السبت، 25 أبريل 2015

بل شقوق في البدلة الميري

https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%A8%D9%84-%D8%B4%D9%82%D9%88%D9%82-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1/10152939723016696?pnref=story

عندما يكون المرض خطيراً ( كإنفلونزا الطيور أو الخنازير مثلاً )، وانتشاره يشكل وباءاً، فإن كل حالة مصابة بهذا المرض يتم إيداعها وبشكل عاجل وسريع حجراً صحياً حتى يتم شفاؤها بالكامل لتضييق نطاق العدوى، ولم نسمع أبداً أن حالة واحدة أو اثنتين أو أكثر تم اعتبار أنها " حالات فردية " ولا ضرر من إهمال علاجها، هكذا من المُفترض التعامل مع أخطاء الشرطة الموسومة على الدوام أنها حالات فردية، تلك الحالات الفردية حاملة لفيروس مرض عُضال هو الفساد ومخالفة القانون وإهدار الكرامة الإنسانية، وإذا ما تم تجاوز تلك التجاوزات الفجَّة وعدم الوقوف على أسبابها  ومرات تكرارها فلا تدارك لهاوية ينزلق فيها الوطن ككل ..

" هسيبك تِرَوَّح ولو سمعت إنك عملت حاجة هجيبك وأعملك قضية مخدرات " .. تلك هي عقيدة الداخلية " اضرب المربوط يخاف السايب "،اعتقال عشوائي فالمتهم مدان حتى تثبت براءته، سحل وصفع في لحظات توقيف المتهم وإلقاء القبض عليه، استخدام أحط وسائل التعذيب للحصول على الأدلة والاعترافات، تهديد وتنكيل وتلفيق للتهم وتوضيب المحاضر وتستيف القضايا، إهانة واضطهاد داخل أماكن الحجز. ربما يتناسون أو يتجاهلون أن السبب الرئيسي لقيام الثورة كان نظام مبارك القمعي، ولكن هذا لم يعد مهماً الآن فتلك الثورة التي جعلتهم يتقهقرون بِضع خطوات للخلف، تلتها ثورة قفزت بهم عدة خطوات إلى الأمام، على أجسادنا وعلى حساب أرواح كثيرين ممن ظنوا أن صلاحاً أو أملاً باقٍ في مستقبل هذا البلد، " محدِّش ضد حقوق الإنسان، لكن قولولي هل ممكن واحنا في الظروف دي مايكونش فيه تجاوزات ؟!.. لا هيكون فيه تجاوز، ولكن دا ظرف استثنائي بنعيشه ".. الرئيس عبد الفتاح السيسي في حديثٍ مرة عن التجاوزات !!

واقعة أولى : قسم مصر القديمة، متهم بسرقة بطاريات سيارات توفي نتيجة هبوط في الدورة الدموية بعد تعرضه لأزمة صحية أثناء التواجد داخل غرفة الاحتجاز، وبانتقال المستشار رئيس النيابة لمعاينة مكان الاحتجاز تبيَّن أن المكان يضم  390 محتجزاً !! والمكان لا يتسع سوى ل100محتجزفقط !! تكرَّر نفس السيناريو في عربة الترحيلات، وتكررت الوفاة في الأقسام بسبب ظروف مكان الاحتجاز، ثم يقولون أنها حالات فردية !!
واقعة ثانية : " اتعلَّقت واتكهربت أكثر من مرة وقلَّعوا مراتي ملط أدَّامي علشان يغتصبوها " !! يقف المتهم داخل قاعة المحكمة يبث شكواه لقاضيه بكل القهر الذي في الدنيا، ولا نعلم كيف ستكون حفلة التعذيب بعد فضح المتهم جلَّاديه، وهناك من ينكر في دفاعٍ أعمى عن الداخلية !! ..
واقعة ثالثة : سائق بأحد الشركات تم القبض عليه على خلفية مشاجرة مع أحد الجيران، قام رائد في مركز شرطة طهطا بسوهاج بتعذيبه داخل المركز لمدة 3 ساعات ضرباً بالكرباج بمساعدة المجندين، ووقف على ظهره بالحذاء وهدَّده بقضية مخدرات، وصُور آثار التعذيب على جسده موجودة إلى جانب بلاغات سابقة وقرارات إحالة صادرة لمحاكم الجنايات والجُنح من النائب العام في حق ضباط متهمين ولا حياة لمن تنادي ..
واقعة رابعة : قام أمين شرطة بإطلاق النار من سلاحه الميري على شقيقه الضابط ملازم أول في قليوب، بسبب لوم المجني عليه وعتابه لأخيه أمين الشرطة على سب وشتم أحد الأشخاص، فأطلق عليه رصاصة أردته قتيلاً، جاء التجاوز والحالة الفردية اللانهائية هذه المرة بنيران صديقة لأشقاء الداخلية من قلب الداخلية ..
هذا غير وقائع عدة من اشتباكات بين ضباط الداخلية وضباط الجيش ..  
إذاً كم هي عدد الحالات الفردية المقبول تجاوزها لكي نظل نصف ما يقع من تجاوزات بالحالات فردية، ولا يجوز أبداً تعميمها على أداء الوزارة ككل ؟!! ..

مع كل حالة وفاة داخل أقسام الشرطة فإن التصريح الرسمي معروف مسبقاً من الداخلية : ( انتحار، هبوط في الدورة الدموية، تناول جرعة زائدة من مخدر) ويصدِّق عليها الطب الشرعي، حتى فقد مصداقيته عندما جاء تصريحه بأن نحافة الشهيدة شيماء الصباغ هو السبب في استشهادها لعدم تحملها بلي خرطوش الداخلية ( اللي مابيموتش )، لقد صدَّقت الطب الشرعي مرة، في حادث مقتل طالب هندسة جامعة القاهرة داخل الحرم الجامعي، وأن الشرطة بريئة من دم الشهيد، وأن إطلاق الخرطوش جاء من أحد زملائه من مسافة قريبة، وآثار الخرطوش في مرآة داخل الجامعة من جانب الطلبة وبعيدة عن أماكن تمركز قوات الداخلية، ولكن كيف أصدقه  وكيف أصدق مساعد وزير الداخلية أن آثار التعذيب على ظهر المصور الصحفي أحمد جمال زيادة ليس بسبب تعذيب، وإنما هي وحمة قديمة وهو المعتقل حتى الآن أكثر من 480 يوماً لقيامه بنقل الحقيقة ؟!!

وبدلاً من تثمين مجهودات الصحفيين العاملين على ملف " ثقوب في البدلة الميري" ووقوف الوزارة للاعتراف بأخطائها وتقديم المتسببين فيها للمحاسبة والإعلان عنهم بكل شفافية، يقدمون بلاغات ضد الصحفيين يساندهم في ذلك قطاعٌ كبير من المواطنين الشرفاء يصفون حصر ورصد التجاوزات بأنها أخبار مفبركة كاذبة، ويكيلون الاتهامات بمحاولة المساس بهيبة الدولة وهدم الشرطة، لا يفرقون بين من يحرِّض ضد الشرطة ومن يحاول تقويم مسارها، حيث لا توجد خطة واضحة المعالم عن الهيكلة التي طالما نودي بها، وتطوير آليات تأمين، أو تأهيل كفاءات، أو تدريب أفراد، فعبارة " إعادة هيكلة الداخلية " عبارة مشينة لم يقبلها قادة كثيرين سابقين وحاليين، لا مانع عندهم جميعاً من عودة الدولة البوليسية طالما ثقوب الرصاص الميري لن ينل من بَدْلاتهم وبيجامات أولادهم، ويظل درعهم لاستمرار إجرامهم أننا نحارب الإرهاب لذا لا مكان لحقوق الإنسان، فقبِّل مباديء الإنسانية ثلاث مرات وضعها بجانب الحائط ..

في مقال سابق لي " عزيزي الضابط حاول أن تستشهد بشرف " رصدت بعضاً من تجازوات الداخلية مما تحمله الأخبار يوميَّاً من حالات التعذيب والتنكيل في الأقسام والسجون، تلك الحالات الفردية علَّها تصل لمسؤول لكن كل الآذان من طين وعجين، مللنا وكللنا من كثرة الرصد والإحصاء والتدوين والإبلاغ دون ملبيٍ أو مجيب، إن الإهانة الحقيقية للشرطة ولدماء أبطالها الشهداء هي ممارسات زملائهم القمعية وخروجهم على القانون، " الثقوب " في البدلة الميري تصنعها الداخلية بنفسها " شقوقاً " في بِدَل أفرادها، سكوتهم على ممارسات كثير من الضباط من ترهيب وترويع ومخالفة للقانون يعطي ذريعة لأذرع الإرهاب الأسود لتتبع الضباط، والإرهاب الغاشم لا يفرِّق عندها بين ضابط طاغٍ وآخر شريف، بين مجند أو أمين شرطة فارض إتاوات أو عبداً للمأمور ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق