الخميس، 26 فبراير 2015

رَجُل عَضْ كلب

http://e3lam.org/2015/02/26/20256
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%B1%D9%8E%D8%AC%D9%8F%D9%84-%D8%B9%D9%8E%D8%B6%D9%92-%D9%83%D9%84%D8%A8/10152827120086696
في زمن الصحافة الجميل ( كما تتذكر زمن الإرهاب الجميل ) إذا ما أردت المقارنة بماضٍ أليم لتسخر من حاضرٍ أشد إيلاماً، تتذكر مقولة ( أن الخبر لا يكون خبراً إذا كان عنوانه " كلبٌ عض رجل "، وإنما الخبر هو الذي يحمل عنوان " رجلٌ عضَّ كلب " ) ، لم يكن مُرادهم حين قالوها سويَّاً، لتشجيع الصحفيين لجمع الأخبار النادرة مثلاً ،وإنما كانت لتعليمهم كيفية فبركة العناوين الصادمة، وصبغ الخبر بصبغة مثيرة تجعل منه مشوقاً بخلاف الحقيقة، ولكن ما حدث هذه المرة لا دخل له بالأخبار النادرة أو الأسلوب الملتوي لجذب القرَّاء، لأن الحادثة وإن لم يكن عنوانها " رجلٌ عض كلب " فوقائعها أكثر عدوانية ودموية من العَض، بالرغم أنه لم يحدث قَبْلَاً أن رجلاً عض كلباً !
أسطورة " الرجل الذي عضَّ الكلب " لم تعد أكذوبة للترويج الإعلامي لخبر في جريدة، أو وسيلة لتحقيق مزيد من المبيعات للجرائد على الأرصفة، أو لرفع " ترافيك " المواقع الخبرية على الإنترنت، لأن ما حدث أخيراً كفيلاً أن يقوم بهذا كله، قام رجال رُشْد بالتكالب بالسيوف وسكاكين الجزارين على " كلب مستأنس "، وبغض النظر عن الحكايا التي من ضمنها تبريراً لقتله باعتباره مسعوراً عقر ثلاثة أشخاص وتسبب أن يُحكم على صاحبه بالسجن سنة، فأَجْبَرَ المجني عليهم، صاحبَه، لتسليمهم إياه للقصاص منه، بدلاً من سجنه، فقد جاءت طريقة التخلص من الكلب الأكثر بشاعة على الإطلاق، طريقة داعشية من الدرجة الأولى، أَسْرٌ ثم تجهيز ثم خداع ثم ذبحٌ بدمٍ بارد، إِلَّا أن الفارق هذه المرة هو تواجد الجمهور بكاميرات تليفوناتهم المحمولة، ولأني شاهدت مشهد الذبح دون صوت فلا أدري هل خرج من ضمن المتفرجين صوت رحيم يصرخ فيهم لردعهم عن جريمتهم النكراء ؟! أو صوت يذكرهم بتحريم ما تقترفه أيديهم ؟! أو صوت يستعطفهم للتوقف بعد أن تحول المشهد لممارسة شاذة ساديَّة تتلذذ بتعذيب كائن حي يصرخ ويستغيث ولا مجيب !

قبل رؤيتي بدقائق لتلك المشاهد المأساوية، الأقرب لطقس وحشي يقوم به أفراد من قبيلة آكلة للحوم البشر في غياهب أفريقيا، كنت أشاهد فيديو على " واتساب " وبطلاه كلب ورجل، ولكنه رجل آدمي غير أولئك الرجال منزوعي الإنسانية، الفيديو يبدأ بمشهد لكلب أسود أجرب، نحيل، هزيل جالس على الأرض وحيداً في مكان ما في مدينة جدة، وما أن بدأ الكلب بالتحرك حتى انتصب واقفاً على القائمتين الأماميتين فقط، وبقي النصف الخلفي ( أي منتصف ظهره ورجليه الخلفيتين ) ملتصقتين بالأرض وكأنه مصاب بالشلل، ولمَّا مشى بقي نصفه الخلفي ملتصقاُ بالأرض يزحف وراءه بحركة بطيئة تثير وجعاً في القلب على حالته المزرية، وبسؤال المتواجدين بالمكان، تبيَّن أن رجلاً مصريَّاً يقوم بشراء قطع الدجاج كل يوم خصيصاً، ويقوم بتقديمها والماء له، وقيامه بمحاولات عديدة دون استجابة،  للاتصال بجمعيات رعاية الحيوان للتوصل لعلاج له على يد أطباء مختصين .. 
 قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) .. وفي حديثٍ آخر : ( يا رسول الله ، وإن لنا في البهائم أجراً ؟! قال : في كل كبد رطبة أجر) ، هؤلاء السفَّاحين لا يعلمون شيئاً عن الإنسانية ولا الرحمة والعطف بالفطرة، فلن نتوقع منهم امتثالاً لكلام الدين أو أن تلين قلوبهم لمشاهد مؤثرة لا لحيوان أو لإنسان .. وكما لا يمتثلون لدين أو لا يمتلكون مشاعر مجبول عليها الإنسان، فإنه في نفس ذات الوقت لا يوجد في القانون مادة تعاقبهم عقاباً رادعاً، وستنتهي تلك الحادثة الشنيعة بمجرد فيديو يتناقله الناس ويعلقون عليه، كما انتهت مذبحة القطط في نادي الجزيرة بحفظ التحقيقات لعدم وجود نص يحرم قتل الحيوانات الضالة،ونص المادة 357 لمعاقبة إلحاق الضرر بالحيوانات المستأنسة تقول : (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه، كل من قتل عمداً أو سَمّ حيواناً من الحيوانات المستأنسة غير المذكورة في المادة 355 " حيوانات الركوب، والجروالحمل وأي نوع من المواشي، أو سمَّ سمكاً في نهر أو ترعة أو حوض" أو أضرَّ به ضرراً كبيراً ) .. 
لم يعد الموقف يقبل حديثاً مبدئياً من قبيل وجوب الرفق بالحيوان وتحقيق حقوقه، أو عن الإنسانية التي بدأت بالتلاشي، الأمر تعدى تلك المرحلة منذ أمَدٍ بعيد ليس بسبب ما يحدث للحيوان، وإنما لأن ما يحدث مع الحيوان يحدث بشناعة مماثلة مع الإنسان، مشاهد النحر والذبح والحرق والتمثيل بالجثث والتعذيب والقتل بدم بارد فاقت الوصف، دخلنا بداعشيتنا الكامنة مرحلة أشبه بأفلام الخيال العلمي، لتصبح الحقائق الأغرب من الخيال .. 

سور فيسبوك وتويتر العظيم

http://e3lam.org/2015/02/20/19159
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%B3%D9%88%D8%B1-%D9%81%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%83-%D9%88%D8%AA%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85/10152815572466696?pnref=lhc
لا يخفى على الجميع كم كان لمواقع التواصل الاجتماعي عظيم الأثر في سرعة التجاوب والتواصل وإيصال مشاكل المواطنين وأصوات المتضررين للمسؤولين، وكم كان لها الفضل في سرعة الكشف عن عمليات الخطف وجرائم الأطباء على سبيل المثال، ولا ننسى دوره في الحشد الثوري والحشد الانتخابي، وبالرغم من ذلك لقد تعالت نغمة المطالبة بإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة بشكلٍ مُلفت، فلقد قام الإعلامي أحمد المسلماني بالمطالبة بأخذ تجربة الصين من حيث إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي ولو لمدة عام وعندها سنتمكن من القضاء على الإرهاب، وشاركه في هذا الطلب بعض الأحزاب في لقائها مع الرئيس السيسي ومنها حزب شباب مصر ..



إنَّ أغلب الدول التي قامت بحجب مواقع إلكترونية لم تكن بهدف جعل الإنترنت عالم صالح بعيد عن التضليل، وإنما بسبب نشر فيديوهات مسيئة فضحت عدداً من القادة العسكريين أو المسؤولين السياسيين، كوريا الشمالية مثالاً لذلك، أمَّا الصين فجاءت حملتها بالأساس بعد مصادمات عنيفة بين الشرطة ومسلمي مدينة في شمال غرب الصين، ولكن حملتها الأكبر والأعم في غلق مواقع التواصل الاجتماعي كانت من أجل إغلاق المواقع الإباحية والتي تحرض على الدعارة، فقد قامت بإغلاق 1.8 مليون صفحة إباحية على مواقع التواصل، والمواقع التي تستخدم هويات مزورة عند تسجيل الدخول لتهديدها للاستقرار المجتمعي، ولكنها وفرت بالمقابل مواقع وتطبيقات بديلة داخل الصين، إذاً بما أنك تريد المشي على خطى الصين في غلق مواقع التواصل الاجتماعي، هل وفَّرت قَبْلاً مواقع بديلة ومنافسة لفيسبوك وتويتر، وماذا لو أصبح موقع جوجل وويكيبيديا ويوتيوب مثلاً مواقع تحرض على العنف أو تهدد الحياة السياسية هل لديك القدرة على توفير مواقع بديلة بنفس القوة توفر كمَّاً هائلاً وضخماً وموثوقاً من البيانات والمعلومات ؟!


لقد أعلنت الحكومة منذ أشهر عن مشروع يقوم بمراقبة الإنترنت ورصد العناصر التي تحث وتحرض على التخريب والتفجير، ولقد تم إغلاق 500صفحة تحرض على العنف منذ سقوط الإخوان وضبط 400 من القائمين عليها، إذاً هنا أصبح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وسيلة مساعدة لرصد المحرضين وسهولة الوصول إليهم والقبض عليهم، فَلِمَ تريد فقد مصدراً لتتبع المجرمين ووسيلة سهلة لجمع الأدلة عن الخلايا الإرهابية من خلال مقارنة فيديوهات جرائمهم وبث صور المطلوبين من مجرمييهم ؟! 

لقد نشرت العربية خبراً بتاريخ 1 فبراير 2015 يفيد بأن الجيش البريطاني أسٍَّس كتيبة تقاتل على صفحات الإنترنت وتتكون الكتيبة 77 من 1500 عنصر يتمتعون بكفاءات عالية في مجال مواقع التواصل الاجتماعي، وسيبدأ عملها في أبريل القادم سيتابع عناصرها الأخبار المتداولة عن طريق المواقع والهواتف الذكية ويحاولون التحكم بما يتعلق منه بالجيش البريطاني .. 

إِنْ اتخذ الإرهاب والتطرف صفحات الإنترنت ساحةً افتراضية لشن هجماته، وقامت جماعات جهادية باستخدامه لإيصال التهديدات لخصومها، وبث تسجيلات لعملياتها، فالأولى بك بدلاً من القيام بخَلْق لجانٍ إلكترونية لبث آراء سياسية معينة والتأثير في الرأي العام أن تخلق جيشاً إلكترونيَّاً يشن حرباً نفسية لمحاربة الإرهاب بنفس أدواته وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وألَّا تتخذ من المنع والحظر سبيلاً، فهؤلاء الإرهابيون على الإنترنت يعملون في الضوء وتحت المجهر وتهديداتهم منشورة والأدلة مثبتة ومتوفرة والتتبع أسهل ..


وبالرغم من قيام الصين بعمل جدار ناري أشبه بسور الصين العظيم لمراقبة الإنترنت وحجب المواقع إلَّا أنَّ المواطنين قاموا بخرق ذلك الجدار بمواقع تكسر الحظر، إذاً المنع عندك مؤكد أنه لن يؤتي ثماره فابحث عن وسيلة أخرى للقضاء على الإرهاب، خُذ عندك مثال شبكات المحمول التي لم تتمكن حتى الآن من حصر جميع أرقامها تحت هويات حقيقية ومعلومات وبيانات مالكيها الحاليين، فنجد الإرهابيين يستخدمون شرائح التليفون المحمول لتفجير القنابل، وفي آخر حادثة لتفجير قسم المنتزه بالإسكندرية فقامت كاميرا المراقبة بتسجيل الإرهابي واضع القنبلة بجانب السور ولم ينتفض لحظتها القائم على المراقبة للإبلاغ والقبض عليه، إذاً التعويل ليس على أدوات المراقبة أو قرار الحظر وإنما بكفاءة ومهارة الأفراد ..


إن كنت تريد الإنترنت مكاناً خالياً من التهديدات والشائعات التي تهدد أمن الوطن فلتسأل نفسك هل قامت المؤسسات المنوط بها توفير الأمن بدورها على الوجه الأكمل أولاً ، وهل تقوم المؤسسات المنوط بها توفير المعلومة مجردة من أي لبس أو تشويه أو بلبلة بواجبها أيضاً على الأداء الأفضل ؟!! ..


الأربعاء، 18 فبراير 2015

تَحَقُّق نبوءة مسافة السكة

http://yanair.net/archives/97216
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%AA%D9%8E%D8%AD%D9%8E%D9%82%D9%91%D9%8F%D9%82-%D9%86%D8%A8%D9%88%D8%A1%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%83%D8%A9/10152807772901696?pnref=lhc

( وإذ نؤكد على أن الثأر للدماء المصرية والقصاص من القتلة والمجرمين حق علينا واجب النفاذ، وليعلم القاصي والداني أن للمصريين درع يحمي ويصون أمن البلاد، وسيفاً يبتر الإرهاب والتطرف .. ) .. هذا هو الوقت الحقيقي لمعنى الاصطفاف، سواء كنت سعيداً ومؤيداً لتوجيه الضربة الجوية لصفوف الإرهابيين في ليبيا، أو قلقاً من جَرِّ مصر لحرب طويلة لا يعلم مداها إلا الله، فإن هذه اللحظة هي المقياس الحقيقي والوحيد للوطنية ودعم الجيش، فالمواطن المحترم الواعي هو الذي لم يقسْ وطنية الآخرين بمدى إقبالهم على دعم عبد الفتاح السيسي مرشحاً للرئاسة فيما مضى، أو يقيس الآن وطنيتهم بمدى مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية من عدمها، وإنما هو من يقف إلى جانب وطنه وجيش بلاده ودعم قائده في قراره العسكري لرد هيبة الدولة وردع الإرهابيين داخل وخارج الحدود المصرية، أمّا المرضى ممن يهزؤون بالعملية العسكرية أو ممن ينبح ويعوي على قنوات الجزيرة وإعلام رابعة وصفحات شبكة رصد لإظهار الضربات الجوية ضد ” داعش/ فجر ليبيا” وكأنها قصف جوي غاشم يستهدف المدنيين نساءاً وأطفالاً وعُزَّل، فنحن نعلم جَلِيَّاً في أي معسكر تقفون وستمكرون ويمكر الله خير الماكرين .. 
تخيَّل معي ما إذا كان قتل الواحد وعشرين مصرياً في ليبيا في عصر كل من هؤلاء : المخلوع مبارك، المشير طنطاوي إبَّان الفترة الانتقالية، المعزول مرسي .. فما كان رد الفعل المقرر من قِبَل هؤلاء ؟! وإن جاءت الإجابة هزلية من ردود أفعال سقيمة في مواقف كارثية مشابهة وُضِعَ فيها هؤلاء ولم يُحَرِّكوا ساكناً فستكون على النحو التالي : مبارك : قد يكون حينها في مباراة كرة قدم هو وأبناؤه، ثم يسخر من الواقعة بعد حين قائلاً : ” داعش لسه بتلبس الناس برتقاني لما بتيجي تدبحهم ” ، كما أطلق نكتة على العبارة السلام في حديث عن كارثة غرق أكثر من 1000 مسافر على متنها .. طنطاوي : مع تلعثم شديد وتلقين من سامي عنان في أذنه يصرخ في الشعب : ( انتوا ساكتين على داعش ليه ؟!! ما تنزلوا تحاربوهم ! ) كما أفتى في كارثة استاد بورسعيد .. مرسي : سيظل يخطب ويُهَدَّد داعش و”يلقَّح” الكلام على اللِّي مموليهم، ويمكن حد يطلع فيهم اسمه عاشور، في حين أن جماعته هي زعيمة الممولين وهو مستضيفهم وأصحابهم ومواليهم من الدم الداعشي في القصور الرئاسية ..
لا يُنكر عاقل ومُنْصِف عظمة القرار العاجل الحاسم الذي جاء بشن غارات جوية على معاقل داعش في درنة بليبيا، ومدى حسم وحزم الرئيس عبد الفتاح السيسي، فاستيقاظنا على أخبار قصف معاقل داعش في ليبيا أرجع لنا إحساس العزة والكرامة، وشفا صدورنا أن زمن الاستهانة بالدم المصري قد انتهى، وأن أي يد تتجرأ على المصري ليس لها مع قواتنا المسلحة إلا الرد الرادع، نعم تحققت نبوءة ” مسافة السكة ” ليس على الأشقاء العرب، وإنما ردَّاً للكرامة المصرية، وإذ أُثَمِّن هذا القرار البطولي الباهر إلَّا أنني أتمنى استمرار هذه الروح من الحسم والحزم وسرعة الاستجابة، وشفافية البيانات والوقوف على آخر التطورات بشكلٍ يمنع المساس بالأمن القومي المصري، ففي تلك المرحلة الحرجة يستوجب أن يخرس كل الخبراء الأمنيين والمحللين السياسين ومُفْتِي فيسبوك وتويتر ومهووسي برامج التوك شو ممن يطلب من الطائرات أثناء رجوعها دك ” أم حماس” في غزة وكأن الطائرات في رحلة، أو ممن يُظهرون عنترية عبيطة ويوزع تهديدات جُزافية من نوع (أن الدولة المصرية لديها من القوة ما يستطيع إبادة ليبيا باللي فيها)، أو الإعلامية الكويتية التي تأتيها معلومات بطبيعة الضربات الجوية وإنجازتها وعدد قتلى داعش قبل أن ينطق بها أي مصدر عسكري رسمي ..
في وقت تنتظر مصر اجتماع مجلس الأمن للموافقة على تحالف للتدخل العسكري في ليبيا لمحاربة الإرهاب، وبالرغم من الإدانة الشديدة للعملية الإرهابية التي حدثت بذبح واحد وعشرين مصري على يد إرهابيي فجر ليبيا، من قِبَل الولايات المتحدة و5 دول أوروبية (فرنسا، إيطاليا،ألمانيا،بريطانيا،أسبانيا) إلا أن تلك الدول طالبت بحل سياسي بالرغم أن تحالفاً يشن غارات جوية الآن على معاقل داعش في سوريا والعراق !! إلَّا أن مصر لو قُدِّرَ لها الوقوف بمفردها في محاربة داعش في أراض غير أراضيها أخشى عليها التورط في حرب لا طائل لها بها، عندئذٍ لا يبقى لنا إلا إجلاء المصريين هناك ونسف كل من يقترب من شريطنا الحدودي ..
تساءل كثيرون إذا كان بالإمكان معرفة أماكن تَسَلُّح داعش، أوليس كان ممكناً معرفة أماكن اختطاف الرهائن وإرجاعهم أحياء خصوصاً بعد أن كان الخبراء القانونيين يتحدثون صبيحة اليوم الذي شاهدنا فيه فيديو الكارثة عن المفاوضات السرية ؟! كل التساؤلات مشروعة ولكن علينا تمييز كيفية وتوقيت الأسئلة بلسان خالٍ من السخرية والاستهزاء والترصد ..
استوحشت داعش ولم يعد مقاتلوها بهيئة المرتزقة الشعث المُغبرة ثيابهم، وإنما أجساد محاربي الساموراي بأحدث تقنيات الإعلان عن قوتهم وبأسهم وتحديهم لأكبر الدول بقتل رعاياها ممن يقعون أسرى في أيديهم، ليس مهمَّاً إذا ما كانوا كيانات قائمة بذاتها لإقامة الخلافة الإسلامية المزعومة، أو أنهم لعبة شطرنج في أيدِ آخرين، وإنما المهم أن دولاً ما تقوم بمساندتهم ومدِّهم بالعدة والعتاد والسلاح، وعلينا أن نتخذ كل الإجراءات الحاسمة الصارمة الرادعة ضد هذه الدول ..

الاثنين، 16 فبراير 2015

إسلامُهم البرتقالي

http://e3lam.org/2015/02/16/18466
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8F%D9%87%D9%8F%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A/10152807665496696
" والصلاة والسلام على من بُعِثَ بالسيف رحمةً للعالمين ".. يُصَلي ذو الإسلام البرتقالي 
ومن معه من مجرمين، على النبي الذي بُعث رحمة للعالمين، ممسكين سكاكينهم فوق رقاب من خطفوهم وروَّعوهم ولم يرتكبوا ذنباً، لا داعٍ بي أن أشرح للمسيحيين الحق عن سماحة ورحمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهم يعرفونه كما نعرفه، وأصبحوا يميزون مثلنا كل مُندس مُشَوِّهٍ للإسلام والمسلمين، إسلامُهم البُرتقالي يرى إعدام الأبرياء في زيٍ برتقالي قصاصاً من مجرمين آخرين لهم عندهم ثأر، فقط، لأنهم على نفس الدين، الدين المسيحي  ..


بدأت المأساة بنشر صورٍ لواحدٍ وعشرين مصريّ يرتدون زي إعدام داعش البرتقالي على شاطيء في ليبيا، ثم تضاربت الأخبار حول حقيقة إعدامهم لأن التنظيم الإرهابي لم يبث صراحةً خبراً بذبحهم، وفزع المجتمع المصري وثار أهالي المخطوفين وأقاموا وقفةً احتجاجية ليصل صوتهم للمسؤولين ولكن الصوت عندما وصل لرئيس الوزراء محلب لم يأخذوا منه وعداً عقلانيِّاً بإنقاذ الموقف سوى مواساةٍ لهم بأنه مستعد لتسليم نفسه لداعش مقابل الأقباط، ومالبثنا أن نسخر من التصريح المُصَنَّف ب " طق الحنك " حتى نزل علينا نبأ ذبح الشهداء كالصاعقة بفيديو دموي حمل اسم " رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب " ..


 يحاول بعض الخبراء الأمنيين الذين يتصدرون برامج التوك شو بخزعبلاتهم التحليلية أن يحصروا الكارثة في انتقام داعش من الأقباط لأنهم من أيَّدُوا السيسي رئيساً للجمهورية، وأن تَرَصُّد الأقباط يأتي لزرع الفتنة الطائفية وإسقاط الدولة خصوصاً مع قُرب الانتخابات البرلمانية !! لا أدري من أين تفتَّق لذهنه ذلك التحليل اللولبي ؟! أم أنه نسي أَنَّ المنشور الذي يحفظه ويردده عن ظهر قلب في كل مناسبة لا يليق أبداً بكارثة ذبح المصريين في ليبيا ؟! .. فيديو ذبح ال 21 مصري لم يحمل أي إشارة لتأييد السيسي من عدمه، ولا لمصر من قريبٍ أو من بعيد، وإنما كان مقصودٌ به كما ورد فيه " أمة الصليب "، انتقاماً لمقتل أسامة بن لادن وإلقاء جثمانه في البحر على يد صليبيي أمريكا، كما أنه انتقاماً لأسْر كاميليا ووفاء كما يزعمون، وتوعُد روما بالغزو .. 


" جميع الخيارات مفتوحة بما فيها الرد العسكري " 
هذا ما لمَّحت له مصادر سيادية بعد إذاعة داعش لفيديو ذبح 21 مصري في ليبيا، وأنَّ مصر سترد سريعاً وبقوة، جاء هذا التصريح قبل أن يُلقي الرئيس عبد الفتاح السيسي بخطابه العاجل بأنَّ مصر لها حق الرد كيفما رأت ووقتما شاءت، كما أن مجلس الدفاع الوطني في حالة انعقاد مستمر ..

 لو أن مصر لم تتورط في التحالف الذي يضرب الآن معاقل داعش‬ في سوريا والعراق، ولو أنها ستتورط بقوات مع السعودية لضرب الحوثيين في اليمن، فأولى لها أن تتورط في ضرب معاقل داعش في ليبيا انتقاما لدماء المصريين وحقنا لدماء غيرهم ..
بالطبع لا أتحدث عن تدخل عسكري برِّي لأنني أعلم تمام العلم خطورة جر مصر لحرب عصابات في صحراء ليبيا، وإنما أتحدث عن ضربات جوية رادعة لمعاقل داعش،
 أكيدٌ أنني لا أود أن أرى معاذ الكساسبة‬ المصري يُحرق في أقفاصهم، ولكني أود أن أرى جثثهم شفاء لنا لمَّا رأينا جثث السوريين والعراقيين والمصريين تحت حد سكاكينهم .. 


 أثناء كتابة كلمات هذا المقال تتوالى اتصالات على برامج التوك شو من مواطنين لإغاثة أقاربهم المختطفين والمحتجزين من قِبَل ميليشيات في ليبيا ، مع ملاحظة أسمائهم التي تكشف عن دينهم الإسلامي، وبالرغم أن حوادث خطف وقتل المسحيين تواترت في الفترة الأخيرة، إلَّا أن إجرام داعش لن يُفرق بين مسلم ومسيحي، والسكين الذي يفصل الرقبة عن الجسد لن يأبى أن يُجهز على الضحية وإن لم تكن مسيحية .. لا أُريد أن أعفي الدولة من دماء هؤلاء وإن لم تتخذ الدولة المصرية اجراءات رادعة كرد فعل قوي حاسم رادع فإننا سنظل تحت رحمة هذه العصابة وسنظل نتلَقَّى فيديوهات ذبح أقاربنا، ومن هذه الإجراءات القيام بحملات توعية كبيرة على أوسع نطاق لتبيان مدى خطورة السفر لليبيا ولأي مكان يستشري فيه شر مغول وتتار العصر، والأهم والأبعد أثراً أن تكفي مصر الوطن الأم أبناءها من كل من يرى إلقاء نفسه في التهلكة الملاذ الأخير لنيل لقمة العيش، وإلَّا سيظل المصريون مخيَّرين بأن يموتوا جوعاً على الأراضي المصرية أو ذبحاً وتمتزج دماؤهم مع أمواج شواطيء البحر الليبيّ ..
رحم الله شهداء الوطن على أراضيه وعلى كل أرض ارتوت بدماء مصرية ..


الثلاثاء، 10 فبراير 2015

كسروا النضارة وعايزني أشوف نص الكوب المليان !!

http://e3lam.org/2015/02/10/17355
http://almogaz.com/news/opinion/2015/02/10/1861417


بادجات مكتوب عليها " بنحبك يا زمالك "، لافتات تدعم الجيش وتندد بالإرهاب في سيناء، ونظارات مكسورة إلى جانب أحذية كثيرة تفترش الأرض مع أصحابها الضحايا الذين قُتلوا دهساً أو خنقاً، أو لأصحابها من مصابين الله وحده يعلم ماهم عليه الآن ! إنها مجزرة استاد الدفاع الجوي أثناء مباراة الزمالك وإنبي : 
(1)
( ألف تحية للداخلية لأنها منعت من لم يحمل تذاكر المباراة من الدخول لأن المجزرة كانت ستحدث في الداخل كما حدث في بورسعيد )، المُعَلِّق الفِتِك تجاهل أن ضحايا بورسعيد كان معهم تذاكر ولم تستطع الداخلية حمايتهم ! .. 
( جميع القتلى ماتوا نتيجة التدافع والتزاحم والفوضى ) مُعَلِّق فِتِك آخر لم يُقنع نفسه أن الفوضى تحدث من سوء الترتيب والتنظيم والتأمين، ولم يسأل نفسه لِمَ حدث التدافع والتزاحم خاصة بعد إطلاق الغازات المسيلة للدموع !! ..

(2)
- مدحت شلبي : ( أقول للبُلَهاء اللي بيعترضوا على الماتش إن سوريا بيتعمل فيها دوري والعراق بيتعمل فيها دوري، واحنا طبعاً مش سوريا ولا العراق ) .. وبما أننا لسنا سوريا ولا العراق فلماذا تضعنا معهم في موضع مقارنة ؟!!
- أحمد شوبير : ( ما فعله عمر جابر ( اللاعب المنسحب من المباراة) تسبب في زيادة العنف لأنه أثار مشاعر الجماهير ) .. واستمرار المباراة والطحن والعجن والخنق خارج الاستاد لِمَ لَمْ يؤثر في مشاعركم وضمائركم ؟!!
- عزمي مجاهد المتحدث باسم اتحاد الكرة : ( اشتباكات الدفاع الجوي سببها الإخوان و6 إبريل، طول ما بنخاف من حقوق الإنسان نشرب .. ) .. لماذا يضعون البؤساء على الدوام في مناصب المتحدثين الرسميين ؟! صدقوني هؤلاء هم من يزيدون الوضع سوءاً، ليتهم يخرسون !
- جاء التعليق الأعجب والأكثر إثارة للإشمئزاز من أيمن يونس عضو مجلس إدارة نادي الزمالك سابقاً : ( لا أستبعد ارتداء الإخوان ملابس للشرطة وقتل المشجعين ) .. هنا حلَّت العبارة الأشهر ( لا تعليق !! ) لأنه ببساطة لن يشفي الغليل هنا بواسطة تعليق محترم ملتزم أخلاقي .. 

(3)
حَملت صفحة الوفد خبراً بتاريخ الأربعاء 4 فبراير يفيد أن رئيس نادي الزمالك يدعو الجماهير لحضور المباراة من خلال دعوات مجانية كنوع من رد الجميل للجماهير، تم فِعلاً رد الجميل بطريقة فريدة من نوعها، وهو أن المباراة كانت مستمرة بينما الضحايا خارج الاستاد يتساقطون قتلى وجرحى، واللاعب الوحيد الذي أعلن اعتراضه على استكمال المباراة وانسحب تم إيقافه وفسخ عقده، هم هكذا على الدوام .. بِضعة بلطجية انعدم ضميرهم وإنسانيتهم  يتحكمون في مصير البشر، الأمر لا يُصبح مستغرباً إذا " خرج العيب من أهل العيب " ولكنه يُصبح مُنَفِّراً ونشازاً إذا ما استمر لاعبو الفريق تحت إمرة من اُتهِمَ في معركة الجِمَال والخيول فيما سبق على متظاهري ميدان التحرير، نعم تمت تبرئته ولكنها البراءة التي نالها مبارك ونجليه ووزير داخليته وكل فاسد في هذا البلد لم يتم القصاص منه !

(4)
توافد عدد من المصريين لمطار القاهرة لاستقبال الرئيس الروسي بوتين، في نفس الوقت الذي يتوافد فيه العديد من المصريين على المقابر لدفن أبنائهم، المصريون في المطار تم توفير أماكن الراحة والانتظار حتى قدوم الرئيس الروسي، ولكن المشجعين تم تهيئة قفص حديدي لهم ليعبروا منه إلى حتفهم، ضابط الشرطة كان يمسك ببندقيته بشكل أفقي ويضرب فوق رؤوس المشجعين، نعم تعودنا على تصريحات مثل " الداخلية لا تستخدم الخرطوش، ولم تصدر الأوامر بضرب النار الحي "، والمتحدث باسم وزارة الداخلية يتحدث عن رفضه تحميل الشرطة مسؤولية ماحدث في استاد الدفاع الجوي !! ثم تغضبون إذا ما هتفنا بأن الداخلية بلطجية !

(5)
تقرير الطب الشرعي أفاد أن الوفاة جاءت نتيجة الضغط على التجويف الصدري والرئتين نتيجة التدافع، ولا حالات وفاة بسبب نار حي أو خرطوش، أو حتى بسبب الاختناق بغاز مسيل للدموع كما أشيع !! مرة أخرى من سيحقق في المشاهد التي أوضحت ضابط يطلق غازات مسيلة للدموع من بندقيته ؟! من سيحقق في استخدام قفص حديدي يُستخدم لأول مرة ليمر منه الآلاف والحجة عدم حصولهم على تذاكر ؟! ..
النيابة توصلت لقاتل شيماء الصبَّاغ وسيتم الإعلان عنه خلال ساعات، وقد تم القبض على مجموعة من الوايت نايتس لمعرفة من قتل المشجعين، تماماً تماماً كما تم القبض على زهدي الشامي نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي متهماً بقتل شيماء ببندقية خبَّأها في جيبه ،  وفي النهاية وجدوا جيب الجاكيت سليم ولا يحوي " ثقباً " ، يارب ما يلاقوا في جيب اللي اتقبض عليهم " ثقوب " علشان يطلعوا براءة هم الآخرون !!
(6) 
" حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا داخلية .. ابني الوحيد مات " .. " يا ابني قلتلك ماتروحش الماتش، قلتلك اتفرج عليه في التليفزيون " صرخات أهالي الضحايا خارج المشرحة في انتظار الجثامين ..  نمر الآن فِعلِيَّاً بمرحلة صب اللعنات، وما دعاء المظلومين إلَّا لعنات من وراء لعنات، تكفي دعوة واحدة من قلب واحد محروق وملكوم بفقد عزيز حتى ينصب على رؤوسنا عذاب الأقوام الغابرة، وبعد كل هذا تجد أعمى القلب والبصيرة فاغراً فاه قائلاً : " بص لنص الكوباية المليان " !! أبص ازاي بعد ما كسرتوا النضارة يا بجم !


الاثنين، 2 فبراير 2015

نسخة الثمانينات من ال Dubsmash





من على سطح بيتنا واحنا صغيرين، ( في الثمانينات
)، وقت فراغنا إن ماكانش في لعبة بورقة وقلم، كان على جناح من الخيال، اللي كان أيامها بالنسبة لنا عز الجد وعين العقل وأمنية حقيقية من القلب، كان أملنا احنا والبنات جيراننا إننا : " نهرب ! " ..


الهروب ماكانش من أرض الغربة والرجوع لأرض الوطن مثلاً، أو زي ماكان بيجي في أفلام السينما واحدة هربانة من زواج مغصوبة عليه، أو هربانة لتتزوج بمن تحب، الهروب كان من أي مكان مهما كان لأرض فلسطين !! .. نعم .. أرض الانتفاضة وأصحابنا هناك أطفال الحجارة، كنا شايفين إننا البنات نقدر نعمل حاجة وإن فكرة الهروب هتبقى مقبولة ومباحة وممكنة لأنها للهدف الأسمى وهو فلسطين، أغلبنا كان في المرحلة الإبتدائية وأكبرنا لم تتعدى الأربعة عشر عاماً فكانت أحلامنا بسيطة لم تصل مرحلة التعقيد من كيفية الترتيب للحظة الإنطلاق والوصول والعودة من جديد، لم يكن ليخطر ببالنا فكرة الجهاد والاستشهاد كما كانت مُسَلَّم بها من قبل الفلسطينيين صغارهم قبل كبارهم، كنا فقط نرى روح المغامرة والكفاح والعمل الجاد، وإبراز القوة والبطولة وإثبات الذات والانتصار على العدو، ووجوب القيام بشيء ذي قيمة مُثَمَّن عظيم الهدف، وأن حياتنا المقصورة بين مذاكرة ووقت فراغ وأكل ونوم لم تكن لتعجبنا ونرضى بها دون ترك أي أثر أو فخر ، لم يكن قد بدأت تنمو لدينا بعد فكرة دعم القضية الفلسطينية، ولم يكن قد شاب الفكرة مسميات منفردة كقطاع غزة ومعبر رفح وأنفاق تحت البيوت وتهريب السلاح والتخابر، لم يكن قد دنسها بعد ممارسات إخوان أواتهامات حقيقية أو جزافية لحماس وكتائب القسام، كانت فلسطين والمسجد الأقصى والانتفاضة ضد الصهاينة بسلاح وحيد وهو الحجارة والكوفية الفلسطينية المربوطة على العنق ..

لماذا أذكر هواجس الطفولة تلك التي أراها وأعتبرها أثمن وأشرف من كل التعقيدات التي تقابل كلاً منا اليوم حين يبدأ الحديث والدفاع عن القضية الفلسطينية وما يُرَوَّج ضدها بسبب ما يُشاع أو يصدق عن حماس، لأن تلك الهواجس التي تبدو ساذجة وسطحية وطفولية تقف عملاقة جداً بجانب ممارسات شباب السيلفي وال Dubsmash اليوم .. لم يكن معنا موبايل ولابتوب ولا عصا سيلفي ولا تطبيق الدوبسماش، ولكن فراغنا صنع لنا الدوبسماش الخاص بنا، تلك الحالات العقلية الكبيرة المهمومة الواعية من فوق سطح البيت واحنا بنتخيَّل إننا في الجيش بنحارب لما نشوف أفلام الرصاصة لا تزال في جيبي ، واحنا بنخطط للهرب لفلسطين، أو بعد كده واحنا نفسنا نعمل أي شيء واحنا بنتابع قصف أفغانستان وغزو العراق ..

حقيقي الفراغ قد يكون دافعاً أن يبدع الإنسان ويخلق الجديد، ولكن واضح أنه يخلق أتفه وأعجب ما فينا هذه الأيام، جَرِّب واطلب من أحد المغرمين بتلك الظواهر الحديثة أن يقوم بتصوير أو جمع صور أو عمل فيديوهات محددة المدة مسلسلة عن أي موضوع هام، كتجميع لصور شهداء الثورة أو الجيش والشرطة أو لأغاني وطنية مثلاً، أو أي موضوع مرح مُسَلٍّ وبعيد عن السياسة وحال البلد، وستقابل بالتراخي وقلة عدد المستجيبين أوانعدام الحماس، لأن الموضع حمل جدية وأهمية، هم كذلك " في الهيافة الله ينوَّر " وف وقت الجد " وانا عاملة نفسي نايمة " ..
غير مطلوب أبداً نشر الكآبة أو التقليل من قيمة أجيال كاملة هم شباب المستقبل، وإنما المطلوب إظهار قدر من الالتزام والاحترام والمسؤولية ومواكبة أخطر المستجدات إلى جانب اهتمامهم بـ ( عمو حمادة اللي عنده بطة بتعمل كدهو، واللي عايزه تسلك صدرها بنفس شيشة، واللي عايز يِرَجَّع، واللي عايز يجيب مش عارف مين بلبوص ) ..

عودة ريم ماجد عودة للثورة


استقبل الناس خبر ظهور ريم ماجد على شاشة قناة ON TV في برنامج الصورة الكاملة التي تقدمه الإعلامية ليليان داوود بفرح بالغ، وهو ما أكدته ليليان عندما قالت لريم : ( أن كل من يقابلني يسألني عن موعد رجوعك) ، ريم ماجد الإعلامية التي اختارت أن تبقى في بيتها عندما لم تعد قادرة أن تقول كما كانت تقول من قبل ..

بدأت ريم ماجد حديثها أن أجمل ما مر في الأربع سنوات الماضية هو الثمانية عشر يوماً قبل تنحي مبارك، وبالرغم أنه يبدو أننا لم نخطُ خطوة للأمام أو بالأصح " لفينا ورجعنا " إلا أن الثورة مستمرة بصورة أو بأخرى، فثورة 25 يناير لم تكن حلماً أو أسطورة أو معجزة، وأن لا كائنات نزلت من السماء ، وباسترجاع روح الميدان ووصف ما كان يحدث داخل حدوده من مساواة في الأكل والنوم والعلاج والتعرض للخطر والإحساس بالمسئولية والالتزام وأهمية الفرد للآخرين وقوة الآخرين للفرد، إنما هو عينة مما يجب أن تكون عليه الدولة التي نحلم بها والقائمة على القانون الذي يلتزم به الجميع ..


وفي حديثها عن الإعلام الذي وصفته بسلاح الدمار الشامل قالت أن مهمته ليست توجيه الرأي العام، وإنما نقل أكبر قدر من المعلومات عن الحقيقة في إطار مهني وأخلاقي .. وتقديم حقائق مطلقة وليس تقديم إجابات نموذجية بل توعية الناس بالسؤال الصحيح : ( من المسؤول عن حال البلد ) ؟! وقالت أنه لم يتم عمل اجتماع للتحرير لوضع سياسة نقل الصورة والخبر أيام الثورة، فقد قاموا بعملهم بمنتهى التلقائية، وأحسوا بعبء المسئولية وتحملوها، وبالنسبة لها شخصياً فقد كانت بين صراع أن تُغلِّب انحيازها المهني المفترض أن تلتزم فيه بالحيادية، وبين انحيازها الشخصي للثورة بأن تكون في الميدان وسط المتظاهرين، وشابها خوفٌ من تحمل ذنب الناس إذا ما كانت المشاركة غير صحيحة في ذلك الوقت ..


وبسؤال ريم عن الفرق بين الحياد والموضوعية في نقل الخبر، قالت : ( أن المذيع لابد وأن يقل رأيه على أنه مجرد رأي، ولا يفرضه كحقيقة مطلقة وما عداه كذب، ومنطقيٌ جداً أن يتساءل المذيع الذي رأى أصحابه يسقطون بالرصاص رأي العين عن المجرم الذي قتلهم بعد براءة مبارك، كما له الحق أيضاً أن يسأل عن كثير من جناة بعد مبارك كانوا سبباً في سقوط مزيد من الشهداء ولم تتم محاسبتهم حتى الآن )، وأجابت ريم ماجد عن كيفية تقييم الخطأ المهني الذي قد يكون وقع فيه زميلها أحمد خير الدين عندما قام بإبداء رأيه الخاص في أحكام البراءة التي طالت مبارك ووزير داخليته وأعوانه، قالت : ( بالرغم أنه قد يظهر في تعليقه انحيازاً شخصياً، إلَّا أنه أجادا إنسانياً وأخلاقياً )  وذلك لأنه قد يكون في برنامج تالي يعرضه زميل آخر ويقوم بالتعبير بانحيازاته الخاصة وفرحته بالبراءة وأن الحكم هو العدل والعدالة من وجهة نظره ..


حذَّرت ريم أننا قد نكون في طريقنا لأسوأ إذا لم نضع أرجلنا على الطريق الصحيح وتداركنا أخطاءنا، وأكَّدت أنه طالما بقي الناس يحلمون بتحقيق أحلامهم فالثورة مستمرة، وأن عمر الثورات لا يُقاس بين ليلة وضحاها، وأن مصر حين حاربت الإرهاب لابد وأن ينتبه محاربوه أنهم يخلقون إرهابيين لاإرادياً، فعندما يعيش جيل في السجون ويقتل في الجامعات ورحلاته بين المشرحة والمقبرة ولا عدل ولا احتمال لتحقيق العدل فإن ذلك يعزِّز الإرهاب ويخلق إرهابيين جدد ..


شارك ريم ماجد الحلقة أحمد خير الدين وعايدة سعودي اللذان وافقاها الرأي في أنهما لن يستطيعا الحديث في ذلك يومياً، وأنه لا يجب أن يكون أقصى أمانيهم عرض وقائع، بينما آخرون يُسحلون ويُسجنون ويُضربون عن الطعام ويتعرضون للموت، كما اتفقا معها أن دورهما كإعلاميين أن يبلغا الناس بكل تفاصيل الحدث، بالرغم من أي تضييق، وأن جودة الإعلام تأتي من جودة التغطية واتباع ميثاق شرف يلتزم بنقل الحدث والصورة كحقيقة وتوعية الناس دون تضليل وتوجيه ..


عبَّرت ريم أن الحلقة استثنائية كونها سمحت أن يعبر كل منهم بالأسلوب والآراء التي سيُقيَّدون من عرضها فيما بعد، أو ستكون عصيَّة أن يتناولوها يومياً في برامجهم الخاصة بقولها : ( أحمد لن يستطيع أن يقول ذلك كل يوم، وعايدة ستتحرج من سؤال المتابعين لها عن القضاء المصري ، وأنا قاعدة في البيت باربِّي كلب ) !!

غرغرت عيني ريم ماجد بالدموع حينما تحدَّثت بحرقة أن زملاء لها حُكِم عليهم غيابياً بخمسة عشر عاماً في مظاهرة شاركت فيها معهم، ولا هي محكومٌ عليها وفي السجن معهم ، ولا هم ينعمون بالحرية خارج أسوار السجن مثلها، وأنها في بدايات الثورة كان لديها الكثير من القصص الجميلة التي تمنَّت إذا ما رزقت بأطفال أن تحكيها لهم، ولكن ما حدث خلال الأربع سنوات من قصص مؤلمة جعلها تشعر بالحزن أنه لا شيء جميل ممكن أن ننقله لأطفالنا ..

وأخيراً عادت مصر لما قبل 25 يناير !

http://yanair.net/archives/96815
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D9%88%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%8B-%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D9%85%D8%A7-%D9%82%D8%A8%D9%84-25-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-/10152801711141696?pnref=story

يتعجب كثيرون لصدمة المتفاجئين بخبر إخلاء سبيل نجلي المخلوع ، وكأن أحداً كان يتوقع الإدانة لواحدٍ من أفراد العصابة، إن أصابنا خبر إخلاء سبيل علاء وجمال مبارك بخيبة أمل جديدة فحقاً لا فرق كبير، فخيبات الأمل متلاحقة وكأنَّ الأملَ لازال موجوداً ليصاب بخيبات !! فكل ما يحدث منذ شهور،  تكشير من السلطة عن أنيابها وعودة لممارسات النظام القديم بحذافيره وربما أكثر توحشاً، ما هو إلا تخطيط ممنهج لمحو أي أثر لما كانت تُدْعى في يوم من الأيام ثورة 25 يناير، وكأن الثورة كانت جريمة يحاول مرتكبها محو كل أثر لها، ولكن لأن الثورة ليست بجريمة يسعى لمحو آثارها من اقترفها، فكل فاسد متسلق حاول إجهاضها في البدايات أو نجح في تشويهها وتشويه شرفائها في النهاية هو من يجاهد لوأدها ونفي وجودها يوماً ما ..
بعد جلسة أحكام البراءة التي طالت مبارك ووزير داخليته ومساعديه سادت حالة من اليأس والبؤس وفقدان الأمل وانعدام الرؤية وحاول العديد معادلة ميزان الإحباط بالجملة الأشهر " اليأس خيانة " ، ولابد أن يظل شعاع من أمل يهدي الناس طريقهم للمستقبل، ولكن كيف ؟!!  وفي أحلك ساعات الظلم ترى المظلوم يكاد يموت في السجن إضراباً عن الطعام ؟! والظالم يضحك وتقف له رُتب الجيش والشرطة لتعظيم السلام، ويُبَرَّأ القاتل ويخلى سبيل لصوص المليارات،  في عز لحظات القهر وانتحار الآمال اصطداماً بواقع ينصر الظالم ويظلم المظلوم أقاوم صوتي وقلمي كي أسكت حتى لا يتهمني أحد بنشر الإحباط، أو أُطالب ببث الأمل بدلاً من الروح الإنهزامية التي أحس أحياناً أنها تملكتني ، ولكن ما هي العبارات التي تعطي الأمل والمُفترض بي أن أقولها كي لا أكون بائسة متشائمة تنظر بمنظار أسود ولا تعتد بالنظر لنصف الكوب الممتليء ؟!! سأشعر وكأني كمن اصطف حول اختراع الجيش لعلاج فيروس سي والإيدز، هم أعطوا الناس أملاً قاتلاً بالشفاء والخلاص من المرض، وأنا سأعطي الناس وهماً زائفاً بالانتصار والعدل والقصاص، وتبقى كل الوعود أماني وضحك على الذقون !!

بعد أن مضت أربع سنواتٍ على الثورة، وفي السنتين الأوليين كنا نعيد ذكراها تحت مسمى الاحتفال، ولكن ونحن ندخل في السنة الخامسة وبعد كل ما حدث من انتهاكات للثورة ورموزها، وبعد كل الدماء التي أريقت سواء من تيارات سياسية أو من أفراد الجيش والشرطة على يد الإرهاب الغاشمة أو من صفوف الشعب، فكيف نحيي ذكراها ؟! وبأي وجٍهٍ نعتبرها الحدث السعيد المفترض أن تظهر فيه علينا ملامح الفرح وعلامات السعادة ودلائل الابتهاج وهي لم تُحقق أو توجد مطلباً واحداً من مطالبها ؟! 
في السنوات السابقة كنا نرفع صور الشهداء ونعدهم ونصبر أهاليهم أن الدماء لن تضيع سُدىً، أن أرواح وحيوات ومستقبل الناس لم تهدر أدراج الرياح وإنما الأمل في الإصلاح قائم، وأن مطالب الثورة وشعارتها ستتحقق يوماً ما، ماذا سنقول لذويهم بعد مرور تلك السنوات وبعد أن زاد اليأس والإحباط ؟! وإن خلعوا السواد عن دنياهم وملابسهم وقتاً ما، فمؤكد أنهم قد ارتدوه من جديد بعدما رأووا قاتلي أولادهم أحراراً طلقاء، بعدما رأووا زملاء أولادهم خلف القضبان، وآخرين مهددين بالسجن في اللحظة التي تسول لهم أنفسهم فيها نداء العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ؟!!

