الجمعة، 20 يوليو 2018

الأبنودي.. شاعر القرية ولسان المطحونين

تحل اليوم ذكرى ميلاد صوت الربابة وأبرز شعراء العامية المصرية، الشاعر المصري الأصيل عبد الرحمن الأبنودي، واحد ممن اهتموا بأدب القرية، وأشد من أخلص لجذوره الصعيدية السمراء.
عبد الرحمن الأبنودي هو ابن الشيخ محمود الأبنودي، عمل والده مدرسا وإماما ومأذونا شرعيا وكاتبا للشعر، فقرأ شعر والده ثم اختار العامية في كتابة شعره رغبة منه في إيصال الكلمة لبسطاء القرية، كان طموحه جبارا يريد إثبات ذاته وتحقيق آماله، برز اهتمامه بالأدب من صغر سنه، فألقى الخطب في السنة الثالثة الابتدائية، وحمل عظيم التبجيل لأساتذته مدينا بالفضل لهم في حسن القراءة والإلقاء والأداء، حتى وقوع العدوان الثلاثي على مصر وهو السبب الرئيسي في تفجر موهبته في كتابة الشعر.
كان الأبنودي ابنا للقرية اشتغل منذ طفولته مثل أي فقير متحملا المسؤولية، مارس في طفولته رعي الغنم وجني القطن، وكان عظيم الامتنان لتلك المهن، وبالرغم أنها كانت على ما تبدو فترات من اللهو واللعب بالنسبة لطفل إلا أنها كانت مليئة بفترات من التأمل التي كونت لديه مخزونا ضخما من التجارب والخبرات، ومع ذلك لم يكن طفلا سهلا فعاش مشاغبا متمردا، فأصبح مدينا لطفولته بما فيها من مشاق وصعاب أدت إلى صقل شخصيته.
كان عظيم الاعتزاز بالقرية شديد الارتباط بها فعاش كل تفاصيلها، حتى أنه وصف انتقاله من قريته “أبنود” إلى “قنا” بانتزاع النبات من الأرض، قدم الفلكلور الغنائي وكون ميراثا كبيرا من التراث الصعيدي، كان مميزا بطريقة إلقائه للشعر، له العديد من الدواوين الشعرية التي تجاوز عددها العشرين ديوانا، كما له العديد من القصائد إبان ثورة يناير، وبالطبع “السيرة الهلالية” التي جمعها من شعراء الصعيد، وأهم كتبه هو كتاب ” أيامي الحلوة” في ثلاثة أجزاء تضم العديد من مظاهر الحياة في الصعيد، العادات والتقاليد القديمة، طقوس المناسبات، ومكونات المنازل، والصناعات اليدوية، وطرق إعداد الطعام، كما أنه اشترك مع زوجته الإعلامية نهال كمال في تسجيل برنامج تليفزيوني يحمل نفس اسم الكتاب “أيامي الحلوة” يقص فيه حكاياته تلك عن الصعيد في جو مرح من استعادة الذكريات.
تمتع “الخال” بدمه الخفيف وتلقائيته النادرة وبساطته المعهودة، وركز في شعره على إبراز القيم الجميلة وهموم الناس وبيروقراطية الحكم، وتميزت العديد من قصائده وكلماته التي تغنى بها المطربين المصريين والعرب بالجمع ما بين اللوعة والحزن والحيرة وبين الحب والسعادة والانطلاق في نفس الوقت، وعلى غرار ذلك الدمج النادر كانت قصة ولادته الدرامية النادرة التي قصتها عليه والدته الست “فاطمة قنديل”، إذ قامت بولادته بعد رحلة سفر طويلة شاقة مهلكة من قرية “نجادة” إلى “أبنود”؛ على عتبة البيت بقولها: “رِجل برَّه ورِجل جوَّه، رجلك حابة الدنيا خالص، لكن ما عندكش مانع تهرب منها في أي وقت” فكان محبا للحياة ولم يكن يلتفت للموت..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق