السبت، 21 مايو 2011

أنا قبطي مسلم

أنا قبطي مسلم

عندما كنت صغيرة وطولي لم يتجاوز كفوف الواقفين حولي .. رأيت مرة ساعد أحدهم في المترو فوجدت علامة خضراء ، فسألت أبي عنها فقال لي أن المسيحيين يصنعونها على أيديهم وهم صغار، عندها سألت نفسي لِمَ نحن لا نمتلك مثلها ؟! ولِمَ يأخذون زميلتي المسيحية لفصلٍ آخر في حصة الدين ؟! وعندها علمت أن لكلٍ منا دينه وشعائره .. إذاً أنا مسلم وأنت مسيحي أو قبطي !!..
ولا يخفى على أحدٍ يقرأ بين الحين والآخر أن شعب مصر في القديم كان يُطلق عليه أقباط ولم يكن يقال مصري قبطي ومصري مسلم .. فكلمة (قبطي) مشتقة من كلمة يونانية معناها ( مصري ) ولكن اُختُصَّ بها المسيحيون وحدهم بعد دخول الإسلام مصر .. ولكن هذا لا يعني حصر اللقب "قبطي" على المسيحيين وحدهم .. فكلمة قبطي لابد وأن تطلق من الآن وصاعداً علينا كلنا ..فكلنا أقباط ..كلنا مصريون ..
فلعبة المسميات هذه والتي تُقسم الناس على أساس الدين والمعتقد والاتجاه أصبحت مملة .. فنحن المسلمون أنفسنا لم نرقى بوضعنا عن الخلافات فيما بيننا .. فتجدنا نقول : مسلم سُنِّي ،مسلم سلفي ،مسلم وهابي ، مسلم شيعي ( وكثيراً مسلم بالوراثة ،وأحياناً مسلم على ما تُفْرَج ) وتستطيع أن تُفَرِّق بينهم بمجرد النظر للوهلة الأولى على أساس الملبس طبعاً وليس على أساس ما يقول ويعتقد !! فلو أطلق اللحية حتى الصدر وقصَّر الأكمام وذيل الجلباب أصبح سلفي .. ولو لبس قفطاناً وعِمَّة أصبح أزهري ..ولو لبس بدلة وترك اللحية أصبح سُنِّي .. هذا غير الإخوان والصوفية و..و.. و .. لِمَ لا نقل مسلم وفقط ؟؟!!
فلندع كل هذا جانباً وأدعو كل من لا يقدر على معايشة من حوله بالحسنى وأن يقل خيراً أن يبحث لنفسه عن مكان يعتزل فيه الناس ..
أما عن العلاقة بين الإسلام والمسيحية فقد بدأت منذ أيام رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد تم تبشيره بأنه نبي آخر الزمان من ورقة بن نوفل النصراني وكان ابن عم خديجة رضي الله عنها زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام .. فما أقوى من ترابط بين المسيحية والإسلام غير ذلك .. غير أن نبينا الكريم تزوج من ماريا القبطية من مصر وديننا الحنيف أحل للرجل الزواج من المسيحيات وترك لهم حرية البقاء على دينهم .. وأوضح أنهم هم الأقرب إلينا من اليهود والكفار فقد قال الله تعالى : " ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى " ولم يسيء نبينا الكريم لجاره الكافر الذي كان يرمي على بابه الأوساخ يومياً بل ذهب ليسأل عنه عندما جاء يوماً ولم يكن بالباب ما كان يلقاه كل يوم ليجده مريضاً فيعوده في مرضه .. بأي عين نَقُل أننا مسلمون وسلفيون ونحن لا نهتدي بهديه في معاملتنا مع إخوتنا المسيحيين .. فلتكف ألسنتنا أننا مسلمون حتى نتعلم كيف يكون الإسلام وكيف يكون الاقتداء ..
وما الداعي أصلاً أن نذكر الديانة .. ما المهم أن أعلم أنك مسيحي وتعلم أني مسلمة .. ما دام لي ولك نفس الحقوق والواجبات .. وأن قانوننا لا يُفرق بيني وبينك عند الالتحاق بمدرسة أو طلب وظيفة أو أداء عبادة .. وإن كان في نصوص القانون ما يُخالف ذلك فمن هنا يبدأ الحديث لأنها ربما تكون من السياسات الخاطئة المتعمدة من قبل النظام الفاسد التي قبعت تحته مصر عقوداً ليضع دائماً فتيل الفتنة والشقاق بين عنصري الأمة .. لكي ننشغل دوماً بخلافاتنا فيما بيننا فلا يصبح لنا من الوقت والبال قدراً يكفي لنحاسبهم على تجاوزاتهم التي تتخطى البلاد والعباد .. وقد نجحوا في ذلك حتى الآن ..
ولكن ما أعلمه أني انظر إلى الشخص بأخلاقه وإنجازاته وخبرته وليس بدينه وكما شرفنا أحمد زويل وفاروق الباز في شتى أنحاء العالم .. فإن مجدي يعقوب وهاني عازر رفعوا رأس مصرعالياً أيضاً .. فعندما نذكرهم نقول العلماء المصريون .. وليس المسلم والمسيحي ..
فالأجمل أن أنجح وأصل لأعلى المراتب بجنسيتي ووطنيتي .. أما ديني فبيني وبين ربي .. قال تعالى : " لكم دينكم ولي دين " ..
أنا قبطية مسلمة .. أنا مصرية وكفى ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق