الخميس، 26 مايو 2011

مدرس أمن دولة !!


 http://www.almasryalyoum.com/node/451131

لم أكن لأصدق أن التعذيب الذي كان في أقسام الشرطة ممكن أن يمتد يوماً لفصول المدرسة .. وللأسف لأطفال اعتقد أنهم لم يتجاوز سنهم السادسة وممكن أقل .. عندما كنت أشاهد كليباً تداولته صفحات الفيس بوك أمس وحمل اسم ( نموذج للمدرس القذر – مطلوب القبض عليه فوراً ) كان قلبي يخفق بشدة وأحسست برعب لم أشعر به حين مشاهدة أقوى أفلام الرعب .. ولكن هذا الشعور جاءني مرة عندما شاهدت كليباً لجماعات إرهابية تذبح الرهائن حتى تفصل الرأس عن الجسد ثم تضعه فوق ظهر الجثة ..
الكليب عبارة عن مدرس يجلس ربما في فصل أو في غرفة المدرسين وقد اجتمع أطفال في عمر الزهور بالخارج ليدخل مجموعة منهم تتلوها أخرى ليصححوا واجباتهم .. فيقوم المدرس بعد التصحيح العشوائي ( هو لم يكلف خاطره حتى بالتأكد من صحة ماهو مكتوب في الدفتر ) يقوم بجذب الأطفال من شعرهم أو من ملابسهم ويضربهم بمسطرة خشبية مع كمية من التأنيب والتوبيخ .. وهكذا طفل وراء طفل على مرأى ومسمع من باقي الأطفال .. وجلست أنتظر أن يأتي واحد قد قام بواجبه ليرحمه من الضرب لم يأتي حتى طفل واحد فقط في النهاية !! لا أدري لماذا لم يُضرب ؟! فالجميع نال قسطه من الضرب والسحل والتوبيخ !!
ما أحزنني فعلاًً .. هو إحساس كل طفل يقف بثبات بانتظار دوره واثقاً بأنه لن يحدث معه هذا لأنه قام بواجبه ولكنه في النهاية عوقب ولا يعلم لماذا ؟! والطفلة التي توسلت أن لا يضربها ولم تستسلم له مباشرة فنالت أكبر قسط من ساديته وتعذيبه ..
وما زاد الإحساس بالمرارة هذا القائم بعملية التصوير فقد وصلت به السادية إلى الضحك والتلذذ بمشهد الضرب فلم تهتز له شعرة .. وعندها أتذكر درس الرفق بالحيوان الذي كنا نأخذه ونحن صغار وكيف أن الرجل لقي التوبيخ من كل المارة في الشارع عندما قام بضرب قط أو كلب ..
والسؤال هنا .. ما هذا ؟! هل عقلية أمن الدولة التي ترفع شعار الإرهاب ضد المواطن امتدت لعقلية المعلم الذي كاد أن يكون رسولا ؟! والإجابة هنا كانت خيالاً جامحاً قليلاً .. فقد ذهب عقلي إلى أبعد الحدود أن هناك خطة أمنية من أمن الدولة بمقتضاها يتم تجنيد مدرسين في المدارس يتبعون أسلوب الإرهاب والبلطجة والضرب ضد التلاميذ لينشئوا مرتابين خائفين لا يعلو لهم صوتاً ولا تصل لهم كلمة .. مستسلمين لواقعهم الأليم راضين بما يلقوه من عذاب ومُر خشية التعرض لقمع الحكومة أو بلطجة الشرطة والنظام ..حتى وصلت بخيالي الجامح إلى أن هذا الطفل الذي لم يُضرب قد يكون أحد أولاد ضابط أو مخبر سيذهب ليبلغ والده بأن المدرس قام بواجبه على أكمل وجه وبما أن الخيال هنا قد لعب دوره فإن فكرة أن يكون ابنه أو ابن أحد المدرسين أو الناظر لم تأتي أولاً ..
ولكن أخرج من جموح الخيال هذا بمشهد آخر .. هل كان سيفعل هذا الوحش الضاري ما فعله لو كان التلاميذ في سن الإعدادية أو الثانوية ؟؟ بالطبع لا لأنه إنسان جبان لا يقدر ولا يفتري إلا على من هم أضعف منه .. افترى على أطفال لا يخطر في بالها أنها ممكن أن تجتمع عليه لتنال منه بالضرب دفاعاً عن أنفسهم .. فلو كانوا أكبر سناً لفعلوا ذلك ولانتفضت همتهم كما انتفض شبابنا بالثورة على الطغيان والفساد والتعذيب وإهانة النفس البشرية ..
يحضرني الآن مشهد وأنا في التاسعة من عمري حينما عاقبني المدرس بضربة على يدي لأن زميلة لي غششت من ورقة إجابتي حتى أنها كتبت اسمي على ورقتها .. فقال لي إني أضربك لأنك تركتها تغش ولم تمنعيها فعندها الضرب كان محاولة لغرس الأمانة في نفسي وكان رحيماً مجرد للتوبيخ فقط أمام الجميع في الفصل وليس ألماً جسدياً ..
الكليب حٌمِّلَ على اليوتيوب بتاريخ 24/5/2011 فلابد من البحث عن هذا المدرس الهمجي آكل لحوم البشر ليتم فصله من التدريس نهائياً وحبسه مدة رادعة لأمثاله .. وفي النهاية أقول أن مشكلة التعليم لا تكمن في عدد وجودة المدارس أو في الدروس الخصوصية أو في انخفاض راتب المعلم وإنما في كيفية اختيار هذا المعلم نفسياً والتأكد من ملاءمته لتربية نشأ وللتعامل مع البشر ..
أخيراً أعلم أنها حالات فردية ولكن هذا ما أمكن تصويره وما تمكنا من رؤيته فما بالنا بما خفي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق