السبت، 6 فبراير 2016

شبح الموت في فبراير




كما اقترن شهر أبريل بالكذب مزاحاً، اقترن شهر فبراير بالكوارث، إذ لابد وأن يُخَلِّف أثراً لمروره كل عام بترك ذكرى أليمة، ولربما يذكرك الفيلم الشهير ” فبراير الأسود ” بما حوى من كوميديا سوداء لواقع أسود، وكيف أن لا قيمة للعلم والعلماء إلا إذا اقترنوا بأحد يتبع جهة سيادية، أو منتمٍ لمنظومة العدالة، أو  حائزٍ على قدر من الثروات، ولكن لا تبقى المآسي هكذا دوماً تحت السيطرة، فشهر فبراير على مدار الأعوام الأخيرة ترك أشنع وأبشع الكوارث التي راح ضحيتها مئات الأبرياء ..
المركب بتغرق يا قبطان
من سينسى ذلك النداء المثير للذعر والحسرة واليأس في آنٍ معاً، صوت أحد المستغيثين في كابينة القيادة وهو يناجي قبطان السفينة بالكارثة التي ستحل على العبَّارة في لحظات، أبشع كارثة مرت على مصر حملها أيضاً فبراير 2006 ، غرق العبارة “السلام 98″ ، وهي في طريقها من ميناء ضبا السعودي إلى ميناء سفاجا المصري، إذ تجاوز عدد الضحايا الألف غريق بعد انتشار النيران وغرق السفينة في النهاية، لم تكن طفايات الحريق تعمل، ولا مضخات سحب المياه إلى خارج السفينة، حتى ” الرماسات/ مراكب الإنقاذ” هي الأخرى كانت أغلبها ديكور على العبَّارة، مما أدَّى في النهاية إلى اختلال توازنها وتمايلها ثم غرقها ومن عليها إلا قليل، تم إنقاذهم على يد قبطان بنغالي وأطقم إنقاذ سعودية، ولا يبقى من المأساة سوى مشاهد تغزو الذاكرة كل حين في نفس اليوم كل عام، أخشاب تطفو فوق الماء وطيور بحرية تلتهم جثث طافية، ومجرم لم يأخذ عقابه على التقصير في عوامل السلامة، التقصير وانعدام الضمير الذي دفع ثمنه مئات من الأبرياء ..
لسماع اللحظات الأخيرة لغرق العبارة السلام 98 سنة 2006 اضغط هنا 
الإيدز الذي لم يصبح كفتة
قد لا تحمل كل الكوارث قتلى ، ولكن قد تكون الكارثة من خلال المتاجرة بآلام المصابين وآمال المرضى في الشفاء، هذا ما حدث مع إعلان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة عن ” جهاز الكفتة”، كارثة زرع الوهم في نفوس المرضى من جهة المفترض فيها المصداقية والأمانة، كيف لمريض عندئذ ألَّا يأمل في الشفاء ؟! وألَّا يهمل علاجاً لم يبرأ به من مرضه ؟! في الوقت الذي يقوم فيه الجيش والقوات المسلحة بجلالة قدرهما بإعلان اختراع جهاز يشفي من الإيدز وفيروس سي، في فبرير 2014 حاول كثيرون توضيح أن هذا الجهاز المزعوم ليس أكثر من فضيحة لمصر، منهم الدكتور عصام حجي المستشار العلمي للرئيس، إذ وضَّح أن الجهاز لم يتضمن أي تفاصيل علمية صحيحة، وليس على أي أساس علمي واضح، ولم يُنشر في أي دورية علمية مرموقة، ولكن المطبلين لم يستمعوا إلى رأي العلم ولم يروا في الكارثة أي إساءة لصورة مصر، وكم النتائج العكسية على خلفية تلك الفضيحة خصوصاً أن عدلي منصور الرئيس المؤقت ووزير الدفاع السيسي كانا حاضرين في مؤتمر الإعلان عن الجهاز، الذي لم يمر بالمراحل الضرورية التي يستلزمها أي بحث علمي ..
إلا أن اللواء عبد العاطي اتهم كل من يهاجم هذا الاختراع بأنه يعارض القوات المسلحة وإنجازاتها وهو من أعظم الاختراعات”، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية سوف تحتكر هذا النوع من العلاج عن طريق مستشفيات القوات المسلحة.
لمشاهدة فيديو “صباع الكفتة – قمة الإعجاز العلمي ” اضغط هنا 
آدي الجمل وآدي مرتضى منصور
هذا ما قاله مرتضى منصور من قلب ميدان مصطفى محمود وسط الجموع المؤيدة لبقاء الرئيس حسني مبارك، وذلك في تحريض واضح وصريح للانقضاض على معتصمي ميدان التحرير، ثم حدث ما حدث، إنه يوم الأربعاء 2 فبراير 2011، يوم آخر يضاف إلى أجندة فبراير الأسود ، إذ هجم عدد كبير من البلطجية على ظهور الخيول والجمال يرفعون صور للرئيس المخلوع حسني مبارك، ثم حدثت الموقعة التي استمرت ما يقرب من الاثني عشر ساعة متواصلة من تراشق بالحجارة بين الجانبين، وكانت النتيجة سقوط 11 قتيلا و ما لا يقل عن 200 جريح، إنه الحدث الأبرز في ثورة 25 يناير بعد جمعة الغضب، مضى كل ما مضى، وشُوِّهت الثورة وراحت دماء الشهداء هباءاً منثورا، وصار مرتضى منصور نائباً في البرلمان المصري، غير معترف بثورة يناير، ورئيساً للجنة حقوق الإنسان، يالسخرية الجمل !!
لمشاهدة فيديو تحريض مرتضى منصور اضغط هنا
ويوم ما ابطل أشجع بقيت ميت أكيد
إنه هتاف جماهير القلعة الحمراء الذي توقف بالفعل بعد أبشع كارثة رياضية حدثت في تاريخ الرياضة المصرية، إنها مذبحة بورسعيد في فبراير 2012، والذي استبعد كثيرون أن تكون مجرد مأساة جرَّاء أعمال شغب عادية، ورجحوا أن تكون عمل مُخطط له من طرف خفي، إذ تجاوز عدد الضحايا السبعين شهيداً، بعد أن قام مجموعة من مشجعي النادي المصري البورسعيدي باقتحام أرض الملعب، وحصار الجماهير المذعورة التي حاولت الهروب دون جدوى، بعد أن وجدوا بوابات الخروج مغلقة، والتي كشفت التحقيقات فيما بعد أنه تم لحامها من الخارج ..
الموضوع لم يهدأ حتى الذكرى الرابعة للكارثة منذ يومين، إذ تعالت هتافات الألتراس خلال إحيائهم للذكري الرابعة لضحايا “مذبحة استاد بورسعيد” ضد المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق، رئيس المجلس العسكري الذي كان يدير مصر في تلك الفترة، حتى جاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الاثنين 1 فبراير 2016 لروابط “الألتراس” إلى المشاركة في لجان التحقيق بملابسات “مذبحة بورسعيد” وتزويد الرئاسة بما لديهم من معلومات حول هذه المذبحة وتفاصيلها.
والسؤال الآن : هل ستلقى دعوة السيسي للألتراس للمشاركة في لجان التحقيق بملابسات “مذبحة بورسعيد” قبولاً لدى الألتراس ؟! وهل ستؤتي تلك اللجان أُكلها لاكتشاف الفاعل الحقيقي بعد صدور أحكام بالإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة ؟! أم أنَّ نار أهالي الشهداء ستظل ملتهبة تؤجج نيران الحزن والحسرة على فلذات أكبادهن الذين راحوا ضحية حب تشجيع الفريق المفضل لديهم ؟!
للإطلاع على بداية أحداث استاد بورسعيد بعد مباراة المصري والأهلي اضغط هنا
للإطلاع على الفيلم الوثائقي “المجد للشهداء” عن مذبحة بورسعيد على قناة دريم اضغط هنا
استشهد 22 زملكاويا فهاجموا عمر جابر
فُجِعَت مصر في فبراير 2015 بكارثة جديدة وهي استشهاد ما يقرب من 22 مشجِّع لنادي الزمالك قبل دخولهم مبارة الزمالك وإنبي، بداخل السور الحديدي المحاط بالأسلاك الشائكة ( كقفص حديدي )، والذي أقامته الداخلية لتنظيم دخول المشجعين، فحدثت حالة من التدافع الشديد نتيجة الشائعة التى تسربت للجمهور بأن الدخول مجانى، ولكن ما يحاول ألتراس وايت نايتس إثباته ( وهو المرجَّح ) هو أن حادث القتل كان جرَّاء الاختناق من قنابل الغاز التي أطلقتها عناصر التأمين التابعة للداخلية على الجماهير( وهذا ما يتَّضِح جلِيَّاً بالفعل في أحد الفيديوهات)، ولكن الداخلية تنفي تلك الرواية مؤكدة من خلال مصلحة الطب الشرعي أن حوادث القتل نتيجة التدافع فقط، ولم يحدث إطلاق للغاز ، وقتها ترك القائمون على أمر الزمالك المذبحة نفسها وهاجموا اللاعب عمر جابر لرفضه المشاركة في المباراة .
للإطلاع على أبرز ما يتعلَّق بمجزرة الدفاع الجوي اضغط هنا ، واضغط هنا للإطلاع على شهادة أحد الشهود العيان الناجين
المصريين بيقتلوا بعض
دفع الساخر الراحل جلال عامر آخر نفس في حياته حزناً على ما آل إليه حال المصريين، إذ تعرض في 12 فبراير 2012 لأزمة قلبية أنهت حياته، أثناء مشاركته في مظاهرة بمنطقة السيالة بالأسكندرية، التي شهدت اشتباكات عنيفة بين مؤيدي المجلس العسكري وعدد من المتظاهرين، فساءت حالته قهراً على مشهد اقتتال المصريين في الشوارع فلم يتحمل قلبه المسكين، وهذا ما ظهر جَلِيَّاً في إحدى الصور من علامات التأثر الشديد مما شاهد، حد تمتمته أثناء نقله للمستشفى قائلاً : “المصريين بيقتلوا بعض”، لقد طلب الراحل جلال عامر في وصيته الأخيرة التبرع بقرنية عينه لمصابي الثورة الذين فقدوا أعينهم..
الفارس النبيل قال عن نفسه “لكنني صعلوك عابر سبيل، ابن الحارة المصرية، ليس لي صاحب، لذلك كما ظهرت فجأة سوف اختفى فجأة، فحاول تفتكرني”

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق