الأحد، 15 مايو 2011

باقي من الزمن .. ساعة !! 15/12/2009


لم أكن لأتخيل يوماً أني سأرى الزمن دون النظر في ساعة أو تقويم .. وأنه بسؤال أي أحد لي عن الوقت , فإني لن أخبره بالساعة والدقيقة وإنما سأخبره بالأيام والسنين .. تلك السنين التي تمر مر الثواني .. فلن يعلم الإنسان أنه قد مرت به سني حياته حتى يجد الخيوط البيض قد غزت مفرقه .. ويا ليتها قد ملأت الرأس من كبرَ السن فقط وإنما قد تكون من عبء المشاكل والتفكير في كل ماضٍ وآتٍ ..

نعم قد رأيت الوقت بأم عيني .. ورأيت العمر في هذه الجالسة هناك  .. ولكن مهما تخيلت كيف هو مكانها ونويت َ الذهاب إليه فلن تصدق أبداً ما رَأَيت .. مكانٌ هي فيه " أبو الهول" جالسٌ دون شكوى .. ما أن تخطو بقدميك لن تصدق أنه يوجد بقعة على الأرض بهذا الشكل وإنما قد تجدها في كتب الأساطير والخرافات .. مكانٌ تبحث لنفسك فيه عن موطأِ قدمٍ دون أن تغوص في مياهٍ راكدة ودون أن تتعرقل في معوقات المخلفات والمهملات التي أصبحت جزءاً من تكوين الأرض .. كلما تخطو متوغلاً في هذا المكان تحس أنك ذاهبٌ إلى النهاية .. نهاية العصر الذي تعيش فيه وبداية عصرٍ فنا منذ آلاف السنين .. لتجد نفسك في المكان الذي لم يشهد الشمس أو الهواء وإنما شهد أطباق الأقمار الصناعية على أسطح كهوفه .. تجد حشراته المعتاد رؤيتها ليست ذباباً أو نملاً وإنما زواحف وقوارض تسير وتزحف بجانب أيدي وأرجل الأطفال الذين اعتادوا رؤيتها ولم يعودوا ليفزعوا منها إلا بعضةٍ أو لدغةٍ .. في عصر الفضاء تسير وسط هذا العالم الذي يشبه العصر الحجري في بدائيته ..تجدها مسالمة على سريرها مُتَرَبِّعة قد أقعدها هَم ومرض الدنيا .. لا تقوى على الحركة حتى لتسقي نفسها .. تنظر في هذا الوجه الذي هو فعلاً ساعة العصر .. تنظر فيه فتعلم كم من الوقت مضى .. وكم من السنين مر .. تجاعيد الوجه أوديةً تحكي كم ضحكت وكم بكت .. كم دهشت وكم عانت .. صوتها الذي هو أنين ٌ بالكاد يُفهم أنه يدعو لك بالسلامة لمجرد الوقوف بجانبها والسؤال عن حالها .. عيناها اللتان تختبئان خلف مرآتين ترى نفسك فيهما ولا تقدر على رؤية لونهما .. ربما ابيضا من كثرة الحزن .. وهاتين اليدان اللتان ارتفعتا في الهواء بالدعاء لي وهما ملطختان بسائل لا أعلم ما هو ربما دواء وربما بشئٍ تصنعه في طبقٍ أمامها وتبيعه ليأتيها بقروشٍ تكفيها سؤال الناس .. وأتساءل : هل لهذه السيدة العجوز المسنة دموعاً مازالت تقدر على ذرفها في أوقات الشدة .. فالواضح أن ليس لها أولاداً لمواساتها وخدمتها في مثل عمرها ..
عنده رأيت الوقت الذي سأكون فيه عندما أكون في سنها .. رأيت نفسي دون أن يمر بي العمر .. ورأيت نفسي وإني غير متأكدة أني سأعيش لهذا العمر .. ولكن ما لم أستطع رؤيته هو المكان والناس .. أين سأكون ؟؟ وهل من أحد سيكون حولي ؟؟ هل سيبكون على حالي ؟؟ هل سيكون معي رفيقي يواسيني ويسمع لي ويفهم مرادي ؟؟ هل سيكون معي الأولاد الذين سهرت عليهم سنيناً ؟؟ أم لم يلبثوا أن ينفضوا من حولي كلٌ مشتغلٌ في حاله ؟؟ ولكن .. لِمَ أتخيل هذا لنفسي الآن فما زلت في بداية العمر ؟! ولكنها علمتني أن الساعة ليست التي تحملها في يدك .. أو التي تعيشها الآن .. وإنما الساعة التي تنتظر قدومها .. هل ستأتيك بما يَسُرُك ؟ أم أن ثِقَلَ مرورها عليك لابد وأن يترك أثره ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق