السبت، 16 أبريل 2016

خلعنا اللي سابنا نتسلى ليحكمنا من يُخرِسْنا

http://yanair.net/?p=66215

خرج الأمر عن إبداء رأي أو خبرة في عرض خرائط  ووثائق، وانتهى الحوار إلى جدال عقيم في إثبات مصرية تيران وصنافير، لأنه ببساطة قُضيَ الأمر الذي لم نُستفتى فيه، بل لم نعلم بشأنه لأننا “آخر من يعلم”، رئيس يرى أن الإعلام هو سبب اللغط في شأن التنازل عن الجزيرتين، لا يرى ولا يستوعب ولا يعترف أن اللغط الكائن هو سبب تَكَتُّم الرئاسة لأكثر من ثمانية شهور، تبعها تسليم الأرض والعرض “سُكِّيتي”، وبعد أن حامَ حامي الحِمى وهام حول موضوع الجزيرتين بحديث طويل لا يُسمن ولا يُغني من جوع؛ قال أن سبب عدم العمل في العلن هو الحفاظ على الرأي العام في البلدين، وتجنب الدخول في اللغط على مدار الثمانية أشهر الماضية!
ببساطة ووضوح إنها سياسة المراوغة، والغاية تبرر الوسيلة، سياسة الأمر الواقع واخبطوا دماغكم في الحيط، سياسة ديكتاتور يُهَمِّش شعبه وقراره من رأسه، راجع المسؤول عن متابعة ومراقبة ورصد التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي والذي أبلَّغك بهاشتاج (#عواد_باع_أرضه) وساءك اتهامك بالتخاذل أو الهوان أو الخيانة؛ فذلك المسؤول لم يُبلغك أن الرأي العام اشتعل بين البلدين بالرغم من تمرير الإتفاقية في السر، لم يُبلغك أن الشعبين في سجال دامٍ دَامَ بين مُدَّعين بملكيتهم للجزيرتين منذ الأزل وأنهم من منحوها لنا للحفاظ عليها، وبين مصريين تُقتَطع من أرضهم أرضاً ماتوا من أجلها ويلهثون بكل الطرق كي لا تُنتزع سيادتهم منها.
قيل أن مسؤولاً كبيراً ذهب لمبارك يسأله عن الجزيرتين محل الخلاف وعن عدم تسليمهما للسعودية طيلة ثلاثين عاماً مضت، فكان رده: “كنت بَسَوِّف”! السيسي لا يعرف التسويف في التخلي عن الأرض، السيسي يَحكم مصر بناء على نصيحة والدته (ماتبصش للي في إيدين الناس حتى لو كان أبوك)، ولقد نفَّذ وصية والدته، لكن في تيران وصنافير الأمر مختلف، (فما يحتاجه البيت يَحرُم على الجامع)، السيسي اعترف أنه لم يخرج في تعيين الحدود مع السعودية عن القرار الجمهوري الذي صدر منذ 26 عاماً وتم إيداعه في الأمم المتحدة، يعترف بسعودية الجزيرتين فلا مجال لاستفتاء على مصريتهما، لأنه لا استفتاء على ما يخرج عن ملكنا، ولا تحكيم دولي لأنه لا نزاع عليهما، فمصر معترفة بسعوديتهما، يبقى خلاص.. خلصت!!
جاء خطابه خطاباً مُبهماً غير مقنع،  يفتقر إلى العرض بعدد مناسب من الجمل المفيدة المتعاقبة بوضوح، تكرار الجملة بشكل مبتذل، واستخدام مفرط لضمائر الغائب وأسماء الإشارة، الانفعال وعلو نبرة الصوت بشكل مفاجيء وغير متوافق، الاسترسال في الارتجال في نقطة معينة ثم يرجع إلى قراءة تلك النقطة من ورق ملاحظات، حديث متناقض منفصل عن الواقع يتجلَّى في:
– توجيه الدعوة للقاء ما يزيد عن المائة تحت ما يُسمى لقاء الأسرة المصرية، لكنه تقمَّص دور الأب المتسلط أو المحاضر الجامعي الذي لا يسمح لأحد بالحديث حتى يأذن بالكلام!
– مستاء من التعليق بهجوم وعنف على إدارة ملف الجزيرتين، ولكنه في نفس الوقت سعيد بغِيرَتنا على بلدنا، ولا مانع من إضافة القليل من فرض الوصاية (بس أنا محتاج أصَوَّب الغيرة دي وأقولكم تِغيروا ازاي وتِغِيروا إمتى)!
– مستاء من ترويج الإعلام عن اتهام الأمن بقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، ولكنه لا يرى ضيراً من تصفية الأمن لخمس أشخاص بدم بارد دون توجيه اتهام ولا محاكمة!
– يرى أن الإعلام المضلل هو من صنع مشكلة ريجيني، ولكنه لا يرى عيباً في فبركة شاهد زور في القضية ولا قص خمس روايات مختلفة تلفيقاً وتغييباً من قِبَل وزارة داخليته!
– يحاول عمل توازن بين الإجراءات الأمنية وحقوق الإنسان، لكن لا يقوم بأي محاولة كي يمنع الاعتقال والتعذيب في السجون والإخفاء القسري!
– يحذر من استقاء المعلومات من شبكات التواصل الاجتماعي، ولكنه لا يرى أن ذلك سبباً لندرة وشح المعلومات مباشرة من الرئاسة أو بسبب معلومات تفتقر دائماً للشفافية والسرعة!
– “أنا مادِّتش الإذن لحد إنه يتكلم، بتلوموا عليا إننا ما بنكررش اللقاءات دي كثيراً لأنها بتتحول لمنابر كلام، أن يعتليَ هو المنبر ويخطب في الحضور على ما يزيد عن الساعة مباح، ولكن أن يعطي الكلمة لواحد فقط عندها سيُنصب منبر الكلام”!
– يقول: (لا نبيع أرضنا ولا نأخذ أرض غيرنا)، لكنه فخور أن مصر كان من الممكن لها أن تحتل ليبيا وخيراتها ثأراً للمصريين المذبوحين هناك، فوصية أمه هي من أنقذت ليبيا والليبيين!
هل أقل لك لماذا أصبح  في وجدان المصريين حالة من التشكك وفقدان الثقة التي أطلقت عليها (الانتحار المجتمعي) ؟!
لأنك وعدت بأم مصر أد الدنيا ولكن يتم التنازل عن أجزاء من أراضيها في يوم وليلة، لأنك كنت ضيف مؤتمر الإعلان عن جهاز علاج فيروس سي ثم اتضح أنه جهاز كفتة، لأنك وعدت بازدهار سريع غير مسبوق بقناة السويس الجديدة ولكن الحقيقية أنك تطلب من شعبك يصبَّح على مصر بجنيه، لأن سد نهضة يُبْنى ولا تحدثنا عن خيبة التعامل الرسمي في ملفه قدر معاتبة الإعلام في تناوله، لأنك تفاخر بوزارة الداخلية التي تغوَّلت على حقوق الإنسان، لأنك تحاول أن تحصر الحصار الاقتصادي وارتفاع الدولاركهجمة شرسة على إنجازات ترى أنت وحدك عظمة إنجازها في سنتين ولكن دون عائد يحس به المواطن البسيط، لأنك تتحدَّث عن أهل الشر، ووسَّعت دائرتهم ليس لتضم الإخوان وحلفاءهم فقط، بل لتضم المعارضين، والمستائين من سوء الإدارة على مواقع التواصل الاجتماعي، والمُشتكين من تردي الحال وضيق العيش في الميكروباصات والأتوبيسات!
سيعلم عنك المصريون بإنجازاتك الملموسة دون أن تتحدث عن نفسك بأسلوب درامي، ودون الترهيب بحروب الجيل الرابع والخامس، ودون المن والأذى بإدارتك الحكيمة التي لا يقدرها شعب نمرود، ودون محاولة إيهام الناس أن التعرض لرمز الدولة هو لإسقاط مصر، يبدو أن كرسي الحكم يأبى أن يحتفظ برئيس، ونعم فكما قلت، لقد زاد وعي المصريين خلال الخمس سنوات الماضية وإلا ما قامت ثورة، إذاً عِ ذاك الوعي واخشَ تلك الديكتاتورية!

هناك تعليقان (2):