بما أننا نعيش جو الامتحانات هذه الأيام فقد تبادر إلى ذهني هذا السؤال بعد ما سمعت هذه العبارة من بعض ممن حولي على سبيل الفكاهة عندما نقارن بين مبارك وبين رؤساء الدول التي مازالت عواصف الثورة تشيل وتحط في أرجاء بلادهم ..
" يااااااه دا مبارك نعمة بقى " " دا إحنا نحمد ربنا عليه " !!!!
وعند إجابتك على هذا السؤال سواء "بنعم " أو "بلا " لابد وأن تلحق الإجابة فوراً بالسبب .. لأنه إذا قلت ( نعم ) فسينهمر عليك وابل من النقد الذي يتخلله قدر من السخرية ( وربما السباب في أحسن الحالات ) وستكون من فلول النظام ومن عناصر الثورة المضادة وربما من مثيري الفتن الطائفية .. وإذا قلت ( لا) مبارك ليس نعمة .. فعندها ستفوز بلقب الثورجي ولكن سيحتار الناس فيك !! أتكون من بتوع ثورة 25 يناير أم من الثورجية اللي بعد 28 يناير أم من بتوع ميدان التحرير أم من بتوع المطالب الفئوية إلى أن ينتهي بك المطاف وتكون زاحف في يوم الزحف ( الذي لم يزحف فيه أحد ) فقط للتظاهر السلمي تضامناً مع الفلسطينيين في ذكرى نكبتهم ..
ونرجع ونقول : ( ليه بيقولوا مبارك نعمة؟) لأن عندما نقارن بينه وبين رئيس تونس نلاقيه قعد ولم يهرب .. وطلع علينا بخطاب أنه سيموت وسيدفن في تراب الوطن وبالتالي فهو المخلص البريء ( أو ربما للإدعاء بالطهر والوطنية ) مش اللص الحرامي اللي سرق البلد وهرب .. هذا من ناحية الشجاعة والبسالة .. أما من ناحية ضرب المتظاهرين فطبعاً هيقولوا نعمة ونعمة ونعمة .. لأن كتائب القذافي بتضرب في الثوار يمين وشمال بقى لهم شهور .. ونفس الوضع في اليمن فقد بدؤوا ثورتهم بعدنا ب 10 أيام تقريباً ومازالوا يعانوا من تسلط وغباء علي عبد الله صالح بل والشرطة والجيش بتضرب في الثوار .. وهذا هو الحال أيضاً في سوريا فشرطتهم وجيشهم لم تخرج لتحرير الجولان بل خرجت لتحرير سوريا من ذوي الأجندات الخارجية والقلة المندسة كما كان يُقال عندنا ..
ولكن وجب هنا التصحيح بدلاً من التعليل .. أن الجيش هو النعمة .. لأن لولا الجيش الباسل الشريف الذي نأى بجانبه أن يُسيل قطرة دم واحدة من أبناء الشعب ( والذي نطمع أن يكون هكذا دائماً ملاذ وملجأ الحق والعدالة و رد ثأر الشهداء والمظلومين ) لولاه لأصبح حالنا الآن كليبيا واليمن وسوريا .. فالجيش هو الذي أجبر مبارك على التنحي بعد 18 يوم فقط من بدء الأحداث وليس هو من اختار التخلي عن السلطة .. فلا نقارن بين مبارك وغيره من الرؤساء بل نقارن بين جيشنا وجيش الدول الأخرى .. لأنه لولا وقوفه إلى جانب الشعب لم تقم لنا ثورة ولم تستقر لنا بلداً ..
ولكن قد يكون نعمة في حالة واحدة فقط بأن لديه قدر من العناد أوصله لحد من الغباء أتاح لنا بكل يوم تأخر فيه عن التخلي عن السلطة اكتشاف المزيد من المصايب والكوارث الذي تسبب فيها هو ونظامه ..
وأخيراً فإن الإجابة عن السؤال قد تتنوع بقدر ما يحمله كل واحد فينا من مرارة وسخط ثلاثين عاماً .. ولكنها في النهاية ستحمل الكثير من أسلوب المصريين الذي يجسد الهم اللي يضحك والهم اللي يبكي ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق