الخميس، 28 فبراير 2019

أن تكون في محيط رمسيس!


https://web.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D9%8A%D8%B7-%D8%B1%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B3/10156039337756696/
بعد أن شاهدت بالأمس المشاهد الكارثية لاصطدام واشتعال قطار برصيف 6 في محطة مصر، تذكرت أني تواجدت في منطقة رمسيس الأسبوع الماضي في محيط صيدلية الإسعاف، واكب إحساسي (بأني كنت هناك) فضفضة الكثيرين عن العناية الإلهية التي أحاطتهم بعدما كان يفصل بينهم وبين تلك النهاية المأساوية مجرد دقائق معدودة.


إنه لأمر مُفزعٌ حقا أن يتخيَّل الإنسان نفسه أحد تلك الجثامين المتفحمة، أو تلك السيدة التي اشتعلت النار بحجابها من خلفها، أو ذاك المذعور جرَّاء صوت الانفجار يجُر زوجته أو أخته هربا من المجهول، أو أولئك الذين تلتهم النيران جلودهم يهيمون على وجوههم والجميع مذعورون منهم إلا رحيم واحد يهرع إليهم يُطفئهم بما استطاع حمله في "جركن" مياه..
مجرد متابعة تلك المشاهد المؤلمة يعصر الفؤاد ويُعيي النفس هذا حالي وأنا من قاطني دمياط (أو "الأقاليم" كما يحب أن يطلق القاهريون عليها وعلى غيرها من باقي المحافظات) لست موظفة أخرج في ساعات ذروة المرور أنتظر أتوبيسات هيئة النقل العام أو ميكروباص من ميكروباصات الخط، لا أعاني أدخنة عوادم السيارات ولا تكدس الأجساد في وسائل المواصلات، لم أركب مترو الأنفاق ولا قطار منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، هذا كله وقد دب رعب في قلبي لمجرد أني تواجدت منذ أسبوع ولمجرد دقائق في منطقة حدثت كارثة في نقطة ما فيها، فما بالنا بأولئك الذين تدب أقدامهم يوميا ذهابا وإيابا في محطة مصر، يستغنون بأجرتها المتواضعة عن غلاء باقي وسائل المواصلات خاصة بين المحافظات، فالأرض التي حدثت فيها الكارثة الإنسانية هي همزة الوصل بينهم وبين بيوتهم ومقار عملهم ودراستهم ووجهات مصالحهم، ولا سبيل آخر لهم غير تلك المنطقة المنكوبة بالأمس، هم بالتأكيد توجهوا لركوب القطار اليوم وسيتوجهون لركوبه غدا وبعد غد، هم بالتأكيد تخيلوا أنفسهم مكان الضحايا، أو بالأحرى ينتظرون دورهم..
ومع كل هذا القهر والألم والذهول والرعب من غموض الحادث نجد بعض الآراء الشاذة التي أخذت على عاتقها منذ اللحظات الأولى الدفاع عن قضايا فرعية في خضم المجزرة، فتجد من يطالب بمحاسبة المسؤول عن تسريب فيديو كاميرا المراقبة للمشاهد الأولى للحريق، بحجة أن مشاهدة هذا الفيديو من اختصاص جهات التحقيق فقط، بينما لم يتورع هو ذات الشخص عن المبادرة بنشر الفيديو الذي يوضح سبب الحادث متناسيا رأيه منذ البداية من عدم مهنية المسؤول ولا إنسانية متابعي السوشيال ميديا لترويج الفيديو، وبالطبع فقد هلل ونشر وكتب عن اللقاء التليفزيوني الذي قدم السائق المتهم للمجتمع!
وآخرون طبعا رفعوا راية الحرب على الإخوان وفي مقدمتها القنوات الفضائية التي كان جزءا كبيرا من تغطيتها الإعلامية هو التأكيد على جرائم الإخوان محاولة الإيهام بأنها قد تكون مدبرة بيد سائق إخواني، والاستماتة في إثبات فبركة شبكة رصد لفيديو الرئيس السيسي الخاص بكلمته عن توفير مليارات تطوير السكك الحديدية، والتأكيد على جدية الدولة في تطوير منظومة النقل وهيئة السكك الحديدية، ولم يسأل أحدهم نفسه عن أي دلالة أو أمارة عن ماهية هذا التطوير وقد خلت المحطة ليس من نظام إطفاء سريع فقط، بل من مجرد طفاية حريق واحدة.

مثل هذا النمط في التناول الإعلامي من محاولة تفتيت الحقيقة الواحدة للحدث، وإبراز بعض النماذج الشاذة التي فقدت آدميتها في أحلك اللحظات، يشتت التركيز عن أدنى درجات التعاطف والمشاركة الإنسانية في أقسى وأشد الأوقات التي يحتاج فيها المنكوبون كل المواساة والمؤازرة، رحم الله الأموات والأحياء.

الأربعاء، 20 فبراير 2019

كحل وحبهان


- " يقول العلم إن رائحة ما بعد المطر الساحرة هي رائحة بكتيريا مخبأة في حويصلات النبات الجافة التي تنفجر بعد امتلائها بالماء بفعل المطر. ويقول قلبي إنها رائحة الحقيقة؛ عناق المطر والتراب هو رائحة الحياة في صورتها الأولى، البداية حيث لا شيء سوى الله، وبعض الطمي ومحبة جعلته يتحرك"..


- "يوترني عدم قدرتي على تحديد ما إذا كانت جملة (إنت عقلك أكبر من سنك) هي جملة مدح أم ذم!"..

- "أستمتع بتأنيب الضمير لكن يوترني أنني أعيد أخطائي بالإتقان نفسه"..


- "محدش واخد منها حاجة غير اللقمتين"..



- "يتوقف طعم الطبخة على مذاق الشوربة، مثلما يتوقف أثر العطر على رائحة الجلد نفسه"..


- "اعتزلت الجدة المطبخ لأنها لم تعد تعثر على ما يساعدها في الوصول إلى المذاق المحفور في ذاكرتها"..


آســفــــــة

آسفـة عَ اللي قُلْته واللي ما قُلْتوش
آسفـة عَ العُمْر اللي ما عِشْتـُــــوش
آسفـة يــا وقـــت فــــات بــــَــــدْرِي
آسفـة عَ القَطْر اللي ما لْحِقْتـُــــوش
آسفة على العيشـــة وعَ العِشْـــــرة
آسفة يا عِشـــق كــــان فكــــــرة
آسفة من امبـــارح ومن بكــــرة
آسفة عَ القلب اللي ماسْكِنْتــوش
آسفـة عَ الدَّمْـع اللي كـان أنْـهَــــار
آسفـة عَ الحُضن اللي لمَّا انـْهَــــار
آسفـة عَ الحُـزْن لِيـل  ونْهـَــــــــار
آسفـة على الحلو اللي مادُقْتُـــوش
آسفة على الهمس اللي كان غنـوة
آسفـة على الضَّعْف اللي كان قـُـوة
آسفـة عليـَّا ويِمْكِــن عليــه هُــــــوَّ
آسفـة عَ الحُـب اللِّي ما كْسِبْتُــوش

السبت، 16 فبراير 2019

جورج أورويل مؤلف كل العصور

https://www.goodreads.com/review/show/2516938454
https://www.goodreads.com/review/show/1115161470

https://web.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%A4%D9%84%D9%81-%D9%83%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D9%88%D8%B1/10156016450991696/
رواية "1984" ، ورواية "مزرعة الحيوان" للمؤلف جورج أورويل، تتناول الروايتان الأنظمة الديكتاتورية ومحاولة الثورة عليها..



"انتبه الأخ الكبير يراقبك" عبارة تكررت في رواية 1984، تناقش الرواية حكم الأنظمة القمعية في حياة المواطنين، من خلال شرطة الفكر التي تراقب كل مواطن حتى أعضاء الحزب الحاكم أنفسهم، من خلال شاشات مراقبة وكاميرات وميكروفونات في كل ركن من أركان البيت..


لا يوجد مكان للحب، ولا الصداقات، كل العلاقات تحت مظلة الحزب الحاكم وبشعاراته وفقط، يتم محو الماضي بإعدام أي وثائق تؤرخا الأحداث أو حتى الأخبار، وخلق مفهوم التفكير المزدوج، بأن تعي الفكرة وفي نفس الوقت تؤمن بنقيضها وبمنتهى القناعة..
 الحرب هي السلام .. الحرية هي العبودية.. الجهل هو القوة!! 


الرواية سياسية خيالية وبالرغم من أن نشرها كان في سنة 1949 إلَّا أنها تصوَّر 
مدى قمع الأنظمة العسكرية الحاكمة لشعوبها في أيامنا تلك، ومدى جبروت الحكم الديكتاتوري ورغبته الشديدة في تجهيل العامة وخداعهم بحروب وهمية! 


برع "أورويل" في استخدام المصطلحات المتناقضة للإشارة إلى نقائض الحقائق :
سمَّى وزارة الاقتصاد التي تجوِّع الناس بوزارة الوفرة..
وزارة الداخلية بتعذيبها الممنهج وزارة الحب ..
ووزارة الإعلام اللي بتروج الأكاذيب بوزارة الحقيقة ..

الرواية مليئة بعبارات تصلح للاقتباس في كل وقت لأنها تتطابق إلى حد كبير مع واقع عديد من الدول ومنها بلدنا مصر !
الغريب أن من سنوات قليلة تم القبض على طالب جامعي بتهمة حيازة رواية 1984 واللطيف أن الصفحة الرسمية للأديب البريطاني الراحل، جورج أورويل على فيسبوك نشرت خبر القبض على الطالب!


أما رواية مزرعة الحيوان اللي نُشِرت سنة 1945 تعرض ثورة حيوانات مزرعة "مستر جونز" بسبب قسوته وظلمه، وتمكنها من طرده خارج مزرعته، وكان يرأس تلك الحيوانات مجموعة من الخنازير التي تولت مهام الإدارة والتنظيم ووضع مبادئ الإخلاص والتفاني والعدل والمحبة.


لكن ذات الخنازير سبقت باقي الحيوانات في عدم الالتزام بمبادئ الثورة، واستعبدت الحيوانات الأخرى وجوَّعتها وصادرت كل حقوقها!
الرواية تعرض السبب الرئيسي لفشل الثورات وهو فساد وطمع قادتها.
جورج أورويل رمز للأمن البلطجي بالكلاب، ولم ينسَ أن يذكر في هذه الرواية أيضا  الإعلام الذي يبرر كل أخطاء السلطة..
الرواية رمز ممتاز للمجتمعات التي تقوم على القهر والظلم والفساد ومحاولة الثورة عليها.

يسري فوده "في طريق الأذى - من معاقل القاعدة إلى حواضن داعش"

https://www.goodreads.com/review/show/2717715153
https://web.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D9%8A%D8%B3%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%88%D8%AF%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B0%D9%89-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B6%D9%86-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4/10156016461986696/ الكتاب يؤرخ أكبر وأهم حدث هز العالم كله، وهو تفجير بُرجي مركز التجارة العالمي في أمريكا، في العملية المسماة بـ "غزوة منهاتن"، أدرج اسمي منفذي العملية في هجمتين بطائراتين وهما "محمد عطا" و"زياد الجرَّاح".
حدث أن تم اتهام يسري فوده بالولاء لتنظيم "إرهابي"بعدما رفض الكشف عن مصادر سبقه الصحفي، الكتاب يُلقي الضوءعلى تطور حركة الجهاد العالمي بأسلوب بوليسي مغامراتي ودرامي، وبجمل أدبية سلسة للقراءة وموثقة بصور ومستندات وخرائط، بمنتهى المهنية والحرفية..

الكتاب مُكَوَّن من قسمين:
القسم الأول عبارة عن مغامرة يسري فوده لباكستان .. للقاعدة..
 والسبق الصحفي العالمي الذي نتج عن هذا اللقاء كان عبارة عن تسجيلات صوتية، والتي كانت أثمن من أي معلومات لدى أعظم قوى في العالم..

في هذا القسم يحكي فوده عن حجم الخطر الذي كان فيه و سلسلة الإجراءات التضليلية المتبعة، وكيفية التمويه من خلال القيادة في شوارع كراتشي أثناء وضع عصابة على عينيه للقاء اتنين من العقول المُدبِّرة لهجمات 11 سبتمبر، "خالد شيخ محمد" و"رمزي بن الشيبة" الذين رأوْا في فوده الإرهابي المثالي “ لتكليفه بمهمة توصيل صوتهم للعالم!


أما القسم الثاني فهو عبارة عن محاولة فوده الفاشلة للقاء القائد العسكرى لجماعة «الجيش الإسلامى فى العراق»، وكيفية التسلل للأراضي العراقية على يد مجموعة من المهربين خلال الحدود السورية، مثله مثل آلاف المقاتلين الذين دخلوا العراق بعد الغزو الأمريكي!

كثيرون رأوْا أن عنوان الكتاب جاء مخادعا بعض الشيء، خاصة بالنسبة للقسم الثاني، فكثيرون ظنوا أنهم سيقرؤون تحليلات عن كيف كانت القاعدة نواة لداعش، لكن هذا القسم جاء خاليا من أي تحليلات، أو جزم بأن داعش مجرد امتداد أكثر دموية من القاعدة، أو أن ظروف المنطقة هي السبب كونها بيئة خصبة لاحتضان داعشأو أنها صنيعة مخابراتية" مثلما يعتبرها كثيرون ..

فجاء رأي كثير من القرّاء أن الكتاب ليس أكثر من سرد لتجربة خطيرة خاضها صحفي، أو أن الكتاب لم يذكر جديدا عما عرضه يسري فوده في برنامجه "سري للغاية" عن هجمات 11سبتمبر، ولكن يسري فوده بنفسه ردَّ على هذا الرأي بأن الكتاب عبارة عن توثيق باللغة العربية ولأول مرة لحقائق تاريخية هزت العالم، إذ يعتبر مرجع لكل من أراد أن يسلك طريق الصحافة الاستقصائية..


يتميز أسلوب 
يسري فوده بالتماسك والتشويق، وبسلاسته المعهودة ولغته العربية الرصينة يستطيع أن يخلق عند القارئ دافع للاستمتاع بالقراءة، حتى ولو كان عنده علم مسبق بأغلب المعلومات التي وردت في الكتاب، الكتاب من إصدار دار الشروق لسنة 2015..


"كحل وحبهان"..طاجن روائي متكامل من مطبخ الأدب

https://www.e3lam.org/2019/02/16/403476/?fbclid=IwAR1J_ciidh4ozU4Ld5NVS3liabXJOKH2jupqLSBoBxkM7QzFiLYoI5m1KzU
https://www.goodreads.com/review/show/2717748894?book_show_action=false&from_review_page=1 تشترك حواسنا الخمس في استرجاع ذكرى كل تفصيلة في حياتنا، الصبر على المشاق، مرارة الانتظار، الإخلاص والغدر، الانتصارات والإحباطات والهزائم، مشاعر الحب والإعجاب، الطفولة والمراهقة، النضوج والاستقلال عن الأهل، هناك طعم ورائحة لكل شيء، وفي رواية "كحل وحبهان" الصادرة حديثا عن دار "الكرمة للنشر" يُعد لنا عمر طاهر طاجناً دسماً من هذه الذكريات.


"كحل وحبهان" وجبة متكاملة من نوستالجيا الثمانينيات، وهو الحقل الذي يُجيد فيه طاهر الغرس والحرث، إذ يغرس لدى قرائه بذور الذكريات الجميلة لونا وطعما ورائحة، ثم يحرث دفئا وحنينا وسعادة واسترخاء، يُفسح للأغنية مجالا واسعا، فأغاني محمد منير، ومحرم فؤاد، وعلي الحجار، وفايزة أحمد، وميادة الحناوي وعدد من الأغاني النادرة تُكَوِّن خلفية غنائية بديعة للعديد من المواقف الإنسانية اللطيفة، وكعادة طاهر في أعماله الأدبية؛ فإنه لا تمضِ بضعة أسطر إلا ويترك ابتسامة رائقة على ثغر القارئ.

زمن ومكان الرواية يتنقل ما بين القاهرة 2008 وبين استطعام ذكريات الصبا في الثمانينيات، ما بين عبد الله الذي يعجب بزميلته في العمل؛ "صافية"؛ لمجرد أن أهدته معجنات بالقرفة، وبين ذكرياته صبي مراهق يُدعى "سيسكو"، يحب "سحر"ابنة الجيران. "سيسكو/عبد الله" كان يمتلك معدة ثور هائج، أكول وهمه على بطنه، جوعان دائما يحتار ويُحَيِّر من معه فيما يجب أن يأكله، تؤلمه معدته إذا اقترب منه التوتر، يحلم بفتاة "تفتح نفسه"، ولعبته المفضلة هي التمهل أثناء صعود طبقات عمارته أمام شباك مطبخ كل شقة ليستكشف طعام كل بيت، يخاف من احتقان اللوزتين خشية الوقوع ضحية لطعام المرضى، يجد الونس في الطعام مع الصحبة، ومفتاحه الوحيد لاستعادة الحياة في استعادة الشهية.

مقادير الرواية:
- سنوات الطفولة والصبا والمراهقة والشباب
- بيت العائلة وحُضن الجدة وحِصن الخال وونس الجيران
- رائحة الطبخ وسماع الراديو وطعم ساندويتشات المدرسة

- وحفنة من نوستالجيا الأشياء:
كرتونة شرائط الكاسيت، سخان المصانع الحربية، القلم "الفرنساوي" الأزرق، كيس الساندويتشات البلاستيك، جهاز الأتاري، كاسيت "باناسونيك" ستريو ببابين و "الووكمان الباناسونيك"، البيجاما "الكستور" المُقَلَّمَة، المِقْلَمة المعدنية المرسوم عليها خريطة العالم، قلم الرصاص بـ"السنون"، شريط الـ "ريفو"، ومجلة "المصور"، التليفون الرمادي ذو القرص الدوَّار بزنته الأثيرة، اللمبة السهاري، رقعة بنك الحظ، ورقعة السلم والثعبان، الراديو والجراب الجلدي البني، كسوة التليفزيون من قطعة ملابس قديمة..

- وحفنة من نوستالجيا الروائح:
رائحة طشة الملوخية، أدخنة التحمير، كولونيا الليمون وكولونيا "أولد سبايس"، رائحة الكتب المدرسية الجديدة يوم استلامها..

- وحفنة من نوستالجيا الطعام:
لقمة "ودن القطة"، مصمصة أجنحة الدجاج والرقبة، قرقوشة فخذ الدجاجة، والتهام الكبد والقوانص المسلوقة، شاي ما بعد الغذاء، إفطار يوم الجمعة، الجبنة "النستو"، مربى مشكل "قها"، كوب الشاي باللبن، لِبَان "كوكوواوا"، زجاجات "السبورت كولا" و"الكراش"، التصاق بواقي النوجا "الروكيت" في الضروس..

- وحفنة من نوستالجيا الأماكن:
عمرأفندي، صيدناوي، منفذ بيع التموين ببطاقة التموين، نادي الشبان المسلمين، سينما قصر الثقافة، الحلواني والاستوديو، البقالة والكوافير والمكوجي..

- وحفنة من نوستالجيا الممارسات:
هواية جمع الطوابع، تجليد الكراسات، دق جرس الحصة الأخيرة في المدرسة، تتر برنامج الشيخ الشعراوي، برنامج ع "الناصية..


يُخبرنا طاهر من خلال الرواية ضرورة ملاءمة كل وجبة للحدث الملازم لها، آداب المائدة ووصايا الطعام، درس خصوصي عن متع النظر إلى الطعام وشمِّه ومضغه وبلعه، سر اختيار "العيش والملح" للتعبير عن الإخلاص، الفرق بين الأكول والذواق، الفرق بين إدمان القهوة والغرام بالقهوة، محاولة الوصول إلى كيفية ظهور فكرة أكل اللحوم، شهوة استطعام المحشي، وترنيمة في حب الباذنجان والتغزل في "المسقعة"، لعبة رائحة المشاهير، عن حلاوة طعام الأم منقطعة النظير، وكيف يكون التهام الطعام أو مجافاته دليلا على الاكتئاب، صحبة الأب والأم التي ليس ما بعدها صحبة. 

اقتباسات:
- "يقع الشخص في غرام المشقة إذا عرف الطريق"..
- "السعادة عايزه حرامية، لأنها ما بتجيش غير سرقة"..
- "خُلِقَت الحياة من أجل واحد ثم اقتضت الحكمة أنه من الأفضل أن تتم قسمتها على اثنين"..
- "الرائحة هي الذكريات"..

الخميس، 14 فبراير 2019

عيدك في الجنة يا ماما

https://www.e3lam.org/2019/02/04/398918/
https://web.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%B9%D9%8A%D8%AF%D9%83-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D8%A7%D9%85%D8%A7/10156013072721696/



تكررت الوفيات في أقربائنا لفترات متصلة، وأثناء حضوري لجنازة أحد هؤلاء الأقارب وجدتني أتساءل عما نفعل في هذه الدنيا! نعيش لنتفرَّج على بعضنا البعض؛ نمرض ونموت ثم يدفن أحدنا الآخر، بئس تلك الحياة! خيَّم علينا الحزن من جديد، حزن على من تقع تحت قدميها الجنة، كان مختلفا، حزن مشوب براحة، حزن مفاجئ بالرغم أن النهاية كانت محتومة، عاجلة أو آجلة، كانت محتومة ولكنها جاءت سريعة جداَ أو بالأصح أسرع مما ظننت!
“بطني.. بطني.. بـــاطنـــااااااي” تنادي على بطنها تتوسلها الرحمة، أو تندبها وتندب ما جرى لها من آلام لم تكن على البال ولا على الخاطر، كان صوت صراخها يشق صدري بل ويقلع قلبي من بين ضلوعي، أنا التي أخفيت عنها طبيعة مرضها، فعلم الجميع وهي لم تعلم، كنت أُوصِي النسمة التي ستمر بها بكتمان سر نوع المرض، كنت أشك أن وقع على سمعها أصداء همسنا، ولكني أعتقد أن خيالها لم يكن ليجعلها تظن أنها مريضة سرطان، وهي التي كانت طوال حياتها تخشى ذكر اسمه وكانت تطلق عليه “المرض الوِحِش”.
أمي بطلة كأبطال مستشفى 57357، وبالرغم من خسارتها الحرب أمام المرض اللعين؛ إلَّا أنها صارعته بقوة حتى مرحلته الرابعة، صبرت على فقد الوزن والشهية وتحجر البطن والانسدادات المعوية وارتباك عمليات الهضم، لم تفقد ابتسامتها وبشاشة وجهها، لم تفقد حس الدعابة في أقسى لحظات التقلص والمغص، بل شاركتنا في محاولات جذب انتباهها وإنعاش حالتها النفسية، لم تفقد ذاكرة معلمة التاريخ فكانت تجيب أسئلة التاريخ في برنامج “العباقرة”، لم تفقد خوفها وقلقها على أولادها وأولاد أولادها؛ فأوصت الكل على حاله وماله وعياله، وكانت تسارع بتقديم الامتنان والشكر لكل يد تمتد لمساعدتها.
كنت إذا أخذت بيدها إلى التواليت تقول: “معلش تعبتك!”.. وكانت إجابتي دوما: “ماتقوليش كده يا ماما، طول عمرك تعبانة علشاني مش عاوزاني أردلك جزء من اللي عملتيه؟!.. ادعيلي يا ماما”.. فترد: “ربنا يصلح حالك ويهديلك أولادك”. لو أقمت لها ظهرها من وضع النوم، أو حملتها من تحت ذراعيها تقول: “حاسبي ظهرك” ! في عز صراعها مع المرض كانت قلقة عليَّ وعلى ظهري!، لو ارتطمت يدي في شيء؛ تصرخ وتقول: “اتعورتي؟ّ!!”، غريبة هي أمي؛ قلقة على يدي من لاشيء في عز آلام غرز الجراحة في بطنها!
كانت تكره المستشفى ولا تطيق الجلوس فيها لساعة واحدة، فتُصرّ على المغادرة وتفقد تركيزها فتكرر الأسئلة: “الدكتور جاي؟”، “المحلول خِلِص؟”، “هَنْرَوَّح إمتى؟”، عذرها معها بالتأكيد، فسحب الدم وحقن الأدوية والمحاليل وتثبيت الكانيولات والقسطرات وضع يهد الجبال، وهي كانت واهنة ضعيفة وصلت بالمرض إلى مرحلة متقدمة لا يُرْجَى فيها براء.
في جولتي معها أثناء إجراء التحاليل والفحوصات والأشعات، كنت أقص تاريخ أمي المرضي لكل طبيب جديد، هو ليس تاريخا بالمعنى الصحيح، فالمدة منذ اكتشافنا لتلك المأساة وحتى ارتقائها للرفيق الأعلى لم تتجاوز الشهرين، الكارثة التي حطَّت على رأسي كانت تؤرخ بمدى الدهر، كنت أحمل في حقيبتي ورقة تحمل ملاحظة مقتضبة “أمي سهام الفيل مريضة سرطان في البطن وهي لا تعلم عن حقيقة المرض شيء، أرجوك أي استفسار يكون جانبا بعيدا عن مسمعها”.
إحساس العجز والصِغَر والضعف واليأس كان يكسوني، وفي ذات الوقت كان لزاما عليَّ أن أظهر بمظهر القوة لأدعمها وأشد على يدها وأبث الطمأنينة في قلبها، أن ما ألمَّ بها من آلام مجرد مضاعفات عادية للعملية الجراحية وسوف تأخذ وقتها ثم ستتماثل قريبا للشفاء، ولكن كل ما أستطعت فعله هو أن أكون عصا تتوكأ عليها في خطواتها، أو حائط للاستناد، أو سمكة في حوض ماء تُسَلِّي صاحبها، كنت أحس وأنا أسفل قدميها أعالج كدمات كاحليها وساقيها وأدفئهما من البرد وكأني فعلا في الجنة التي وعد بها الرحمن.
رحيل أمي جاء كالحلم تستيقظ منه محاولا أن تتشبث بأحد أطرافه كي تظل محتفظاً بذكرى ما، في ساعات احتضارها أخبرتنا أنها ذاهبة إلى أبي رحمه الله، بصقت حبوب الدواء ولم تشرب الماء، ولكنها ابتلعت بضع ملاعق من “المهلبية” بعد قرابة الشهر الذي لم يدخل جوفها شيء، ربما تكون حلاوة روح تترك الدنيا، يارب يا أمي }روح وريحان وجنة نعيم{ ، ذكرت ورددت اسمي واسم أختي طوال ليلة احتضارها، ماتت بوجهها البشوش الوردي، استراحت من عذاب الدنيا وعذاب المرض، رحمها الله ولم يكتب لها أن تعيش ميتة، فكيف أتمنى لها طول العمر وهي راقدة محرومة من كل متع الحياة، كنت أتمنى لها الشفاء من مرضها وأنا أعلم أنه لا شفاء منه في مراحله المتأخرة، ولكني لم أفقد الأمل أبداً في رحمة وقدرة الله، كنت أتوسله باسمه الأعلى الذي إذا أراد شيئاً قال له “كن” فيكون، كنت أنتظر معجزة أن تشفى وأن تستيقظ صباح اليوم التالي وقد رجعت “سهام/ سمسم” النشيطة المبهجة محبة الحياة، قد تكون معجزة الشفاء أن قبض الله روحها بمثل تلك السرعة، لم أعلم أن مريضا للسرطان توفَّى بمثل تلك السرعة، رحمها الله من آلام المرض وآلام الكيموثيرابي وجلسات العلاج الإشعاعي، رحمها الله من أن تعاني قرح الفراش والتغذية عبر أنبوب في الأنف، رحمها الله أن يتمنى المحيطون لها الموت، رحمها الله وجعل الموت شفاء، مثلما هو راحة من كل شر.
عيدك أحلى في جنة الخُلد يا ماما، وإلى أن ألقاكِ يا حبيبتي، كل سنة وربنا راضٍ عني برضاكِ.

السبت، 17 نوفمبر 2018

بالصور: أشرف الخمايسي يوقع “جو العظيم”

https://www.e3lam.org/2018/11/16/367977

استضافت مكتبة مصر الجديدة بالأمس ندوة مناقشة وتوقيع رواية "جُو العظيم" للكاتب الكبير أشرف الخمايسي والصادرة عن دار الشروق، أدار الندوة الأستاذ محمد سمير ندا، وناقش الخمايسي الدكتور جمال العسكري، والأستاذ أسامة جاد. في البداية ألقى الأستاذ أشرف الخمايسي كلمة ترحيب بالحضور، وكلمة شكر للقائمين على تنظيم الندوة مفسحا المجال  لرأي المشاركين في المناقشة.


رأي الدكتور جمال العسكري:


أعرب الدكتور العسكري عن سعادته البالغة بقراءة الرواية، وإحساسه بالمتعة الخالصة بالعمل الأدبي، وقدرة الخمايسي الواضحة على إحكام البناء في الرواية،  قائلا: " سؤال المتعة هو السؤال الأول الذي يجب أن يجيب عليه النص والتأويل، قبل الغرق في طوفان التحليل والتفسير التي ربما هي الأخرى أفسدت من حيث أرادت أن تفيد، والمتعة المقصودة في النص الطويل نسبيا هي الإمساك بتلابيب العقل بمتابعته حتى النهاية، دونما إحساس بعبء القراءة إلا في لحظات قليلة نادرة".. 

كما قال: "أن الخمايسي يكتب ليظل القارئ مستمتعا طالبا الزيادة لا الملل ولا الابتعاد عن النص، وهذا ما حققه في "جو العظيم"، فالكاتب في العالم الروائي يستطيع أن يقتنص لحظة مُتخيلة في عمر شخص أو مجموعة من الشخوص، أو مجموعة من الأجيال المتتالية، ليعيد خلق هذا العالم، وعلى القارئ التأمل وشحذ كل القدرات للملمة أطراف هذا العالم، من هنا جاءت المتعة بقراءة هذه الرواية، التي أصبحت ذائقة رائجة الآن، وهي أسلوب المباشرة والوضوح،  فهي أقرب إلى الشفاهة من تقنيات الأدب المتعارف عليها، كما أن هذا الجنس من الكتابة يرافق في لحظة تاريخية لحظة ما بعد العولمة. كما وتناولت الرواية "أزمة الخلاص" وهي أزمة نظام العالم، فعبقرية الأدب حين يستطيع أن يُعطي المثقف "لوامس" تشير إلى الخطر. اختار الخمايسي تقنية الراوي العليم التي فيها أريحية في التعامل مع السرد (المونولوج الداخلي). جاءت اللغة واضحة لا تحتاج إلى المجاز أو الرمز، فأسلوب المكاشفة وهو أسلوب الرواية قد يكون أحيانا أصعب من المجاز، ليثور التساؤل إذا ما كانت الحقائق بهذا الوضوح والانكشاف، فلماذا تُرِكت النهاية مفتوحة؟!

رأي الأستاذ أسامة جاد :


كما أبدى الأستاذ جاد سعادته بالمشاركة في ندوة مناقشة "جو العظيم"، وقال بأنه أمام عمل عظيم يذكره بالكلاسيكيات العظيمة، ليس بمنطق التأثير والتأثر، وإنما بالنظر إلى كاتب محترف متخصص في نوع من الكتابة قائم على المِران المستمر، يعمل على نفسه بشكل جاد سواء في اللغة أو الموضوع أو الجدلية. ويرى جاد من خلال الغلاف أن الرواية ذات أداء كاريكاتوري يطرح قصة حقيقية لإبراز الملامح الكبيرة، فنحن أمام نوع من الأدب يعتمد على السخرية، كما أنها تجيب عن السؤال " كيف تكتب رواية جيدة؟ " وذلك في عدة خطوات وهي: اختيار المتخيل المكاني للسرد الذي يجمع الشخصيات المتناقضة بشكل منطقي، الشخصيات وتراتبها في المجتمع، تواجد امرأة في المشهد، وضع المرأة في ظروف خاصة، جعل "مدونة سردية للحياة" لكل شخصية من الشخصيات تنظر من خلالها للحياة. يرى جاد أن الرواية إسقاط عظيم على كل الأحداث الجارية، والزمن المفترض فيها ليس عدد من الساعات المفترضة بمدة الإبحار في البحر، وإنما استطاع أن يتمدد من خلال السرد إلى سنوات ممتدة. كما يرى جاد أن الخمايسي خلَّص نفسه من الانتماء لأي تيار لينظر إلى ما يحدث بمنطق ساخر، وأنه أحد القليلين الذي يحرص في فنه حرصه للوصول إلى جمهور من الشباب. كما كان ذكيا أن يكتب أول رواية ساخرة بعد رواياته الجادة التي تطرح مواضيع كبرى جادة وجدلية.استطاع الخمايسي من خلال الرواية إحضار العالم إليك، وأنت من تستنتج الاستنتاجات التي تخص ذلك العالم. فالقدرة هنا اختزال الكثير من الحيوات في حياة واحدة، ليست حياة شخص وإنما حياة رحلة، والرحلة هنا هي الكنز، كنز الوصول إلى الاستقرار.


ثم طرح الأستاذ محمد سمير ندا والحضور بعض الأسئلة على الخمايسي؛ منها: 


- متى وأين بدأت فكرة "جو العظيم" ؟


المرحلة التي نمر بها تحتاج أن يكتب عنها الكاتب حتى لا يكون منعزلا عن الواقع الذي نعيشه، فكانت لدي مهمة أساسية عند كتابتي لهذه الرواية، فلم أنشغل بفنيات الكتابة بقدر اهتمامي بأن أكون واضحا حتى لا يفهم القارئ خلاف ما أريده، فأترك رسالة للأجيال القادمة تقوم بدور التوعية، وتعبر عن رأيي في الأحداث الحالية.


- هل تشعر من خلال أسلوب الإسقاط المباشر في الرواية بأنك خرجت خارج ما ُيسمى بـ "الكتابة الآمنة"؟!


دائما ما أقول رأيي على حسب قناعاتي الخاصة، ولا أفكر في مسألة دفع الثمن، فذلك المسمى لا يعرفه الكاتب المخلص لقناعاته.


- هل لازال السلفي داخل وجدانك ككاتب؟


لدي هاجس أن أنفي عن نفسي مع كل عمل جديد أني لا أكتب بروح الحلال والحرام، وإنما تطور شخصية السلفي في الرواية كانت تَتَطلَّب هذا التفاعل وإبراز شخصية السلفي بهذه المزايا، فهي ببساطة قناعة السلفي وتصديقه لأفكاره. 


- لماذا حِدْتَ عن السلفية بعد التزامك بها ثمان سنوات؟

السلفي يمشي على قضيبين، مرجعيته عبارة عن فكرتين أو كتابين، وكنت قد دخلت السلفية من نقطة فشل مثلت الضربة القاصمة لقناعاتي ، حيث كنت أعتقد أني في وسط أدبي يعج بالقيم والتوعية، ولكني فوجئت حين مقتل محمد الدرة أن العالم كله انتفض من صحافيين ومحامين وغيلاهم ولم ينتفض أحد من الأدباء. أما سبب خروجي من السلفية هو أن طريقها لا يواكب شخصيتي وعقلي، فالطريق إلى الدين ليس خط سكة حديد وإنما حرية وفهم صحيح. 

- أحس أن لديك حالة عداء مع العالم، فمتى ستتجاوز الكتابة عن الكائن للكتابة عن ما ينبغي أن يكون؟ 

ليس لدي حالة عداء مع العالم، بل أحب البيئة التي نعيش فيها وهذا لا يمنع أن أشتبك معها وأبحث عما يجب أن يكون. ولكن من قال أن ما ينبغي أن يكون هو الأفضل ؟! 

- ما سبب اختيار اسم "بهية"، وماذا تقصد بالنهاية المفتوحة؟ 

إذا سئل الكاتب عن مقصده فأجاب؛ كان كاتبا غرا.

الجمعة، 16 نوفمبر 2018

"عازفة الكمان".. قصة الحب التي لم تكتمل

https://www.e3lam.org/2018/11/18/368631?fbclid=IwAR3STMCkadaesKhPK7BND51xi-EixKon4hpjS6527lw_Z90oXsaErBWB138

https://www.goodreads.com/review/show/2503431064

"هي مستقلة ولا تحتاج لمن يُنفق عليها، ولعل هذا ما يخيف الرجال منها.. في البداية يقتربون منبهرين لكن بعد أن يُحَلِّقوا حولها يغشاهم نورها وحرارتها ولا يحتملون حبها للحياة والناس وحدبها على المكسورين والمخذولين ولا انعجانها بالفن".


إنها "أمل شوقي" بطلة رواية أسامة غريب الأخيرة "عازفة الكمان"، تجيد العزف وصوتها في الغناء رائع، تلتقي بـ "طارق أبو النور" المصري الأمريكي الذي هاجر بعد تخرجه من الهندسة ويمتلك مطعم بقلب منهاتن، يهوى الشعر والأدب والموسيقى ويمتلك مكتبة موسيقية وسينمائية ضخمة. يتبادلان مشاعر الحب والاهتمام في البداية ثم يدخل طارق في دائرة من الحيرة فيما إذا كانت أمل تحبه أم لا، حتى يُصبح في صراع داخلي بين حبه وميله لها وبين سلوكها الصادم له أحيانا، فبالرغم أنه يحاول تقبل عملها وانشغالها وانغماسها وسط المعجبين والزملاء إلا أنه بالكاد يستطيع أن يطرد مشاعر الغيرة والاستياء.


بالرغم أن طارق كانت مشاعره جياشة يقدم لأمل الهدايا ويَنْظِم من أجلها الشعر، إلَّا أنها لم تبادله نفس اللهفة والاهتمام فكانت كل تصرفاتها مغلفة ببرود وتحفظ، مما جعل هاجس الحب غير المتكافئ يطارده، خاصة أن له تجربتان فاشلتان في الحب والزواج فخشي أن تتكررا.
ولكني أحسست من الفنان الحساس الشفاف غضبا غير مبرر في بعض الأحيان، فإنْ كان يحبها حقا؛ فلماذا لا يُقدِّر ضغوط عملها ويحاصرها باتهامات تعمُّد إهماله أو تسفيه مشاعره؟!.. فرجل في مثل ثقافته وخبرته وتحرره لابد وأن يُميّز بين مشاعر الحب الحقيقي التي قد تخبو أحيانا تحت وطأة مشاغل الحياة، وبين مجرد علاقة عابرة. حتى بعد اكتشافه لمرضها الذي كان سببا في اضطراب مشاعرها، وتأخرها ومماطلته في التصريح بحبها له بالشكل الواجب الذي ينتظره؛ لم يجعل قلبه يلِنْ لها ويلتمس لها الأعذار عن سلوكها المُحَيِّر فيما سبق، وإنما خشي على نفسه صدمة جديدة تدفعه للانتحار. إذاً لماذا يخشى على نفسه الهزيمة والمرارة في الحب، وفي المقابل لم يترك لها الفرصة لتتأكد تمام التأكد من حقيقة مشاعرها؟! أحسست في الرواية أن الكاتب كأنما أراد إظهار طارق أبو النور ضحية تلاعب أمل بمشاعره وتجاهل لهفته وشوقه، بينما لم يصلني شعور أن الكاتب قد قام بتحميل طارق أي نوع من لوم النفس وتأنيب الضمير، فطارق لم يُسامح أمل ولم يخفق قلبه عند تصريحها بحبها له، وإنما مشاعر الخوف من هزيمة ثالثة طغت على كل ما يُكنه لأمل من حب إذا لم تكن صادقة هذه المرة أيضا، إذاً فقد نحَّى كل العواطف جانبا طالما كانت تحت وطأة ضعط ما، مثلها تماما عندما كانت لا تستطيع التعبير عن عواطفها لضغوط العمل واضطرابات المرض.

ناقشت الرواية "مِصرية" المرء التي تطارده أينما حل، فهي كاللعنة التي لا فكاك منها، عرضت أحوال وأنواع المهاجرين المصريين في أمريكا،  كما ورد بها شق سياسي عن الفساد والأسباب التي تدفع المصري للهجرة من سيطرة أصحاب المال والنفوذ.

الحوار شديد الروعة، على قدر كبير من الانسيابية والتسلسل والترابط، ملأى بالمشاهد اللطيفة الخفيفة، بالإضافة إلى المواقف التي تثير الشجن، ضمت الرواية قصيدة بعنوان "عيناك كأنهما قدري" من أروع وأعذب الكلمات والمعاني، عبَّرت عن وَلَه العاشق وهيامه بمحبوبته بصدق شديد. كما ذكر العديد من أسماء النوادي والجسور والمسارح والمدن والأنهار والمطاعم والفنادق والشوارع، مما جعل القارئ وكأنه يحيا مع أبطال الرواية يذهب معهم أينما ذهبوا.

نهاية الرواية جاءت صادمة مفاجئة، كما فاجئني طارق بموقفه أيضا، أعتقد أن محبا صادقا جياش المشاعر مثله كان ليتصرف تصرفا مغايرا لما قام به طارق أبو النور في النهاية، ولكن هذا التصرف أيضا عزز فكرتي عنه أنه كان يفكر في الحب من أجل استقراره العاطفي فقط، وليس من أجل شريكين يتبادلان نفس العواطف ويفنى أحدهما في الآخر دون مقابل، ويبقى من أحدهما بعد فناء الآخر جزءا يحيا معه بإخلاص.

اقتباسات أعجبتني:

- "مصرية المرء لعنة لا فكاك منها حتى لو سافر وهاجر وانقطع عن الوطن الأم.. هناك أشياء في الجمجمة لا مهرب منها"..

- كيف يمكن لفنانين موهوبين أن يغنوا وسط أناس تأكل  وتشرب وتتجشأ ولا يتبقى من انتباههم للفن غير ربع وعي في أحسن الأحوال"..

- "ما معنى الحب إذا لم يحمل كل شخص على تغيير بعض صفحات من أجندته؟ "..

وهل الحياة مباراة يتعين الفوز بها وسحب من نحب إلى ملعبنا حتى يضعف ويتهافت وبهذا نضمن أن نحظى بحبه واهتمامه؟ "..

- " وكأنما لا يُكتب للإنسان أن يعيش لو نجح في حل متناقضاته واعتزم أن يوقف الجموح ويحيا في هدوء"..


- " قد يفقد الإنسان استحقاقه للحياة لو نوى أن يخرج بها عن كونها حياة (أي مريرة) وقرر أن يتجه بها صوب الفردوس"..


- "لم أكن فقيرا في مصر لكني لم أحتمل سيطرة القراصنة على الحياة هناك، وكرهت فكرة أن أقضي بقية عمري وسط أناس يكذبون- بفعل الفقرـ كما يتنفسون"..

- " ما يجعل هذا المكان وطنا رائعا هو سلطان القانون الذي يسري على الجميع، والمساواة في الفرص التي تجعل للكفاح والتعب مردودا مجزيا"..

- "جزءا من وظيفة المسرح والسينما هو إطلاق المشاعر، لذلك فمن حق الناس التعبير عن مشاعرها دون أن يعترضها منافق أو متزلف.. أو حتى متعاطف حقيقي"..

- "الطلاق فيما يبدو ليس بسيطا، وقد يعتبره بعض الناس بمثابة هزيمة، هو فشل يعادل خيبة أمل المقامرفي الحصان الذي وضع عليه كل فيشه، فالإنسان حين يتزوج فإنه لا يدخرفيشا في جيبه لمرات قادمة، وإنما يراهن على شريك الحياة بكل ما يملك، لذلك فإن عملية انتهاء الزواج مهما كانت ودية فإنها تحمل انهيار آمال ظلت واعدة لمدة طويلة"..

- " الصادقون من البشر هم الذين ينتحرون.. أي شيء خلاف هذا هو مجرد محاولات فاشلة لبلوغ الصدق المستحيل"..

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018

جو العظيم مستعد للإبحار

https://www.goodreads.com/book/show/41660450?from_search=true
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%AC%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%8C-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%AD%D8%A7%D8%B1/10155844633626696/

"جو العظيم مستعد للإبحار".. أهلا بكم على متن جو العظيم، مائتا مهاجر غير شرعي على متن قارب الريِّس "زبيبة"..إحم إحم.. أقصد الكابيتانو "زبيبة" القائد الجنتلمان لأحد أهم السفن العظيمة التي تمخر أعالي البحار على مدى خمسة وخمسين عاما..
حسنا.. "جو" مجرد قارب ملون كحرباء، صغير الحجم بدرجة مفزعة، ضعيف الإمكانيات، لا يزيد طوله عن خمسين قدما وعرضه عن عشرين قدما، يسع بالكاد خمسين راكبا، ولكنه حمل مائتي راكب تكدسوا في باطنه وعلى حوافه حتى تعلقوا صلبا على الصاري، لا وجود لأي من الأجهزة اللازمة لإبحار آمن، ألوانه فاقعة كزي مهرج في السيرك، وهكذا استسلم لذوق "زبيبة" السخيف، ينقلب رأسا على عقب مع كل هوجة مشاكل، أعتقد أن أشرف الخمايسي أطلق على الرواية اسم "جو العظيم" من وجهة نظر "زبيبة"، فزبيبة يعتبر قاربه توأمه، ولأنه قائد معتز بنفسه على ضعفه؛ فبالتأكيد يرى هذا القارب الضعيف عظيما مثله..



الأبطال :-

1. الكابيتانو "زبيبة ربيع الحلو": 
    ريس المركب، مريض ضغط عمره سبعين سنة، يتكلم كثيرا بنفس بلاهة الأطفال..
2. المهرب: 
    الجشع الذي يحشو المهاجرين غير الشرعيين على القوارب..
3. كلام ضيف سيد طماطم:
    فلاح صعيدي في قرية نائية من صعيد مصر، ضخم البنيان متجاوز المهابة إلى البلاهة، مهاجر بسبب الفقر والاستدانة..
4. ياسين السيد جرباية: 
    فنان تشكيلي قاهري، أشعث جاف الشعر؛ اشتبكت سوالفه مع لحيته، مثقف نخبوي بلاغته الخطابية واضحة، وقوة إقناعه متجلية، يجيد لعبة التوازنات، فيحافظ على بقائه على بعد مناسب من سلطة الجهة الراغبة في استقطابه، يهاجر للتخلص من هيمنة السلطة واستعباد الجميع..
5. حسن المط خليل:
    صعيدي مهندم ذو ملامح جميلة، فاتن التقاطيع جميل المُحيا، له حاجبين وشارب كث، قد يكون مخنث أو امرأة تنكرت بهيئة رجل للتغلب على عسف المهربين..
6. بيضون جلال الرائد: 
شيخ سلفي من شيوخ السلطان، يسبغ على قيادته القداسة، ملتحي يرتدي جلباب وسروال أبيض قصير، وطاقية شبكية بيضاء، وخف ذا سيور جلدية، يحلم بالهرب إلى أوروبا هربا بدينه..
7. زغلول البيضا خليل: 
    قاهري تخلَّف في سباق المهاجرين إلى القارب من أجل حسن المط
8. البحَّار "حمود": 
    البحار الوحيد على سطح جو، ضخم البنيان، أقرع، يضع جلدة سوداء على عينه اليسرى المفقوءة، ويعرج على ساق طبيعية وأخرى خشبية..
8. شندل بشندي فانوس:
    صعيدي مسيحي متدين، يهاجر بسبب الاضطهاد الديني..

أثناء قراءتك لجو العظيم يصاحبك صخب صياح النوارس، وضجيج أمواج البحر، ترى الزبد الأبيض يتماوج ويعتلي الصخور، تعيش مأساة غرق المهاجرين غير الشرعيين والبحث عن جثثهم، وتتابع حصار الناجين منهم. تتفاعل مع دافع كل منهم لاختيار المخاطرة بحياته للهروب مما هو أقسى وأَمر. يستعرض الأزمات الناشئة على مختلف الأصعدة وبين العديد من الأيدولوجيات، وصف الوضع الاجتماعي والسياسي بدقة حيث رمز بأبطال روايته لشرائح وفئات المجتمع المختلفة من سلطة ونخب ودهماء وعقلانيين وانفعاليين ومسيحيين وسلفيين وغيرهم.


الرواية شجاعة بل جريئة، فحواها سياسي في إطار كوميدي، مليئة بالإسقاطات السياسية بوضوح وجلاء، تناقش دكتاتورية القادة، والاستبداد الديني والمتاجرة بالدين، رمز للثورة بالنوات التي تهاجم القارب في وسط البحر، تستعرض تزلف المثقفين رأس السلطة وتغيير الخطاب والتلون، تقارن بين اضطهاد السلطة للمسلمين وبين اضطاهدها للمسيحيين. 


الرواية عظيمة اللغة، بسيطة البناء، تجذب القارب حتى نهايتها لمعرفة لمن ستكون الغلبة، اعترف الكاتب بوجود مزيد من الإسهاب والإطناب الذي قد يبعث على الرتابة ولكن برره بأنه الشر الذي لابد منه، السلفية التي التحق بها الكاتب في جزء من حياته سهلت عليه تجسيد السلفي القح في الرواية، تشبيهاته جاءت قوية، يرسم الابتسامة على الشفاه في أكثر من موضع. لقد تفوَّق الخمايسي في الخروج من بوتقة البحث عن الخلود ليكتب ببراعة وشجاعة عن قضايا شائكة في وقت الأشد حرجا وخطرا.


وهذه مجموعة من العبارات التي راقتني: 

- أن لا يكون هناك ما يخشى عليه المرء، ولا من يخشى عليهم، فهو الفراغ الذي قد يضطَّر المرء لتعبئته بارتكاب جرائم، أو الإقدام على أفعال جنونية، مثل الرغبة في هجرة غير شرعية دونما سبب حقيقي!
- إزاء الأنواء لا سبيل للنجاة غير الاستسلام، وترك الأمور تجري على أعنَّتها..
- الموت مرة واحدة أهون من حياة أموت فيها كل يوم ستين مرة..
- من قال أن الحل هو الإشارة إلى الحل؟ الحل هو كيفية الوصول إلى إنفاذ الحل..
- الأقدار والحظوظ تحابي من لا يخطط، ولا يتدبَّر، ولا يفكر..
- الشعوب بطبعها حين تقدِّم احترامها لا تُقدمه إلا للمفترس، مهما كانت طريقته في الإفتراس دنيئة أو نبيلة. فقط سرى في روعها أن للمفترس الحق في الاستحواذ على كل الاحترام، شأنه شأن كل متغلِّب..
- لا شيء مؤكد في عصر يُطالب فيه الجميع بتحطيم الأطر، والثوابت، والتفكير خارج الصندوق..
- كم من أمور غير قابلة للتصديق مع ذلك تُكَرِّس لنفسها وجودا عاديا في هذا العالم!
- الحسابات المادية الصماء تصير، مع الوقت، أوكارا صالحة لسكنى أفاعي القلق والانهيار النفسي، لكن ماذا لو أنهم يرون بأفئدتهم أيضا؟.. سيرون الله، وسيضيفونه إلى المعادلة، لينزع أوكار اليأس من قلوبهم، سيصبح اجتياز المآزق أسهل، حتى لو احتاج اجتيازها لمعجزات. فليس قادرا على صنع المعجزات سوى الله..
- لا يعذَّب الإنسان منا بأقسى من التشبث بأمل مستحيل. لذلك أرى أننا لو ألقينا بالأمل المستحيل وراء أظهرنا، أمكننا الاستمتاع بحياتنا هنا..
- ربما حين تختفي السلطة، ويختفي الأتباع، وتنطفئ بؤر الاهتمام، يختفي العداء..

الاثنين، 12 نوفمبر 2018

هل تُصدِّق كل ما تشاركه على واتساب؟

جاءني على جروب الأصدقاء في تطبيق “واتساب” المنشور التالي: ” نأسف لإظهار مشهد العملية ولكن التحذير واجب: شاهدوا كِلْيَة الذي لا يشرب كفايته من الماء، ويعتمد في أكله وشربه على المشروبات الغازية. انظروا للحصى الذي تكوِّن بسبب قلة شرب الماء”.
وبعد هذا المنشور جاء مقطع فيديو تبلغ مدته  44 ثانية، يرافقه تعليق مثبت يقول ( عمل سنكَ مثانة) إنها لغة آسيوية أعتقد أنها الأوردية، ويظهر في الفيديو يد جرَّاح تستخرج عضوا ما من أحشاء كائن ما، فتشُقه بمشرط الجراحة، ثم يبدأ الجراح بالضغط على العضو كمن يُفْرِغ بالون من الهواء، لتخرج منه عشرات الكتل الصلبة مختلفة الأحجام والأشكال، بعضها يبدو مفلطحا حادا أشبه بالحصى، والبعض الآخر يبدو منبعجا مكوَّرا أشبه بحجارة..
بالطبع المشهد يُدْمي القلب ويُوجِع الجسد، هل من الممكن أن تصبح كلية الإنسان في هذا المشهد المؤلم؟! كيف لإنسان أن يتحمَّل كل هذا العدد من الصخور في كليته؛ وهي التي بحجم قبضة اليد؛ ولا يوجد فيها سوى حوض صغير جدا يتصل مباشرة بالحالب؟!!
فعندما تتواجد حصوة صغيرة حقيرة في المثانة أو حتى بعض البلورات فإنها تُدْمي البول وتخلق الالتهابات، ولو تواجدت أصغر حصوة في الكلية فإنها تُسبب الآلام المُبرحة للمغص الكلوي.
عندها تذكرت مشهد لحجارة ضخمة كروية، يُزَيِّن بها بعض جراحي المسالك البولية مكاتب عياداتهم، يصل حجم بعضها إلى حجم قبضة اليد ووزنها يتعدى نصف الكيلو، وهي عبارة عن الحصوة التي قد تتكون في مثانة المريض على مر الزمن لعدم استطاعته ماديَّا الذهاب لاستخراجها متحملا بذلك أفظع أنواع الألم (كما أفاد الطبيب بعد تعجبي من تكون حصى بمثل هذا الحجم الخرافي).

عندما تداعت كل تلك الأفكار في عقلي انتبهت! إذا العضو الموجود في الفيديو مثانة وليست كلية، لأن أنسجة وتشريح الكلية ليست مجرد كيس مُجَوَّف، ثم لفت نظري أسفل الفيديو جملة بالإنجليزية تقول (nicevilleanimalclinic) .. “animal” ؟! ..
إذا الفيديو هو عملية جراحية لاستخراج حصى من مثانة حيوان، بحثت على “تويتر” فلم أجد صفحة العيادة، حتى وجدتها على “انستجرام” بعنوان ( Niceville Animal Clinic )  صفحة جراحة بيطرية تُدعي Dr. Jenny Fortune)) تُجري العمليات الحرجة للحيوانات، ووجدت صورة أشعة الحيوان وأحشائه تحوي كل ذلك الكم من الحصى، حيث كانت أنثى كلب تُعاني من التبول كل 10دقائق. واللينك التالي يحوي الفيديو الأصلي لعملية استخراج الحصى من المثانة على انستجرام.


https://www.instagram.com/p/BaCMxrlALyy/?utm_source=ig_share_sheet&igshid=125wec31rgnrs&fbclid=IwAR0vB9ua3WcAOoJjGIjAqIRVkUPtQk08XZjhQh3MjRMp8fbKSszN_AF5ic0
دائما وأبدا ما يَخلق التعليق الذي يُصاحب صورة أو مقطع فيديو حكما مسبقا على المحتوى، إذ يُساهم بشكل كبير في تشكيل تلقي واستيعاب المشاهد، يُصبح أشبه بخداع عقلي، مثله مثل الخداع البصري الذي ترى فيه العين على خلاف الحقيقة. فهذا المقطع قام آسيوي بمشاهدته على انستجرام، ثم قام بنشره بلغته، ثم وصل بشكل ما إلى واتساب في موبايل أحد العرب، الذي أحب أن يضع عليه لمسات النصائح الطبية المجانية فوضع معه تعليق بالعربية؛ يشرح فيه أن من لا يشرب الماء بشكل كافي ويعتمد على المياه الغازية ستتكون الحصى في كليته بهذا الوضع المُزري. ومما عزَّزَ التصديق بسهولة أيضا؛ أن التعليق جاء بلغة أجنبية، (بالرغم أنني لا أعتقد أن مثانة هي الترجمة الأوردية لكلمة كلية)، وسيساعد في ذلك أيضا قلة أو انعدام المعلومات عن محتوى المشهد، كما أن تطبيقات مثل “واتساب” يعتمد مستخدموه على سهولة وسرعة نشر ومشاركة البوستات، ولن يُحَلِّل كل شخص ما يستلمه من صور وفيديوهات ومنشورات مطولة ليتأكد من سلامة ودقة وصدق محتواها قبل تبادلها مع معارفه.
تطبيق واتساب رائع للتواصل بين الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل، وبالرغم أنه مفيد في سهولة التواصل وتبادل التهاني والمنشورات الطريفة؛ إلَّا أنه يلعب دورا كبيرا في نشر الأخبار الملفقة، والمعلومات المغلوطة مثله مثل باقي مواقع التواصل الاجتماعي ولكن يبقى الفارق أنه محدود في مجموعات صغيرة العدد مغلقة على نفسها؛ مما يجعل وسيلة التصحيح وتدارك الخطأ بطيئة وغير فعالة ومحصورة، وتعتمد على إمكانية وقدرات الشخص ذاته في البحث والتقصي قبل التصديق وبث المحتوى الوهمي.

أشرف الخمايسي: “جو العظيم” إسقاط على الواقع العربي بشكل ساخر

https://www.e3lam.org/2018/11/06/364450


أديب مصري، قاص وروائي، له أسلوبه المميز في السرد، لغته الغنية، وبنائه المحكم، وحبكته المشوقة، وأفكاره الفلسفية؛ ما جعلت عدد من أعماله يصل للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، صدر له العديد من الأعمال الأدبية، منها ثلاث مجموعات قصصية هي: "الجبريلية"، "الفرس ليس حرا"، "أهواك". وأربع روايات في فكرة البحث عن الخلود وهزيمة الموت وهي: "الصنم"، "منافي الرب"، "انحراف حاد"، "ضارب الطبل". ومؤخرا روايته الجديدة بعنوان "جو العظيم" والتي تتناول مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين على متن قارب قديم متهالك في عرض البحر دون أي وسائل أمان أو اتصال للنجدة، يتعايشون ويتفاعلون ويتصارعون وهم من مختلف الانتماءات والطباع والأديان، أثناء توجههم جميعا وبقوة نحو مصير مجهول.


"جو العظيم" هي أحدث رواية للقاص والروائي المصري أشرف الخمايسي، صادرة عن دار الشروق، ويربو عدد صفحاتها إلى أربعمائة صفحة، وقد قام إعلام دوت أورج بإجراء حوار مع الكاتب، وفيما يلي نص الحوار:

- اذكر لنا فكرة موجزة عن رواية "جو العظيم".


الرواية عبارة عن إسقاط على واقع حالي في الدول العربية، وهي تجربة جديدة تختلف عن رواياتي الأربع السابقة، فبهذه الرواية أخرج خارج إطار ثنائية الموت والخلود، للاهتمام بالواقع الذي يعيشه الإنسان العربي.


- هل كان اختيار العنوان سهلا، ومتى تم الاستقرار عليه؟


كان الاختيار سهلا جدا بالمقارنة بالروايات السابقة، فعادة ما أخرج من داخل النص بالعنوان كومضة أو بريق، وقد أشار أحدهم إلى العنوان بأنه يتشابه مع رواية "جاتسبي العظيم" للكاتب الأمريكي "فرنسيس سكات فيتزجيرالد"، ولكني لم أكن أعرف عن تلك الرواية شيء.


- حدثنا عن المدة التي أتممت فيها كتابة "جو العظيم".


بالرغم أنها أطول رواية، إلا أنها لم تأخذ معي وقتا طويلا، خمس أو ست شهور فقط، بخلاف رواية "ضارب الطبل" التي استغرقت ما يقرب من السنتين، "جو العظيم" خرجت بانسياب وبساطة، كما أنها الوحيدة التي خرجت بمرح.


-  ما هي أنواع الصراعات أو الأزمات على سطح جو العظيم؟


صراعات مختلفة، صراعات القادة مع المَقودين، صراعات أيدولوجيات فكرية، صراعات دينية بحتة، أي الصراعات البشرية عموما على مستوى السلطة والإنسان.


- أسماء الأبطال جاءت فكاهية للغاية، فهل لها أي دلالات؟


بالفعل لها دلالة كوميدية ساخرة، "جو العظيم" قالب متهالك، الكابتن "زبيبة" قائد فَكِه وحديثه نكتة، لتجسيد الأزمة بشكل بسيط.


- في مواقع عديدة من الرواية أحس القارئ بمزيد من الإسهاب، هل هذا هو نهجك في الكتابة؟


ليس من الكتاب أو الشعراء من يحب الإسهاب أو الإطناب أو الزيادات، ولكن أحيانا يضطر الأديب للإسهاب رغما عنه، ولذا أعترف أن الرواية حوت بالفعل حوارات طويلة تأخذ مقدار صفحة، وقد تؤدي إلى الرتابة، ولكنه الشر الذي لابد منه، أو قد تكون خطأ صدر مني، وجلَّ من لا يخطئ.



- لماذا استغرقت ثنائية "البحث عن الخلود وقهر الموت" عدد كبير من أعمالك؟

إنه هاجس شخصي، فالرواية وسيلة للحصول على الخلود، والانتصار على الموت والغياب.


- رواياتك في ثنائية الموت والحياة هي: "الصنم"، "منافي الرب"، "انحراف حاد"، "ضارب الطبل"، وقلت أنك ستنتصر على فكرة الموت بإتمام روايات خمس، فأين هي الرواية الخامسة؟


الرواية الخامسة وهي "ضيف الله" مكتوب فيها عدد لابأس به من الكلمات وأفضِّل ألا أتأخر فيها، ولكن لابد من أن أختم تلك الثنائية ختاما مضبوطا، ولكنه سيكون ختاما مخيفا وصادما جدا يكاد يكون محطِّم.

- تحدثت فيما سبق عن إعدادك لرواية "صوفيا هارون" .. هل لازالت قيد الإعداد؟

رواية "صوفيا هارون" في نصفها ولازالت في الانتظار.



- ما الذي يميز رواية "جو العظيم" عن أعمالك السابقة؟

تتميز بالبساطة في التناول والبناء، فهي كالروايات الكلاسيكية لها بداية ووسط ونهاية، تتميز ببساطة الطرح واللغة، ولأول مرة أكتب الإهداء لشخص بعينه، وهو الدكتور أحمد خالد توفيق رحمه الله، ولقد قال أحدهم أن رواية "انحراف حاد" كانت في ميكروباص، ورواية "جو العظيم" في مركب، إذا فأشرف الخمايسي يكرر نفسه، وأقول هنا؛ في "انحراف حاد" لم يكن يوجد أي تفاعل بين الأبطال، أم في "جو العظيم" فالصراع الآني يجمع الأبطال، فالأمر ليس محصورا في مكان يجمع مجموعة أشخاص.



- انعزلت عن الحركة الأدبية لمدة عشر سنوات انضممت خلالها للحركة السلفية، فكيف أثرت السلفية على روح الأديب؟


أثرت السلفية بشكل إيجابي، فلم أخرج من الطائفة لألعن البشر المتدينين، بل تابعت تجارب ناس آخرين ومختلفين، وقد ساعدتني في استخلاص أفكار لكتابة رواية "منافي الرب"، فصححت موقفي من السلفية عموما في أي دين، فعلى المثقفين لو أرادوا فهم الروح؛ عليهم استيعاب الآخرين، فلقد جاءت الأديان لمساعدة الإنسان لسلوك طريق عبادة الله، فالطريق وسيلة وليس غاية، ولقد آمن الله بالإنسان وخلقه، قبل أن يؤمن الإنسان بالله ويعبده.



- صرحت سابقا أنك تتعمد صناعة الجدل والصخب، هل مازلت تتعمد ذلك؟

كان هذا وقت الشباب، أما الآن فأنا هادٍ جدا، ولكن شخصيتي لا تحب الهدوء، بالعكس أحب الضجيج ففيه النور والونس، وبالرغم أني هدأت قليلا في الإشارة للخطأ، لكني مازلت صاخبا في قضايا هامة، فأنا ضد التطبيع، وضد الدكتاتورية.


- هل يمكن إدراج رواية "جو العظيم" ضمن سلوك إثارة الجدل؟


ليست إثارةً للجدل، وإنما رواية جريئة وشجاعة، ملأى بتلميحات واضحة على الواقع، ومحاولة لقول "لا".


- اعتزازك بنفسك ومديحك لأعمالك قد يُدخلك دائرة الاتهام بالغرور والنرجسية، ألا تخشى ذلك؟

لا أخشى ذلك فيما لو كان التعامل مع ناس مثقفة، فالغرور هو التعالي على الآخرين، أما إذا كان الدافع تحفيز النفس فهذا ليس غرورا.


- هل صرحت سابقا أنك لا تقرأ كثيرا في الفلسفة، فهل كانت النشأة وخبرات الحياة سببا في آرائك الفلسفية وتساؤلاتك الوجودية؟


لقد صرحت أنني لا أقرأ كثيرا في الروايات، ولكني قرأت في الفلسفة، مثل الكوميديا الإلهية، والإلياذة، وقصة الحضارة، وأمهات الكتب، وغيرها الكثير. وجهة نظري: أن الإنسان إذا اكتشف لديه القدرة على قراءة الكون فسيكون له رأيه الفلسفي، فالفلاسفة الكبار لم يقرأوا كتبا، والفيلسوف القح له موهبة استخلاص وجهة نظره الخاصة.


- جاء إهداء رواية "جو العظيم" لدكتور أحمد خالد توفيق (رحمه الله).. كيف كانت علاقتك به؟!


علاقة جميلة ونبيلة، تعارفنا لمدة سنتين تقريبا تقابلنا فيها مرتين، كان الرجل بخلاف كل الوسط الأدبي، فعلى عظمته كان دائما يشير للعبد لله في أكثر من ندوة وحوار وصحيفة، ومنذ فترة قصيرة أرسل لي أحدهم مقال تكلم فيه عني. حينما كان حيا لم أكن قادرا على الشكر حتى لا يتحول الأمر لحفلة يشكر فيها كل منا الآخر، أما عندما مات فقد فُجِعت، وأنوي أن يكون إهداء كل أعمالي القادمة له.


- ارتبطت عدد من أعمالك بدار الشروق، فما السبب؟

"ضارب الطبل" و "جو العظيم" فقط من إصدار دار الشروق، أما تعاملي السابق كان مع "الدار المصرية اللبنانية" وهي من أفضل الدور التي تُصدر الكتب أفضل إخراجا، ولكن للأسف كان لي مطلب خاص بعيدا عن التعاقد، إذ وددت التعامل مع أعمالي بشكل مختلف يتطلب دعايا ضخمة، فاتجهت إلى الشروق.
- كيف ترى حركة الأعمال الأدبية الآن ومدى ارتباطها بالواقع؟

أقرأ الروايات التي يبعثها لي الشباب، وآخرون تجاوزا مرحلة الشباب، ولكن الكتابة عموما ليست بالثراء الواجب، ولكن في نفس الوقت ليست بالضعف المتخوف منه، فهناك أسماء رائعة، مثل: "حمَّاد عليوه" وروايته الرائعة "الحي الانجليزي"، و"أحمد القرملاوي" كاتب جميل وسيكون له مستقبل في الكتابة، وأيضا "ماجد شيحة". أما بالنسبة للروايات الفائزة؛ فهناك توجه للكتابة في التاريخ والصوفية، ولكن لماذا؟! هل يقصد أحد توجيهنا للمناطق الميتة، أم أنها حركة ارتداد؟ فالكتابة في التاريخ كي تكون فعالة لابد أن تكون من أجل المستقبل ومسايرة السباق الخارجي وإنتاج فكر إنساني خلاق.

- كيف تتوقع الدورة القادمة لمعرض الكتاب؟


لست من الأشخاص الذين يذهبون لمعرض الكتاب، ولكني لست مستبشرا، فقد علمت أن إيجار المتر في معرض الكتاب يبلغ 7500جنيه، فلكي يستأجر الدار 10 أمتار سيدفع في خمسة عشر يوما؛ خمسة وسبعين ألف جنيه، فبكم سيبيع الكتاب كي يربح؟! لكي أن تتخيلي أننا دولة من مائة مليون مواطن، لا يستطيع الكاتب فيها توزيع خمسين ألف نسخة، ومن يستطيع توزيع عشرة آلاف نسخة فقط يحتل قائمة "Best Seller".


- حدثنا عن مشاريعك الأدبية الحالية أو القادمة.


هناك أكثر من مشروع روائي أفكارهم وحبكتهم حاضرة في ذهني، وهناك رواية جاهزة للنشر، وهناك رواية أخرى أعمل عليها الآن.