرسم والخياطة كانت بمثابة براعم لهواياتي وحبي لكل ألوان الفنون والأشغال اليدوية، تجلس على ماكينة الخياطة لتخيط لنا ملابس النوم التي أعشقها لمجرد أنها من صنع يديها، ما أملكه من نوستالجيا تليفزيون الثمانينات كانت بسبب العيش في بيت جدي، مشاهدة برنامج “حياتي” و “حديث الروح” بمصاحبة جدي، ومتابعة نادي السينما” و”أوسكار” مع خالتي، والاستماع لإذاعة القرآن وبرامج الراديو بصحبة جدي، فقط أسمع لتتر هذه البرامج حتى أرجع إلى الوراء ثلاثين عاما طفلة بريئة لم ينغص حياتها شيء بعد، رائحة لمبة الجاز أثناء انقطاع الكهرباء، والنوم في حضنها ليلا والسبحة في يدها والرقية في لسانها، علمتني صلة الرحم والبر إلى الأقارب، كانت تصحبني في زيارة إلى بلدتها، لتطوف على بيوت جميع إخوتها واحدا تلو الآخر، بل كانت تقطع مسافات بعيدة لزيارة شقيق لها في مدينة أخرى غير مدينتنا، تركب المواصلات وتشتري الهدايا، تجمع الأقارب والجيران في الأعياد تصنع كحك عيد الفطر، وتبعث بأطباقه لسابع جار، ربة منزل ممتازة لا تكل ولا تمل شملت البيت برعايتها ودفء قلبها، مثالي النموذجي للزوجة الرؤوف والأم الحنون.
وبعد أن صعدت روحهما إلى بارئها؛ لازالا حيَّيْن في وجداني بما غرساه في شخصيتي ، خصالهما سبغت خصالي، وليس لدي سوى أن أستدعي أيامهما الجميلة كلما غمرتني مشاعر حزن أو كآبة، كما أني أعيش الآن محصنة بدعائهما لي من أعماق قلبهما أن “ربنا يجعل في وِشِّي القبول”..
أعود مرة أخرى لوالديّ، أمي “سهام الفيل” التي لن يضاهيها أحد في التضحية والتفاني والتسامح وقوة التحمل والصبر، وأبي “منير عبد الحليم بدير” الذي كان يُربينا من خلال النصيحة الرقيقة والمعاملة اللينة، والذي كان مثالا في التواضع والاحترام، وزوجي “علاء الدين العبد” الذي كان “أستاذا” في بناء الأسرة والمثابرة في العمل، ومثالا للحب والإخلاص.
وها أنذا لا زلت أطفو فوق موج الذكريات، طفلة بضفيرة على ظهري، أسير في الشوارع حتى مدرستي الابتدائية، فكل معلم في تلك المرحلة أدين له بالفضل، من علمَّني حروفي الأولى، ومن لَقَّني آيات قصار سور القرآن الكريم حتى حفظتها، ومن جعلني أحفظ “جدول الضرب” عن ظهر قلب، ومعلمة علمتني كيف أنَظِّم أفكار موضوع التعبير، وتلك التي علمتني أساسيات “الحبكة والحياكة/ الكروشيه والتريكو”، ومعلم آخر نَحَتَ فيّ أن “من غشنا فليس منَّا”.
أعتقد أن كل شخص مرَّ بحياتي كان “أستاذا” في شيء ما، فمؤكد أنَّ لكل منا جانب أو أكثر مثير للإعجاب، وإنِّي لأرى أنه بمجرد أن يمتلك الشخص سمة مثيرةً للاهتمام أو ما قد يُعدّ تميزا فإنه يستحق عندها لقب “الأستاذ”.
“أستاذ في الطب” الطبيب الذي يشعر بآلامي ومعاناتي قبل أن يكتب لي العلاج..
“أستاذ في التداوي” صوت عبد الحليم وموسيقى عمر خيرت وكلمات الأبنودي في لحظات الضيق..
“أستاذ في المقاومة” كل شخص لا يستطيع التحكم في جسمه بنسبة مائة بالمائة، وقد حٌّقَّقَ إنجازا لم يقدر عليه الأصحاء..
“أستاذة في الكفاح” الفتاة التي تتمرد على ظروف بيئتها ومجتمعها المغلق فتنطلق وتثبت ذاتها..
“أستاذ في الإيثار” الطفل الصغير القاصر الذي يعول أسرته ويسعى ويكد في العمل إلى جانب دراسته..
“أستاذة في التفاني” المرأة التي تقف في ظهر الرجل، و”أستاذ في الشهامة” الرجل الذي لا يُحبط المرأة..
“أستاذ في الرحمة” من يعامل الحيوان ككائن حي يشعر ويتألم..
“أستاذ في الكرم” كل من يفعل الخير ولا ينتظر مردوده..
أتمنى بدوري أن أكون “أستاذة” في شيء ما، أترك أثرا طيبا في حياة من حولي، فيتذكرني أحدهم بالخير..

“عيار ناري”.. عن الحقيقة اللي بـ 100 وش

https://www.e3lam.org/2018/10/05/352179


https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A-%D8%A8%D9%80-100-%D9%88%D8%B4/10155778952511696/


عُرِضَ فيلم “عيار ناري” لأول مرة خلال فعاليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثانية، وقد تم عرضه بالأمس الأربعاء 3أكتوبر لأول مرة في دور السينما، الفيلم من بطولة أحمد الفيشاوي في دور الطبيب الشرعي “ياسين المانسترلي”، ومحمد ممدوح في دور “خالد أبو زيد” أخو الشهيد، والفنانة روبي في دور الصحفية ” مها عوني”، وعارفة عبد الرسول في دور “أم علاء” أم الشهيد ، وأسماء أبو اليزيد في دور “سلمى” خطيبة الشهيد، وضيوف الشرف هم: أحمد مالك في دور الشهيد “علاء أبو زيد” ، وهنا شيحة في دور أخت الطبيب، وصفاء الطوخي في دور مديرة الطبيب الشرعي، وأحمد كمال والد الطبيب الشرعي ووزير صحة سابق، وسامي مغاوري رئيس تحرير الجريدة التي تنشر تقارير الوفاة.
قصة الفيلم تدور حول الطبيب الشرعى ياسين المانسترلي، طبيب يعاقر الخمر حتى أثناء أداء مهام وظيفته، علاقته مع أبيه وزير الصحة السابق شبه مقطوعة بسبب اتهامه في قضايا فساد، يقوم بتشريح عدد من جثث المتظاهرين الذين سقطوا في مظاهرات لاظوغلي إبَّان ثورة 25 يناير، وقد جاء تقرير تشريح جثة أحد المتظاهرين وهو علاء أبو زيد “أحمد مالك” مخالفاً لتقرير وفاة السبع جثث الأخرى والتي تزامن حضورها المشرحة مع جثة علاء، حيث جاء في التقرير أن الوفاة كانت بسبب عيار ناري أُطْلِق عليه من مسافة قريبة جداً قد تقل عن المتر، وليس برصاص قناصة من على مسافة بعيدة كتقرير بقية الجثث، ومن ثم يتسرب ذلك التقرير للإعلام مسبِّبا غضب أهل وأصدقاء الشهيد، ومثيراً لغطاً كبيراً ضد مصلحة الطب الشرعي، مما يضطر مديرة الطبيب ياسين للتدخل للتأكيد على فبركة الصحافة للتقرير، وعندما يحاول الطبيب إثبات صحة تقريره تستغل مديرته إدمانه للخمر للإساءة لسمعته ووقفه عن العمل، مما يجعله يدخل في محاولات مستمرة من أجل إنقاذ شرفه ومهنته.
يُصنَّف الفيلم من أفلام الجريمة والدراما الملأى بالتشويق والإثارة تدفع المشاهد من اللحظات الأولى للتفكير في حقيقة ما حدث، كما أن تصاعد الأحداث جاء بوتيرة زادت من شدة الغموض، وكثَّفت من عدد علامات الاستفهام المحيطة بكل المحيطين بالقتيل.
الحبكة الدرامية كانت متقنة بشكل ممتاز، فسلوك كل بطل أوحى للمشاهد أنه قد يكون هو طرف خيط في الوصول للقاتل، الطبيب المخمور قد يكون هو من أخطأ في كتابة الصفة التشريحية، والأخ الذي قد يبدو على سلوكه البلطجة متهم أيضا، وتفاصيل العلاقات المتشابكة تضع الكل في دائرة الاتهام.
أحمد الفيشاوي أبدع بتعابير الوجه إذ أتقن دور الشخصية الانطوائية التي تكتفي بالعيش مع الجثث، ومحمد ممدوح أقنع المشاهد في لحظات البلطجة كما أقنعه في لحظات الضعف والاستسلام، إلا أن مشهده الأول الناطق في الفيلم لم تكن كلماته واضحة، روبي ممثلة روعتها في بساطتها كما أتقنت دور الصحفية المثابرة التي تبحث عن السبق الصحفي والمضغوطة تحت أوامر ونواهي ونهر رؤسائها، أما عن أسماء أبو اليزيد فمازالت تحصر نفسها في دور الفتاة الشعبية المهزومة المغلوبة على أمرها، أما عارفة عبد الرسول فهي عملاقة في دور الأم المفجوعة في كارثة تقسم البيت وتشتت أفراده. الفيلم تأليف هيثم دبور، إنتاج شركة IProductions، الموسيقى التصويرية أمين أبو حافا، والإخراج كريم الشناوي.
قد يتبادر إلى ذهن بعض المشاهدين أن الفيلم يُوَجِّه رسالة سياسية ما لاتهام الطب الشرعي بالفساد وفبركة شهادات الوفاة، أو محاولة لتبرئة الداخلية من أعمال القنص التي حدثت إبَّان ثورة يناير2011، إلَّا أن الفيلم يتعدَّى أي حالة جدل حول هذه المسائل. ومنعا لحرق أحداث الفيلم فإن المشاهد المنصف سيكون هو الحكم بنفسه لنفي أي محاولة لوسم الفيلم بتهمة تجريد شهداء ثورة يناير من لقب الشهيد، فالحوار بين أبطال الفيلم وملابسات حادثة سقوط القتيل، ومن ثم كشف غموض الحدث في النهاية واضحة لا تحتاج لتفسير ولا تبرير مواقف، فالفيلم يتناول جوانب إنسانية كثيرة، كما أنه يعرض مفهوماً فلسفياً لمعنى الحقيقة، وأنها قد تكون ( ب 100 وش)، وعلى عكس ما يُردِّده أغلب الناس ويقتنعون به، وأن الحقيقة لا تكون بعدد من يُصدِّق الحدث وإنما بواقعه الفعلي. فكفاح الطبيب في البداية كان لمجرد إثبات صحة تقريره ومهنيته وكفاءة عمله وليس الوصول للحقيقة، حتى قاده ذلك في النهاية ليقف مختاراً بين أن ينصر الحق أو يكشف الحقيقة..