لقد صرح السيسي منذ أيام أن من يعرف مظلوماً يقبع في السجن فليأتيه باسمه كي يأمر بإخراجه، لا أدري هل تناسى الرئيس أنه ( ياما في الحبس مظاليم ) من نوعية لصوص العيش الأطفال الذين لا ينظر لهم القانون بالعين التي نظرت لعلاء وجمال اللذين استولا على الملايين في مخصصات القصور الرئاسية وأُمر بإخلاء سبيلهم ؟! أم أنَّه لازال غيرَ مقتنعٍ أن من نظامه وحكومته وداخليته من يغرد خارج سربه ويقوم بتلفيق التُهم وإلقاء القبض العشوائي والتعسفي والاعتقال والحبس بالباطل ؟! عموماً لقد أُطلق سراح المجرمين ليسعون في الأرض فساداً من جديد، و " تحمير العين " مستمر لمن يتحدث عن ثورة سابقة، أو يجرؤ ويأتيه هاجس عن ثورة لاحقة، وكل ما كان يحدث قبل 25 يناير 2011 وتسبب في الثورة، يحدث من جديد الآن في 25 يناير 2015 ( والجدع يورينا نفسه ) ..

وأين البراءة بعد حكم البراءة؟

http://e3lam.org/2015/01/18/13708
http://almogaz.com/news/opinion/2015/01/19/1824233



طبيبة شابة في الثلاثين من عمرها تتعرض لتحرش أثناء قيادة سيارتها من قِبَل مجموعة من شباب منحل متهور يستقلون سيارتهم ويطاردونها على الطريق، تتوتر الطبيبة وتصدم سيارة أمامها وتشتبك مع سائقها الذي لم يقبل لا اعتذارها ولا عرضها بإصلاح التلفيات، فيقوما بعمل محضر ينتهي بالصلح في النيابة التي أمرت بإخلاء سبيلها مالم تكن مطلوبة على ذمة قضايا أخرى، وبعد الكشف في ملفات مديرية الأمن تجد اسمها وأوصافها مطلوبة على ذمة قضية سرقة ودعارة ! أول نظرات العار التي تصيبها كانت من أخيها ومن زوجها الذي كافأها ببصقة على الأرض مُصَدِّقاً خيانة زوجته قبل أن يتم التحقيق معها أو تقديمها للمحاكمة والحصول على حكم بالإدانة، ليتضح فيما بعد أن المُدَّعِي في القضية شاب منفلت أخلاقياً ومقامر ومعاقر للخمر، سرق من والده أموالاً خسرها في لعبة قمار، ولكي يُبَرِّيء نفسه اختلق قصة مفادها أن إحداهن قامت بسرقته أثناء تواجدها معه بمنزله في أحد الليالي، ولم يأتِ بباله في وقت تلفيق القصة أثناء عمل المحضر حين سألوه عن أوصاف السارقة إلا اسم وأوصاف تلك الطبيبة المسكينة، ثم تتفاقم الكارثة بقيام صحفي منزوع الضمير بالتقاط صورة للمسكينة ونشرها تحت عنوان ناري: ( ضبط طبيبة في واقعة سرقة وأعمال منافية للآداب ) والناس تبحث عن الفضائح وتعشق سماعها وتهوى تناقلها وإشاعتها ..


فيديو انتشر على يوتيوب بعنوان ” أول زواج لمثليين في مصر على مركب بالنيل “، ولأن وظيفة الإعلام الفاسد هو ترصُّد أي خبر يزيد نِسَب المشاهدة فلقد تم تناول الفيديو في المواقع الإخبارية وإعادة نشره بعنواين “حَرَّاقة ” مثل : ( ننشر تفاصيل زواج الشواذ والأمن يرصد العديد من الحالات مؤخراً بنفس الطريقة )، وذلك على حساب سمعة وشرف شباب “كان بيهرج في عيد ميلاد” ، ليتم تبرئتهم فيما بعد بتوقيع كشف الطب الشرعي ونفي التهمة المنسوبة إليهم، ولكن لأن حكم البراءة ليس فيه إثارة وتشويق اكتشاف الجريمة؛ فقصتهم ظَلَّت في التناقل إعلاميا وعلى ألسن الناس تحت نفس مسمى التهمة ( زواج الشذوذ )

وبالمثل فإن حادثة حمام باب البحر مؤخراً لن يحرص فيها الإعلام على تحسين صورة 26 بريئاً بعد أن دَمرت سُمعتهم منى عراقي مذيعة برنامج المستخبي بالزور والبُهتان مع سبق الإصرار والترصد !! لن يهتم أحد بتبرئة المتهمين بعد أن برَّأهم الطب الشرعي من تلك التهمة القذرة، من سيعوِّض الشاب الذي انكسر كبرياؤه وعزة نفسه أثناء توقيع الكشف الطبي عليه ليبرأ من جريمة لم يرتكبها ؟!! سُئِلَ صاحب الحمام إذا ماكان سَيُقَدِّم بلاغاً ضد مذيعة البرنامج وضد الضابط المسئول عن عملية الضبط، فأفاد بأنه يخشى تقديم البلاغ ضد الضابط !! لم ولن يتوقف التشهير بالأبرياء وتناقل صورهم وأسمائهم حتى يتم محاكمة ومعاقبة كل من يشوه أعراض وشرف الناس بالتلفيق والتشنيع وتناقل الإشاعات ..

وعلى النقيض فإن جريمة أميني الشرطة اللذين اغتصبا فتاة في سيارة النجدة وأثبت الطب الشرعي جرمهما المشهود فيها، فإنه لم يتم تداولها بنفس الزخم الذي تم على الوقائع المفبركة للشذوذ والمثلية الجنسية، بل وتجد أحد المذيعات تبرر واقعة الاغتصاب بأنها عادية ومألوفة في مجتمع فيه 90 مليون نسمة، وأن نشرها والتركيز عليها فيه إساءة للداخلية ومحاولة للإيقاع بها من خلال قطاع أمناء الشرطة !!!!

قصة الطبيبة الشابة التي وردت في بداية المقال من خيال المؤلف وحيد حامد في فيلم التخشيبة للمخرج عاطف الطيب في عام 1984، وإن لم تكن خيالاً محضاً لأنها بالفعل تحدث في واقعنا الأليم الذي تشتد فيه النظرة المجتمعية القاسية للمتهم والتشهير الإعلامي الجائر به قبل التثبت من جرمه أو الحصول على حكم قضائي يقضي بإدانته ووضعه خلف القضبان، وإذا ما تمت تبرئته فإنه يخرج للحياة مطوقاً بشرف مقدوح فيه وسمعة ملطخة بالعار، وعندها يصل اهتمام الإعلام إلى أدنى مستوياته فحكم البراءة ليس فيه الجاذبية والتشويق والإثارة كخبر اكتشاف الجريمة وسير التحقيقات ..