https://www.e3lam.org/2017/12/10/267642
كنت أنتظر صدور رواية “أحمد مراد” الجديدة، فرواية تحمل اسم مراد يعني أنك تشاهد فيلماً مقروءا أثناء جلوسك ممداً قدميك على مقعدك الأثير في بيتك، فيلم سينمائي تتجسد مشاهده على ورق صفحات الرواية، فبراعة أحمد مراد في السرد وانتقاله بخفة بين اللغتين العامية والفصحى لا يصيبك بأي تشتت، وبالرغم من سلاسة حديث الراوي الذي جاء على لسان البطل وتوافر عنصر التشويق والإثارة (وإن جاء متأخرا)، إلا أن كل تلك الميزات لم تشفع له في روايته الجديدة “موسم صيد الغزلان”.
في البداية سأذكر موجزا ملخصا (دون حرق للأحداث). تدور أحداث الرواية بعد قرون من سنة 2020 حيث الصمت هو لغة البشر، والعدسات المسماة بـ “العين الثالثة” هي وسيلة التواصل بين الناس. بطل الرواية يُدْعى “نديم”، عالم بيولوجيا ودكتور في علم النفس التطوري، ملحد ومؤمن بنظرية داروين. زوجته “مريم” مولعة بالنجوم والكواكب والأبراج. “طارق هارون” وزوجته “تاليا” يمتلكان منزلاً يسميانه “الملاذ”، يقيمان فيه تمارين الاسترخاء والتأمل. تتوالى أحداث الرواية بتورط الزوج الخائن “نديم” في جلسة من جلسات الاسترخاء أثناء سعيه المحموم بالجنس خلف “تاليا/ الغزال الأحمر”، فتتصاعد الأحداث بعد فتح “مسارات الأحلام” في تلك الجلسة التي تمر بثلاث مراحل يتخللها ثلاث موجات: “دلتا، ألفا، ثيتا”؛ ليسافر عبر الزمن من خلال فكرة “تناسخ الأرواح”. قصة الرواية لو كانت تسير في ذلك الاتجاه فقط لكانت الجزء الثاني من رواية “الفيل الأزرق”، ولكي يتجنب مراد ذلك أضاف حفنة من الخيال العلمي، مع كثير من الإلحاد، ونقع ذلك الخليط كله في كمية فجَّة من المشاهد الإباحية.
ستظل تقرأ وتقرأ إلى أن تقارب الربع الأول من الرواية، عدد ضخم من الأسئلة الوجودية التي تدور في عقل “نديم” أو يُلقيها في محاضراته. قد يدور بأذهاننا أسئلة تصنَّف بأنها إلحادية توحي أو تنذر بنقص أو قدح في الإيمان، أو أنها تدور في خلد الأطفال أو في نفس ممن لم تتضح لديهم حقيقة الخلق، ولكنها تبقى مجرد تساؤلات قد ينفضها الشخص إما بالبحث أو بالتبني أو بالرفض. ولكن المشكلة هنا ليست في الأسئلة وإنما في التمادي وكم الابتذال في أسلوب العرض؛ أسلوب استجواب وسخرية، تهكم وتطاول لم يصدر من الشيطان نفسه، والمؤلف يعلم أن شريحة متابعيه من القرَّاء هم الشباب صغار السن، فلقد ألقى عليهم الأسئلة الإلحادية دون هداية، تركهم لا يتقنون العوم في بحر هائج لا منقذ فيه ولا دليل، هذا غير كم الابتذال والتشبيهات المسيئة للرب والتي من المؤكد أن تثير حفيظة ومشاعر المحافظين ممن لا يستطيع تنحية معتقداته الدينية أثناء القراءة، (ربما لأن الإله..لا دين له؟) قفز إلى ذهني مباشرة بمجرد قراءة تلك الجملة؛ عبارة (الإرهاب لا دين له).
كنت أنتظر صدور رواية “أحمد مراد” الجديدة، فرواية تحمل اسم مراد يعني أنك تشاهد فيلماً مقروءا أثناء جلوسك ممداً قدميك على مقعدك الأثير في بيتك، فيلم سينمائي تتجسد مشاهده على ورق صفحات الرواية، فبراعة أحمد مراد في السرد وانتقاله بخفة بين اللغتين العامية والفصحى لا يصيبك بأي تشتت، وبالرغم من سلاسة حديث الراوي الذي جاء على لسان البطل وتوافر عنصر التشويق والإثارة (وإن جاء متأخرا)، إلا أن كل تلك الميزات لم تشفع له في روايته الجديدة “موسم صيد الغزلان”.
في البداية سأذكر موجزا ملخصا (دون حرق للأحداث). تدور أحداث الرواية بعد قرون من سنة 2020 حيث الصمت هو لغة البشر، والعدسات المسماة بـ “العين الثالثة” هي وسيلة التواصل بين الناس. بطل الرواية يُدْعى “نديم”، عالم بيولوجيا ودكتور في علم النفس التطوري، ملحد ومؤمن بنظرية داروين. زوجته “مريم” مولعة بالنجوم والكواكب والأبراج. “طارق هارون” وزوجته “تاليا” يمتلكان منزلاً يسميانه “الملاذ”، يقيمان فيه تمارين الاسترخاء والتأمل. تتوالى أحداث الرواية بتورط الزوج الخائن “نديم” في جلسة من جلسات الاسترخاء أثناء سعيه المحموم بالجنس خلف “تاليا/ الغزال الأحمر”، فتتصاعد الأحداث بعد فتح “مسارات الأحلام” في تلك الجلسة التي تمر بثلاث مراحل يتخللها ثلاث موجات: “دلتا، ألفا، ثيتا”؛ ليسافر عبر الزمن من خلال فكرة “تناسخ الأرواح”. قصة الرواية لو كانت تسير في ذلك الاتجاه فقط لكانت الجزء الثاني من رواية “الفيل الأزرق”، ولكي يتجنب مراد ذلك أضاف حفنة من الخيال العلمي، مع كثير من الإلحاد، ونقع ذلك الخليط كله في كمية فجَّة من المشاهد الإباحية.
ستظل تقرأ وتقرأ إلى أن تقارب الربع الأول من الرواية، عدد ضخم من الأسئلة الوجودية التي تدور في عقل “نديم” أو يُلقيها في محاضراته. قد يدور بأذهاننا أسئلة تصنَّف بأنها إلحادية توحي أو تنذر بنقص أو قدح في الإيمان، أو أنها تدور في خلد الأطفال أو في نفس ممن لم تتضح لديهم حقيقة الخلق، ولكنها تبقى مجرد تساؤلات قد ينفضها الشخص إما بالبحث أو بالتبني أو بالرفض. ولكن المشكلة هنا ليست في الأسئلة وإنما في التمادي وكم الابتذال في أسلوب العرض؛ أسلوب استجواب وسخرية، تهكم وتطاول لم يصدر من الشيطان نفسه، والمؤلف يعلم أن شريحة متابعيه من القرَّاء هم الشباب صغار السن، فلقد ألقى عليهم الأسئلة الإلحادية دون هداية، تركهم لا يتقنون العوم في بحر هائج لا منقذ فيه ولا دليل، هذا غير كم الابتذال والتشبيهات المسيئة للرب والتي من المؤكد أن تثير حفيظة ومشاعر المحافظين ممن لا يستطيع تنحية معتقداته الدينية أثناء القراءة، (ربما لأن الإله..لا دين له؟) قفز إلى ذهني مباشرة بمجرد قراءة تلك الجملة؛ عبارة (الإرهاب لا دين له).
تكنولوجيا المستقبل في الرواية كانت في إطار من التنبؤ والخيال العلمي أو الخرافات. إمكانية تصميم أجنة الأطفال أصحاء وعباقرة، إمكانية تسجيل الأحلام واسترجاعها، سفر الأغنياء إلى الفضاء لرؤية المذنب والتقاط الصور التذكارية، زراعة شرائح تحت الجلد وزرع مهارات حسية في المخ ببرمجة عقلية لتعلم الموسيقى، روبوتات لإنجاز المهام المنزلية، وأخرى لأداء مهام العاهرات الساقطات، التنبؤ بتوقف إنتاج التبغ، جفاف حوض النيل، واعتبار زجاجات مياه الشرب النظيفة الوسيلة المثلى للرشوة.
أما الحديث عن الجنس جاء مكثَّفا مثيرا للاشمئزاز، كان لابد أن يُوضع على الرواية تصنيف عمري “زائد 18″، وإن كان هذا التصنيف سيجذب المزيد من المراهقين، سمَّى بيت الدعارة “بيت الحور”، وجعل البطل يضاجع نصف صديقات زوجته، ينظر لكل امرأة على أنها غزالة تستحق أو تريد الصيد، حشا صفحات الفصل الواحد بـ “إرشادات أو نصائح” لصيد الغزلان بنظرة شهوانية للمرأة داخل عقل متحرش مهووس، هذا الكم من التجاوز لم يقطع استرسال القارئ فقط، وإنما اعتبره عهر أخلاقي ليس له علاقة بحرية الإبداع ولا يُصَنَّف أدباً.
أحس القارئ أحيانا بإعادة وتكرار الفكرة وصياغتها بأكثر من أسلوب مما جعل بعض الرتابة تتخلل استرسال القراءة، وأحس أحياناً أيضاً بمحاولة الكاتب استخدام الرمزية كما في أعمال “دان براون/ مؤلف شيفرة دافنتشي”، ولكن هذا لا يمنع وجود فقرات بلغة بليغة، أحدها مشهد تقمص “نديم” للشيطان وذكر قصة الخلق وعصيان الشيطان لأمر السجود لآدم، هذا بالإضافة إلى تصاعد وتيرة التشويق التي تبدأ في النصف الثاني من الرواية والتي تأتي بنهاية صادمة لسلسلة من الأحداث في جو من تناسخ الأرواح.
بالرغم من أن فكرة السفر عبر الزمن تجذب شغف القراء، العودة إلى العصور السابقة والذهاب نحو المستقبل؛ إلَّا أن أحمد مراد قد أخفق بتغليفها بهذا القدر من الإلحاد والجنس، أعتقد أن أحمد مراد فقد جزءا من رصيده بعد فيلم الأصليين، وفقد جزءا أكبر بعد صدور تلك الرواية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق