الاثنين، 14 نوفمبر 2016

سلسلة كتب الصحفى والكاتب إبراهيم عيسى

http://www.e3lam.org/2016/11/07/160063 https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9-%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89/10154112576406696

يُعَدُّ إبراهيم عيسى أحد أكبر الصحافيين ورؤساء التحرير الذين يصدر لهم مؤلفات وروايات بطريقة دورية ومستمرة، إذ يمتلك خمسة وثلاثين كتاباً تقريباً منوعة بين سلاسل مقالات، وروايات ومجموعات قصصية، وآراء وأفكار سياسية ودينية،

الصحافي الذي صودرت روايتين له "مقتل الرجل الكبير" و "أشباح وطنية"، لم يكف عن المشاغبة والبحث والتنقيب في دروب السياسة وكهوف الأحداث التاريخية الدينية، لتزخر مكتبته بعدد كبير من أفخم المؤلفات والتي تنتهي بروايته التي صدرت مؤخراً رحلة الدم بجزئها الأول "القتلة الأوائل" ، وفيما يلي نستعرض مؤلفاته تلك :

- "الأغنية البديلة"  بالاشتراك مع عبد الله كمال 1988
- في وصف من يمكن تسميتها الحبيبة (رواية) 1989 دار الحقيقة للإعلام الدولي
- العراة (رواية) 1991 الهيئة المصرية العامة للكتاب - مكتبة الأسرة (صودرت بقرار من الأزهر عام 1992)
- دم الحسين 1992 دار الدار 
- العصافير لا تعشق الطيران (قصص قصيرة) 1992 الهيئة المصرية العامة للكتاب
- عمائم وخناجر 1993 سفنكس للطباعة والنشر
- أفكار مهدد بالقتل: من الشعراوي إلى سلمان رشدي 1993 مكتبة المدبولي الصغير
- مريم التجلي الأخير 1993 دار الهلال 
- الجنس وعلماء الإسلام 1993 مكتبة المدبولي الصغير
- الحرب بالنقاب (ظاهرة حجاب الفنانات: الإسلام السعودي في مصر) 1993 دار الشباب العربي
- فصل الخطاب في ارتداء الحجاب 1994 سفنكس للطباعة والنشر
- الحرية في سبيل الله 1994 دار الشباب العربي

- دم على نهد ( رواية) 1996 دار ميريت
- صار بعيداً 1997 الهيئة المصرية العامة للكتاب
- صباح النهايات: سفر الأحباب (قصص قصيرة) 1998 مكتبة المدبولي الصغير
- مقتل الرجل الكبير (رواية سياسية تمت مصادرتها) 1999 ورفضت دور نشر عديدة طباعتها فطبعها عيسى على نفقته الخاصة- لو لم أكن مصرياً 2000 عربية للطباعة و النشر
- اذهب إلى فرعون 2003 مكتبة مدبولي- مجرد اختلاف في وجهات النظر- حوار مع محمد عبد القدوس (حوار بين ابراهيم عيسى و محمد عبد القدوس في عدد من القضايا و بيان لآراء كل منهما)  2003 مكتبة مدبولي
- أشباح وطنية (رواية) 2005  الدار للنشر والتوزيع
- رجال بعد الرسول 2007  الدار للنشر والتوزيع
- كتابى عن مبارك وعصره ومصره 2008 مكتبة مدبولي
- الإسلام الديموقراطي 2008 دار الدار
- تاريخ المستقبل 2009 مكتبة مدبولي
- لدي أقوال أخرى 2009 مكتبة مدبولي 
- قصة حبهم 2009 دار كيان- المقالات الغزاوية (مقالات سياسية) 2009 مكتبة مدبولي
- كتاب الدستور 2010 دار المصري للنشر و التوزيع
- عندما كنا نحب (مجموعة قصصية) 2010 دار ميريت

- عيون رأت الثورة 2011 دار دوِّن
- ألوان يناير 2012 دار الشروق
- الطريق إلى يناير 2012 دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر
- مولانا 2012  دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر
- مشارف الخمسين (موجز عن حياة) 2015 دار الكرمة للنشر
- رحلة الدم (القتلة الأوائل) 2016 دار الكرمة للنشر

مقتل الرجل الكبير.. نبوءة إبراهيم عيسى

http://www.e3lam.org/2016/11/07/160386
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D9%86%D8%A8%D9%88%D8%A1%D8%A9-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89/10154112570611696
"مقتل الرجل الكبير" .. سبعة عشر عاماً تقريباً مرَّت على كتابة تلك الرواية التي تم منعها ومصادرتها حينما قرر إبراهيم عيسى نشرها على نفقته الخاصة في مرحلة من التضييق عليه وحصار اسمه صحفياً ..



كانت المشاهد تتنقَّل بين مشهد اغتيال الرئيس وبين مواقف سابقة له في حياته، ومواقف ارتباك الحاشية والحكومة لمقتله، وكيف سيتم إعلان النبأ وإعلام ابنه، ومن سيخلفه في تولي المنصب في إطار من الجدية الساخرة المغلفة أحياناً بالكوميديا السوداء..
أبطال الرواية :
- رئيس الجمهورية/ الرجل الكبير (تعطي إيحاء بأنه الراس الكبيرة لعصابة) ..
رئيس الوزراء
- مدير جهاز الأمن الوطني (لاحظ أن مسمَّى أمن الدولة تغيَّر بعد الثورة إلى الأمن الوطني)..
- وزير الإعلام
- وزير الداخلية
- وزير الحرب "الدفاع"
- مدير الرئاسة
- ريتا جفرسون مكربي (عضو اللجنة الأمريكية السرية للتحقيق في مقتل الرئيس)..
- د/يوسف رضوان (أستاذ بكلية الحقوق)..
- مجموعة من الضباط في الحرس الخاص بالرئيس.. 


الرواية سياسية بوليسية 
عرض فيها عيسى الفساد الأخلاقي في الحكومات والتستر على الجرائم والمحسوبيات والواسطة والرشاوى وفبركة الحقائق والوقائع، انحسار القانون ومواده وروحه أمام التهاوي الأخلاقي والعنف والقسوة والشراسة في سلوك وزراة الداخلية، لجان التحقيق التي تُعقد ليس للبحث عن حقيقة وإنما لتتميم أوراق وتقفيل ملفات، نفوذ وتدخل رجال الأعمال في سياسات الحكم وسلطة اتخاذ القرار، الهوان الذي تعرض لها جناحي المعارضة من الإخوان والشيوعيين وويلات الاعتقال والاضطهاد والتعذيب، التواجد الأمريكي المعمول حسابه في كل صغيرة وكبيرة، وتأليه الشعب لرئيسه في أن يصل به الظن حد العقيدة أن الرئيس لن يموت أبداً..


تمكن إبراهيم عيسى من صياغة الرواية في عبارات فصحى رصينة ولكن كثيراً ما كان يتخللها العامية، أظنها للتخفيف قليلاً على القاريء الذي يفضل قراءة العامية، وباستثناء بعض الألفاظ الخادشة للحياء والإيحاءات الجنسية، فعربية عيسى فيها من البلاغة في وصف الأماكن والأشخاص (كما في وصف تكايا الصوفية والمريدين من الدراويش وحلقات التفقير) ما يجسد لك المشاهد، يبهرك بتعدد وتسلسل المرادفات (بالرغم من وقوعه أحياناً في فخ الاسترسال  فيها والذي قد يبعث على الملل)، مهارة في استخدام السجع والجناس دون تكلف، مما يضفي على الرواية صيغة أدبية مميزة وفريدة.. 


بالرغم من محاولته التجهيل في تسمية الدولة التي اغتيل رئيسها بقوله (اغتيال رئيس جمهورية بالشرق الأوسط) إلا أنه من خلال السياق سيكون مفهوماً أن المقصود مصر ورئيسها، من خلال الحديث عن إذاعة أفلام مثل "ناصر56" و "الناصر صلاح الدين" ، عن رياح الخماسين، بالإضافة للنقوش الفرعونية على مباني المدينة الغير مسماة والتي لا يقطنها سوى أصحاب الغنى والنفوذ، وذِكر الفنانين التشكيليين المصريين محمود سعيد وعبد الهادي الجزار..
وصف الرئيس أنه من حفريات القرون الوسطى في الشرق الأوسط، لا يقرأ الصحف، عاصر ثمانية رؤساء أمريكان بين سابق وفقيد، مجمد على عرشه أكثر من 30 عاماً ظالماً غاصباً، وأنه عندما تُحاك ضده مؤامرة فإن الناس ستفرح لموته وستجزع خوفاً مما قد يحدث من فوضى بعد موته، وهذا ما حدث بعد ثورة 25 يناير لا بمقتل مبارك، وإنما بخلعه أو كما يحب أن يقول مريديه "تنحيه عن الحكم" ..
سيُفجِّرك ضحكاً في :
- الحوار بين الرئيس ورئيس الوزراء في مناقشة التغيير الوزاري الذي ينم عن الكيفية الدنئية التي يتم بها اختيار الوزراء عندما يكون الرئيس ديكتاتوراً جاهلاً، ورئيس وزرائه خانعاً..
- برقيات مبايعات وتأييد الرئيس على خطوته الحكيمة في ضرب الوزراء بالشلوت ..
- نكات الرؤساء عندما يموتون ويسألون بعضهم بعضاً عما صنعوه لشعوبهم ..

استشَفَّ المستقبل من خلال :
- الشاب العشريني الذي أضرم النار في جسده أمام البرلمان رداً على خطاب الرئيس "اللي مش عاجبه البلد يولع بجاز" وأشار إلى ذلك ب "
جماعة المولعين بجاز"، كما حدث مع البوعزيزي التونسي، الشرارة التي أضرمت الثورة التونسية ومن بعدها ثورات الربيع العربي .. 

- تطويع الدين وأخذه سلاحاً لحث أو ردع الشعب في المواقف السياسية تبعاً لما يريده الحاكم..
- تنبأ بشخصية "توفيق عكاشة" كمرشح لرئاسة الجمهورية‘ عندما جاء على لسان الرجل الكبير في البرلمان "أنا ح اخطب للبط يا رعاع" ..
وجود الدبابات والمدرعات أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون بعد مقتل الرئيس، (وهذا ما حدث بعد اندلاع ثورة يناير)..
إقلاع الطائرات الحربية على مستوى منخفض في سماء العاصمة ليس للترهيب وإنما لعرض الحب والمودة، (في كل مرة يعتصم المتظاهرون في ميدان التحرير)..

تنبأ بترشح وزير الحرب لمنصب رئيس الجمهورية من خلال الحديث عن :
- حملة إعلامية ضخمة تؤكد وقوف الشعب إلى جانب الرئيس الجديد، واشتراط الدستور أن يكون مرشح الرئاسة مدنياً، أي ليس من العسكريين( بمعنى وجوب استقالته من الوزارة - 
المشير عبد الفتاح السيسي)..

 - ليس هناك أي ضمان لانتقال السلطة مدنياً وسلمياً في دول العالم الثالث..
- المظاهرات اليومية التي ترفع صوره وتنشد اسمه وتهتف به رئيساً..
- الجملة الشهيرة على لسان من ينتوي الترشح للرئاسة (أياً كان) : "إنني لست باحثاً عن منصب أو جاه، ولكن قبلت هذه المسؤولية لأن شعبي شرفني بترشيحي لها" ..

أثار دهشتي في عدد مرات تشبيهه عدم تحكم الشخص بنفسه ببول الشخص على نفسه ، كما لم يعجبني استرساله في كيفية اختيار مكان القصر والمشرفين على بنائه وشكل أجنحته، دون داعٍ بأن سلبنا عن أجواء مشهد الرئيس الغارق في دمه، والإسراف في الحديث عن اللقاءات الغرامية والعلاقات النسائية..

إسقاطات :
- ممارسة الرئيس لرياضة التنس الشبيهة بلعبة الاسكواش التي كان يمارسها مبارك..
- ابن الرئيس الذي يملك أسهماً وحصصاً وشراكة في كل ثقب في عالم الأعمال (علاء مبارك) ،ومهامه العديدة والمتعددة حتى وصلت كونه وزيراً ونائباً للرئيس، إشارة لمشروع التوريث الذي ظهر بعد الرواية بسنوات (جمال مبارك)..
- محاولة الاغتيال بهجوم الأسود في احتفالية مرور مائتي عام على تأسيس حديقة الحيوان، وقول"مش معقول.. مش معقول" (وردت على لسان السادات لحظة اغتياله)..
- شبه واقعة وفاة الرئيس بعملية استئصال لوز أو زائدة دودية في حالة الاستيقاظ دون مخدر أو مسكن، ثورة يناير التي كانت بمثابة استئصال مبارك من جسد المصريين..
- تولي وزير الدفاع "الحرب" مقاليد الحكم بعد مقتل الرئيس، (تولي محمد حسين طنطاوي) رئاسة مصر بعد ثورة يناير..
- تولي رئيس المحكمة العليا مقاليد الحكم كرئيس مؤقت "صوري" للبلاد، ( عدلي منصور) رئاسة مصر في الفترة الانتقالية بعد عزل مرسي.. 


أكثر ما مس قلبي :
- الفصل 22 عندما أجاب أستاذ القانون عن سبب سكوته وخنوعه
ورضاه بالظلم والطغيان وعدم صراخه بكلمة "لا" ولو لمرة واحدة، عندما قص حكاية جديه المأساوية، الجد الإخواني والشيوعي وكيف مُورس ضدهما كافة ألوان التعذيب والمهانة
أكثر حوار يوافق الواقع:

- الفصل 23 وكيفية سبك العملية الانتخابية وتحديد نسبة الموافقة ب 99.9% والاتفاق على نسب المشاركة والتصويت وإقبال الناخبين، حتى أنه تم الاتفاق على نسبة الرافضين ليُعرض ذلك في وسائل الإعلام كدليل على الحرية والديموقراطية..

بالرغم من تسلل الرتابة في بعض الفصول،إلا أنها ستستهويك عندما يبدأ لغز عملية الاغتيال في الكشف عن القاتل، إذا ما كان أحد افراد الحرس أو تورط المخابرات ورجال الأعمال للتخلص منه والحلول مكانه، لاستمرار نظام الرئيس بكفاءة أعلى في القتل والظلم والديكتاتورية، وأن التشهير والتشنيع والاتهام بالشذوذ الجنسي والأخلاقي سيكون مآل كل من يحاول الوقوف أمام آلة الظلم الممنهجة، أو الاتهام بالخيانة والعمالة كونه تجرأ على معارضة الرئيس..
أثناء القراءة ستتذكَّر رواية 1984 لجورج أورويل الذي جسَّد فيها تصوره لحياة الأفراد في ظل حكم ديكتاتوري مشبع بالتجسس واضطهاد الأفراد في مناخ من التخوين وانعدام حقوق وكرامة الإنسان، ستتذكر مشاهد من مسرحية الزعيم وعادل إمام ينطقها "بطيخ الريس لازم يكون من غير بذر، الريس لسه هيتفتف البذر؟ الريس يِلْهَط على طول"، ستتذكر محمد صبحي في مسرحية تخاريف وهو يقول "شعبي العزيز المهاود"..
نهايةً .. سيختلف تقبلك لتلك الرواية تبعاً لتوقيت قراءتك لها، لو كنت قد قرأتها قبل الثورة فسترى إبراهيم عيسى البطل الشجاع المغوار الذي استطاع أن يقف في وجه الظلم والطغيان بالخروج بتلك الرواية، ولو قرأتها بعد الثورة مباشرةً سترى كم هو عظيم في استشراف المستقبل والتنبؤ بالأحداث، ولو قرأتها إبَّان بدايات حكم السيسي سترى فيه المتنازل عن القيم والمباديء والتغاضي عن ظلم النظام بعكس ماعرضه في روايته، ولو قرأتها منذ أشهر معدودة فقط سترى إبراهيم عيسى في قديم عهده من حيث مجابهة الطغيان وقول كلمة الحق في وجه حاكم جائر..

الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

مش أحسن ما تبقى ثلاجتك زي ثلاجة الرئيس؟!

http://yanairgate.net/?p=89414
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A9-%D8%A7%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%BA%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D8%AE%D9%84%D9%88-%D8%A5%D9%84%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D8%B4%D8%B1-%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA/10154062142621696
حقيقةً أشعر بالامتنان المغلف بالتعاطف مع المحررين القائمين بتفريغ تصريحات وخطابات الرئيس، فالحديث المُرتجل غير محدَّد النطاق ولا الهدف يجعل من الصعوبة التقاط خيط لكتابة جملة مفيدة كاملة واضحة الأركان، فحديثه في نقطة واحدة قد يمتد لما يقرب من ربع ساعة دون محور محدد، دون فكرة معينة، وبالطبع وعلى الدوام مُبَطَّن بجلال إنقاذه لمصر وكيفية تضحيته بحياته، ووجوب صمود "المصريين" وأن يكونوا أمةً "مابتتكلمش خالص" ، مروراً بأهل الشر ومخططات تدمير الدولة، ولا مانع من خاتمة فريدة تأتي هذه المرة في صورة "ثلاجة" !

مؤكد سَأُتَّهم أني من قافلة التافهين أن تركت كل ما قيل في المؤتمر الوطني الأول للشباب "لأتشعبط" في باب ثلاجة الرئيس الفارغة، وأسأل كيف لثلاجة "ابن الأغنيا" (كما قال) أن تخلو إلا من مياه لمدة عشر سنوات، حتى أن ثلاجة مُعدمة لفقير مُدقع لا تخلو من رغيف يابس، أو "لقمة رز بايتة" ؟! الهيافة ليست فيمن "يتصدَّر على الكلمة" الهيافة فيمن يستنكر استفهام الراغبين في معرفة جدوى حديث مرسل في كل خطاب أو لقاء، وما زاد عليه هذه المرة ذكر نوادر خاصة وغير منطقية في الطرح!تهتز الرؤوس عن يمينه وعن شماله ومن خلفه إيماءاً بالموافقة، وتضج القاعة بالتصفيق تأييداً حتى على "الكمبيوتر اللي زَرْجِن" ونائبة البرلمان (اللي كان كل طموحها إنها تسلم على الرئيس)، لكن هل وعَى هؤلاء وهم يُأرجحون رؤوسهم بِضْع نقاط هامة تحدَث فيها الرئيس على خلاف حقيقتها؟!

- يسأل الرئيس عن محاولات الدولة في الاصطدام بأحزاب أو حجب تيارات أو قوى سياسية، لو لم تعرف الإجابة اِلْقِ نظرة على البرلمان وممثليه من كافة الأحزاب والتيارات، الغالبية العظمى وجوه وديعة تُسَبح بحمد الرئيس، ولا ترى في حكومته شائبة، فكيف يكون عدم الاصطدام والحجب منة أو نعمة؟! هل يُعقل وجود اصطدام أوحجب والكل مؤيد ولا رائحة لمعارضة؟! ومع ذلك فالكل يُؤرجح رأسه موافقة ..
- يتحدَّث عن حجم المصارحة والمكاشفة وأن مستواها أكثر من المطلوب (بزعم تهديد الأمن القومي)، هل كان كم المصارحة والمكاشفة أكثر من المطلوب في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين التي تمت في يوم وليلة؟! دون أدنى قدر من مصارحة ومكاشفة وباعتراف سابق للرئيس، أن الإعلان عن الاتفاقية في وقت مبكر عن التوقيت الذي تمت فيه كان سيثير الرأي العام ويؤدي إلى شقاق بين شعبي البلدين الشقيقين، فعن أي مصارحة ومكاشفة يتحدث الرئيس ؟! ومع ذلك فالكل يؤرجح رأسه موافقة أيضاً ..
- يُكَرِّر ويؤكد أن الظرف صعب، والاقتصاد مُتردِّي، ولكنه أدَّى دوره وقام بواجبه على أتم وجه، ليبقى الدور على الشعب المطلوب منه الصمود والصبر والتحمل والسكوت، ومطلوب من ثلاجاته أن تأخذ من ثلاجة الرئيس مثالاً يُحتذى به في ربط الحزام وعزة النفس والكرامة ! ومازال الكل يؤرجح رأسه موافقة ..

- تتعدد التحديات وتندر موارد الدولة في مشروعات مثل تطوير التعليم، لكنها وفيرة ومتوفرة في مشروع مثل قناة السويس الجديدة، تتوفر آلاف الجنيهات لقضاة وعسكريين من الشرطة والجيش، ولكن مصر في موقف صعب أمام رفع بدل عدوى الأطباء عن 19 جنيه، لتظل إجابة الرئيس أمام كل سؤال يعرض مطلباً للتطوير عن مدى إمكانية تحقيق المطلب في الوقت الراهن تحت شعاري : "منين وبكام" وَ "أنا مش مش عايز أديك، أنا مش قادر أديك" ، والكل يؤرجح رأسه موافقة ..

- يرى في الزج بآلاف من الشباب المصري بتهم واهية حمايةً للدولة، لأن مطالبتهم بالعدل والحرية وحملهم مشاكل المواطن على عاتقهم نشرٌ للمناخ التشاؤمي، ومنفصلون عن الواقع ومزيفون لوعي الناس كل من يعرض المشاكل ويطالب بحلول عاجلة وسرعة إنقاذ، ومتهمون بخلق حراك من عدم الرضا والسخط العام كل من يتحدث في غلاء الأسعار وانحدار قيمة الجنيه المصري والتخوف من تفاقم المشكلة الاقتصادية التي تؤدي إلى عجن المطحونين.

وإلى أن ينتهي هذا المؤتمر في الأيام القليلة القادمة، ننتظر التوصيات التي سيتمخَّض عنها، لعله يؤتي ثماراً لم يأتِ بها المؤتمر الاقتصادي الماضي، ولكي لا تتوقف نهضة مصر على خلو "ثلاجات" شعبها إلَّا من مياه تيمناً بثلاجة الرئيس!
بعض روابط بتصريحات الرئيس:
السيسي : لن نستطيع حل أي مسالة بالمسار التقليدي
الرئيس عبد الفتاح السيسي يوجه رسالة لكل المصريين على الهواء .. لم أبخل عليكم بحياتي

أمين عام نادي الصيادلة للسيسي: طول ما احنا رئيسنا طبيب احنا درجة تانية
https://www.youtube.com/watch?v=MK5IrmN43Q4
سؤال النائب محمد عبد العزيز وَرِدِّ الرئيس
https://www.youtube.com/watch?v=uqbJMfAGdS4
أميرة العادلي للسيسي: شركاء 30يونيو أول ضحايا قانون التظاهرhttps://www.youtube.com/watch?v=uGsjOBXQg7A
أميرة العادلي للسيسي: عايزين حرية تعبير واللي يتكلم ميتسجنش
https://www.youtube.com/watch?v=X0Pifjgdpsc

(فيديو) مقتل الرجل الكبير.. نبوءة إبراهيم عيسى

لمشاهدة الفيديو اضغط اللينك التالي:
https://www.facebook.com/E3lam.org/videos/1858887177689515/





الأحد، 23 أكتوبر 2016

سيرة الحبيبة سناء البيسي

http://www.e3lam.org/2016/10/22/155985
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D8%B3%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B3%D9%8A/10154054775471696

ماذا لو كان الكاتب الكبير مصطفى أمين يُعاصر زماننا هذا، وحدث أن استيقظت يوماً لتجد عموده اليومي “فكرة” خالياً؟!

ربما كانت لتحدث ثورة ما.. ولو أن هذا محض خيال، فإنه من واقع نجمة في الصحافة العربية قضت عمرها كله ببلاط صاحبة الجلالة المقدس، إنها سناء البيسي، فعلى مدار الأيام القليلة الماضية قد لفت غيابها الأنظار، وفطر قلوب متابعيها توقفها عن الكتابة لأسابيع..
سيدة الصحافة العربية كما يُحب كثيرون دعوتها بهذا اللقب؛ كانت نبضاً لكل الطبقات دون تمييز، أبرزت أدق تفاصيل المجتمع ومشاكله المعقدة، فكانت هموم المواطن وبمنتهى التأمل والتأثر قضية عمرها، لا تحب الظهور أمام الكاميرات فقلمها هو عصاها السحرية الذي يُبَلِّغ مرادها ورؤيتها، فيغنيها عن الظهور التليفزيوني أو تعدد الحوارات الصحافية.
وأنت تقرأ لها تسحرك لغتها المحكمة فهي قاموس للمعاني ومعجم للمرادفات، تكتب بريشة رسام عندما تتحدث عن الفن، وتكتب بأسلوب الباحث المتعمق إذا قصدت درباً من دروب الثقافة، وتتلبس روح شهرزاد عندما تحكي وتسرد القصص، مفرداتها سلسلة لا تخاطب بها فئة ذات ثقافة بعينها، وإنما تكتب من عمق كل طبقة بأسلوب لا يُختلف في تقبله، لتصبح مؤلفاتها ومقالاتها العديدة من الناس ولكل الناس.
تجدها ينبوع من الرومانسية والاحترام عندما تتحدث عن زوجها الراحل الفنان التشكيلي منير كنعان، تؤكد على دعمه وتشجيعه لها، ويبهرك تواضعها وإنكار ذاتها تجاهه بقولها: ” أنا من دونه امرأة مجوَّفة”، حتى أن صلاح جاهين تلمَّس عذوبة ذلك الحب عندما كتب الأغنية الشهيرة ” ماتجيبلي شَكَلاتة” عندما علم أن كنعان “يصالحها” بإهدائها الشوكولاتة.
صادقت وزاملت ولازمت عمالقة الصحافة، ففي حوارات قديمة ونادرة لها تجدها تفيض بكل التقدير والامتنان لأولئك العظماء، إذ تعدد مآثر الكاتب الكبير مصطفى أمين وكيف كان له الفضل في اكتشاف موهبتها الصحافية، وإعطائها فرصة لإثبات جدارتها، وتدريبها على العمل الصحافي بمختلف الأساليب، إلى أن نصَّبها رئيسة قسم المرأة بأخبار اليوم، واعتماد إبراهيم نافع عليها في تأسيس مجلة “نصف الدنيا”، كما كانت تكن للأستاذ محمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين فضلاً خاصاً في دعمهما لها أثناء الأزمات.
لم تتوج  ملكة على عرش قلوب القراء فحسب، فأسلوبها الأدبي المميز جعل عظيم نوبل “نجيب محفوظ” يكتب لها “لا أستطيع أن أبلغ ذروة بلاغتك”، قامت بتقديم مقدمة أدبية لكتابه الذي جمع فيه ما يقرب من 300 حلم بعنوان “أحلام فترة النقاهة..الأحلام الأخيرة”، كما أنها خرَّجت جيلاً من المبدعين أمثال عمر طاهر وزين العابدين خيري.
الصحافية الشابة التي خطت أولى خطواتها بجريدة الأخبار فنانة تشكيلية مرهفة الحس أبت أن يُطلق مسمى “صحافة نسائية” على أعمال الكاتبات السيدات، فإبداع الكاتبة لا يُشَبَّه وكأنه عمل منزلي يحتاج لارتداء مريلة مطبخ ( على حد تشبيهها)، وعندما داهمها سن المعاش الذي لم تعطه حساباً أو تعره اهتماماً، وبعد مسؤوليتها التي استمرت سبعة عشر عاماً  تم تنحيتها عن مجلة نصف الدنيا، مما ترك في صدرها إحساس بالمرارة، ولم يخفف من ألم ذلك الجرح سوى بقاءها على صفحات الأهرام بكتابة مقال أسبوعي.
من أبرز مؤلفاتها :
“في الهواء الطلق” – قصص قصيرة نشر سنة 1973
“أموت وافهم” نشر سنة 2001
“الكلام الساكت” نشر سنة 2003
“سيرة الحبايب” نشر سنة 2009
” مصر يا ولاد”- مقالات نشر سنة 2010
من أعمالها التي جسدتها الدراما مجموعتها القصصية “امرأة لكل العصور” في المسلسل الشهير “هو وهي” عرض 1985 بطولة سعاد حسني وأحمد زكي، التي طرحت وعالجت فيها عدد من القضايا بين الرجل والمرأة، وأيضاً مؤلفها الذي حمل اسم “الكلام المباح” وتم تقديمه بنفس العنوان كمسلسل تليفزيوني في 2005 بطولة دلال عبد العزيز وحسين الإمام، وتم تقديمه كمسلسل إذاعي حمل نفس الاسم بطولة معالي زايد وسماح أنور وعزت العلايلي.
لينك بعدد من مقالاتها وأعمالها الأدبية في عدد من المجلات
ويبقى السؤال عن سبب الغياب، أهو عزل أم اعتزال، أهو امتناع وتوقف لتجاهلها وعدم تقديرها، أم أنه منع وتضييق على قامة تحمل اسم سناء البيسي ؟!

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

3 وزراء ..بعد الخط الأحمر

http://www.e3lam.org/2016/10/18/154870
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/3-%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%B1/10154041425706696

أصبح من المتكرر وقائع إيقاف أو إقالة كل من يجرؤ ويُقدِّم نقداً لوزير من الوزراء، في موجة جديدة لقمع الحريات والحجر على الآراء، ليبقى المسؤول عن قرار الإيقاف أو الإقالة متجاهلاً الهدف الأساسي من وراء أي نقد بنَّاء، وهو دفع ومتابعة أداء الوزراء ومنظومات العمل داخل الوزارات، مما يضمن تحقيق واستمرارية التطوير، وخلال الأيام الأخيرة أصبح لدينا 3 وزراء يقفون بعد الخط الأحمر أي لا يستطيع أي ناقد تجاوزه هذا الخط وتوجيه أي انتقادات لآدائهم للصالح العام .


وزارة الاستثمار: الوزيرة  داليا خورشيد
أصدرت شبكة تليفزيون ON TV، بيانًا، أعلنت فيه فسخ تعاقدها مع الإعلامية رانيا بدوي، بعد تقديمها أولى حلقات برنامج “كل يوم” مع الإعلامي عمرو أديب، على خلفية مهاجمتها لوزيرة الاستثمار، داليا خورشيد، جاء فيه : "تؤمن شبكة قنوات ON TV بأن المبادئ الإعلامية وقيم وشرف هذه المهنة لا يتجزأ، وتحمل القناة على عاتقها مهمة إعلامية وطنية تعتبرها تحدياً غير مسبوق فى ساحة الإعلام التليفزيوني من خلال الإصرار على تقديم إعلام حر ومستقل يحترم عقل المشاهدين بلا إسفاف أو إسراف أو إساءة أو خرق لأخلاقيات هذه الرسالة النبيلة، وقد نجحت ON TV فى أسابيع قليلة من أن تحتل مكانة لدى المشاهدين، ارتباطا بذلك فإن الشبكة تعتذر عما جاء فى أحد برامجها من إساءة وتجاوز فى حق إحدى الشخصيات العامة" ..
وقد قالت رانيا بدوي خلال تقديمها أول حلقة لها ببرنامج “كل يوم” مع الإعلامي عمرو أديب، عبر فضائية On E : “السيدة وزيرة الاستثمارة من أسوأ وزراء الاستثمار في مصر، وأقصد هنا سوء الإدارة وليس سوء الشخصية، فلم نسمع عن رحلات مكوكية للإستثمار في مصر، لا قرارات، لا تعديلات، ولا أحد يعرف اسمها”.


يُذكر أن الوزيرة كانت قد تلقت الكثير من الانتقادات بعد مضي فترة قصيرة من تعيينها بسبب تصريحاتها حول رغبتها في زواج الفرصة بالمستثمر، إذ قالت : "هناك مستثمر محلي وأجنبي وهناك فرصة، المستثمرين تايهين جوانا، إحنا عايزين نجَوِّز المستثمر للفرصة ويخلفوا كمان”، مما أثار ذلك التصريح موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي ومن أعضاء مجلس النواب.
فيديو مداخلة مفيد فوزي ورانيا بدوي عن وزيرة الاستثمار
https://www.youtube.com/watch?v=bI1VaY0jevA
وزير التربية والتعليم: الهلالي الشربيني

قام محافظ دمياط الدكتور إسماعيل طه بإصدار قرار نقل وندب محمد عبد الوهاب الطلخاوي، مدير مدرسة النصر الإعدادية بدمياط، بسبب رأي كتبه على فيسبوك بخصوص وزير التربية والتعليم الهلالي الشربيني، وقد حاول المحافظ تخفيف وطأة الأمر بأن القرار ليس بسبب وزير التعليم، وإنما بسبب بوست حمل تهديداً لوكيل المديرية وخروجه عن مقتضى الواجب الوظيفي وعدم مراعاة قواعد اللياقة وتقاليد المهنة، وأن القرار ليس وقفاً ولا نقلاً، وإنما مجرد ندب لديوان مديرية التربية والتعليم لحين انتهاء التحقيق معه..
وجاء رد مدير المدرسة الموقوف بنفي أى تهديد قام به لوكيل المديرية، فيما وجه حديثه للمحافظ، أن القرار المتعسف ضده ما هو إلا إرهاب وتكميم للأفواه، واعتماد المحافظ على تقارير من مديرية التعليم دون فتح تحقيق حقيقي أو إخطاره عن طريق مخاطبات إدارية ..
فقرة نقل مدير مدرسة بدمياط عقاباً له لنقد وزير التربية والتعليم ببرنامج العاشرة مساء
https://www.youtube.com/watch?v=agBANCPYPhA
وزير الزراعة: عصام فايد
في 22 سبتمبر2016 قرر الدكتور عصام فايد وزير الزراعة تعيين الدكتور حامد عبد الدايم المتحدث باسم مركز البحوث الزراعية، بدلاً من عيد حواش، المستشار الإعلامي للوزير والمتحدث الرسمي بإسم الوزارة، على خلفية انتقاد حواش قرار الحكومة بالتراجع عن حظر دخول الأقماح المصابة بالأرجوت..
وفي اليوم التالي جاء رد حواش بأنه يحترم رغبة وزير الزراعة، عصام فايد، في إقالته إذا كانت تصب في صالح الاقتصاد الوطني الذي نسعى دائماً إلى رفعته وتعزيز فرص عمل حقيقية لأبناء مصر من خلال تطوير الزراعة ومراعاة حقوق الفلاحين ..
يُذكر أن عديد من الوزراء السابقين سجلُّوا اعتراضهم وانتقادهم للحكومة في هذا الملف ..

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

عصَّار الشجن علاء الديب

شعور مختلف .. فأنا أقرأ في كتاب واحد عن أكثر من مائة عمل أدبي من خلال أكثر من مائة مقال فني للأسطورة علاء الديب، عشرات المقالات خلال ثلاث عقود، وأنا في أحدها لم أكن بعد جنيناً في بطن أمي، إنه كتاب “عصير الكتب” ..

الكتاب ليس نقديَّاً بالمعنى المتعارف عليه من استخدام عبارات إنشائية، أو متبعاً لمنهج تقليدي جامد، وإنما كتاب تُحفَّز من خلاله على اقتناء كثير من الأعمال الأدبية التي شغف بها القدير علاء الديب، مع بداية الكتاب تجد شهادة عظيمة من الكاتب “إبراهيم أصلان”، وهي في الحقيقة شهادة على شهادة؛ أبداها الكاتب علاء الديب على حقبة ثرية ومثيرة (كما وصفها أصلان) من تاريخ هذا الوطن، تلاها تهنئة من الكاتب بلال فضل ببلوغه عامه السبعين، يتخللها مديح وثناء في قامة الديب من خصال نكران الذات، والانشغال بالعمل والمعرفة في تصوف وزهد..
الكاتب والروائي الفذ الذي قضى أربعين سنةً من حياته وسط الكتب، ومر عليه ثلاثة أجيال من الكتاب بكل قامته تلك يقول عن نفسه؛ أنه ليس ناقداً وإنما يقوم بعمل “عرض أو استعراض للكتب/ Book Review” ، إذ كان يُقدِّم كل خميس قصة مختلفة في باب “عصير الكتب”على صفحات مجلة “صباح الخير” وذلك على مدار ثلاثين عاماً، ثم قام بجمع كل تلك المقالات في كتاب اسمه “عصير الكتب” صدرت طبعته الأولى في 2010 عن دار الشروق، مؤكداً أن هدفه الأساسي من مراجعاته تلك؛ هو مشاركة في التفكير العام، فاختياره للكتاب سؤال، والكتابة عنه محاولة للبحث عن إجابة لذلك السؤال ..
الكتاب يضم مائة وأحد عشر عملاً للعديد من الكتاب، ليسوا فقط من المصريين، وإنما اهتم بمتابعة العديد من كتاب ومثقفي العالم العربي، من لبنان وفلسطين والبحرين والمغرب وغيرها، ذلك العدد الضخم من الكتب تنوع في عرض العديد من القضايا التي تؤرخ حياة المجتمع العربي، مثل القضية الفلسطينية ونكسة يونيو ومأساة الأسر، وحرب أكتوبر والاستشهاد والسلام والانفتاح والتضخم، وروايات تسجل نشأة الصناعة المصرية والمطحونين بين الظلم والفقر والتوق للعدل والحرية، وقهر المرأة في المجتمعات العربية، والانتقال الصعب الموجع للمجتمع العربي من البداوة إلى حياة النفط، وأزمات الطبقة الوسطى، والريف المصري وشخصية الفلاح، حتى القراءة في الفانتازيا كان لها مكان في عصير الكتب ..
يبدأ عرضه للكتاب من خلال عنونة المقال النقدي بنفس عنوان العمل الأدبي أو بعنوان آخر اختاره بنفسه، ثم يعرض معلوماته الأساسية (اسم الكتاب، المؤلف، الناشر)، ثم يُعطي قراءة نقدية دقيقة وموجزة في أسطر قليلة بالكاد تتم الصفحتين ونادراً ما وصلت إلى ثلاث صفحات أو أكثر، ثم يُعطي لمحة قصيرة عن أحداث الكتاب (قصة أو رواية أو مجموعة قصصية أو الأعمال الكاملة لبعض الكتاب)، ثم يستفيض في رؤيته الخاصة أو تفسيره للإسقاطات التي وردت بالعمل الأدبي، من خلال ربط وتحليل تلك الإسقاطات مع ما يواجهها في الواقع الحقيقي، كما أنه يذكر بعض الجُمل أو الفقرات التي عملت في نفسه شيء ما، أو وجدت لديه صدىً يستحق الإشادة، مثل ما أشار إليه في كتاب “بشاير اليوسفي” لرضا البهات : “لا شيء يرفع عن النفس اليأس والقنوط والأحزان سوى ضوء قطعة من الفن الصادق الأصيل، الذي يحاول ترتيب الواقع، ويبعث ما فيه من قوة وأمل” ..
كَرِهَ تقسيم الحياة الأدبية إلى أجيال وإنما كان يفضل على الدوام تصنيف الكتاب بحسب مدارسهم واتجاهاتهم، كان يُغرم ويُفتن بكل كتاب ومؤلف يكتب عن الريف والفقراء، يُسلِّط الضوء على الأعمال الأدبية التي يراها تستحق مزيداً من اهتمام القراء والنقاد، ولا ينتقد لمجرد النقد، فتجده عند الثغرات أو الهفوات يُغَلِّف نقده بسبب أو بمبرر للكاتب، كإحدى تعليقاته: “الحرارة والصدق لا تغفر له ارتباك الجملة الأدبية أحياناً”، لو كان نقده لاذعاً فإنه بلسعة برد الخريف الجميل، كما في نقده لأسلوب الغيطاني في كتابه “هاتف المغيب” : (العمارة الكلية للبيت “الرواية” والاتصال بين العمارة ووظيفتها “الرواية-القاريء” مازلت فيما أعتقد- هي مشكلة الكتابة عند جمال الغيطاني.. ماذا يريد الأديب من استحضار هذه الروح؟ وماذا يريد من كل هذه الدقة والجهد والإتقان؟ هو-بالقطع- يريد أن يدلنا على معانٍ خافية تبعثها المشربيات، والمآذن الباسقة في أفق المنيب القاهري الفريد) ..
في كثير من مراجعاته النقدية كان يذكر أن أحداث الرواية أكبر من الاستعراض في هذا الحيز الضيق، ثم يترك للنقاد المجال أو يدعوهم للحديث عن تحقيقات في اللغة والشكل الروائي، يذكر تاريخ ومكان الإصدار وإذا ما كان يتم الإعداد لجزء ثاني من العمل الأدبي، وكان يذكر نبذة عن حياة الكاتب وعمله والمناصب التي تولاها ولا ينسى بالطبع الثناء عليه وعلى فنه وأدبه بكلمات عذبة ومعانٍ رقراقة كلٌ بحسب ما أبدع فيه، وإذا لم يعرف عنه الكثير فإنه يقول لا أعرف عنه الكثير، وفي أثناء الحديث بشكل عام عن عمل روائي فكان يستخدم الكلمات والأوصاف التي تضعك في بنية مجسمة للعمل وكأنك داخل بلاتو تصوير، أو كأنك مشاهد تشاهد الكتاب من خلال عمل درامي على شاشة تليفزيون أو سينما ..
من أكثر العبارات التي ذكرها ولمست قلبي :
(الوقائع هي الوقائع ولكن عندما يُعيد ترتيبها أديب أو فنان فإنها تتخذ في النفس معاني وأبعاداً، أكبر منها وأعظم أثراً في النفس) ..
وأخرى في حديثه عن كتاب “عباد الشمس” وهو عمل لكاتبة فلسطينية : (يُعلمنا هذا النوع من الأدب – أن أول الأعداء.. هو تسترنا على الأخطاء والحقائق الضعيفة، يعلمنا هذا النوع من الأدب أن الأعداء يختفون جيداً خلف أوهامنا.. خلف الأكاذيب التي نصنعها وخلف الأصنام التي نخشى تحطيمها)..
عصَّار الشجن علاء الديب الذي رحل عن عالمنا في فبراير2016 لم يغفل رثاء أصدقائه في كتابه “عصير الكتب” أثناء تناول عمل من أعمالهم، ولرد جزء من جميل هذا العظيم لابد من تسليط الضوء على رواياته ومجموعاته القصصية، وتناولها بشيء من الحب والتقدير ولفت الانتباه كما فعل هو للعديد والعديد على مدى عقود ..

ليه لازم تقرا كتاب "إذاعة الأغاني" ؟

الخميس، 22 سبتمبر 2016

هل تناولت شَرْبة الحاج داوود؟

http://www.e3lam.org/2016/09/20/147271
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%AA-%D8%B4%D9%8E%D8%B1%D9%92%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC-%D8%AF%D8%A7%D9%88%D9%88%D8%AF/10153974609881696

https://www.facebook.com/Dr.AhmedKhaledTawfik/posts/10154057873193722?notif_t=notify_me_page&notif_id=1474504196386177


استعد .. فأنت الآن على موعد مع “شَرْبَة”، ليست من النوع كريه الطعم أو الرائحة والتي تسبب مزيداً من “مَوَعَان النفس” للمريض، وإنما “شربة” أعدَّها لنا د/ أحمد خالد توفيق من خلاصة كتابات ومقالات في عدد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، لعلها تهدي القاريء للتقرقة ما بين هو علمي، أو نصف علمي، أو شبيه بالعلم، أو لاعلمي ..

كتاب “شَرْبَة الحاج داوود”، عرض فيه لنا الكاتب الطبيب تاريخ الطب في اكتشاف عدد من الأمراض، والتدرج في اكتشاف الفيروسات أو البكتريا المسببة لها، شرح لنا عن معنى الفرع المسمَّى”طب المناطق الحارة- وهو تخصص الدكتور أحمد خالد توفيق” التخصص الذي يكتب أصحابه على لافتات عياداتهم في مصر “مختص أمراض الكبد والحُميَّات” ، وكيف كان للاستعمار البريطاني الفضل في اكتشاف تلك الأمراض المتوطنة على يد علمائه وأطبائه، بالرغم أن نيته في البداية كانت الحفاظ على جنوده من الأوبئة، واستعباد شعوب قوية منتجة خالية من الأمراض، إلَّا أن العالم كله اليوم يعيش في مأمن من تلك الأمراض الفتَّاكة ..
وصف لنا عقيدة بعض الأطباء (اخلق مرضاً لا وجود له ثم عالج المريض منه)، إذ يوهم الطبيبُ المريضَ بأنه “صاحب عَيَا” ويرهقهه في دوامة من التحاليل والفحوصات، ثم يعطيه الدواء وفي النهاية يقنعه بأنه تماثل للشفاء، وشرح لنا عن عشاق الأدوية وصاحب “متلازمة منخاوزن” وهو المتمارض مدمن المستشفيات، كما حدَّثنا عن “نظرية الميازما” إذ كان الاعتقاد السائد في القِدَم أن المرض ناجم عن العفن والنباتات المتحللة التي تنتقل عندما تهب الرياح على الماء، بل والاعتقاد الذي سيطر على البعض بأن الطاعون كان ينتقل عبر عيون المرضى مما جعل المحيطين بهم يعصبون أعينهم !
شرح لنا كيف أن الإنسان كائن وهن، ينتصر عليه كائن لا يُرى بأقوى المجاهر، ويستطيع أن يتركه جثة هامدة، حدَّثنا عن شراسة الفيروسات وكيفية تطويرها لنفسها دون توقف، فاللقاحات التي تصدت لها بالأمس عجزت عن مكافحتها اليوم وستعجز في ذلك غداً، وعدَّد لنا مجموعة من الفيروسات النزفية وعن فترات الحضانة وطرق الإصابة وكيفية العدوى وشكل الأعراض، وعدم وجود لقاح فعَّأل لأغلب أنواع الحمى في مراحلها المتأخرة، تحدَّث في خمسة فصول متتالية عن النصب في الطب والعلاج الزائف بالأعشاب والأوزون والأنزيمات والحمام وتحت الهرم حتى وصل إلى النصب بـ”جهاز الكفتة” المزعوم في فصل عنونه بـ “شربة الحاج داود” نفس اسم الكتاب، وكيف أنه منذ قرون طويلة استخدمت الجيوش جثث قتلى الطاعون كسلاح بيولوجي في حرب بدائية بيولوجية أودت بحياة الملايين !
بالرغم أن أغلب الكِتَاب شمل مقالات علمية عن تاريخ الطب، إلا أنه في فصله الأول عن ما ذكره من موقف من سيرته الذاتية كان بِلَغة سلسة استطاع من خلالها تجسيد صورة للمكان دون تعقيد أو إطالة، واهتم بسرد مشاكل المجتمع المصري في قالب كوميدي تخيلي عن وفاة “فيروس كورونا” الذي قدم إلى مصر غازياً ظانَّاً أن تكدس البشر فيها سيكون خير معين له في إقامة مستوطنة وبائية، إلا أن أزمة المرور وعوادم السيارات ودخان السجائر أودى بـ “الفيروس” للخضوع إلى جلسات استنشاق، وعندما حاول الهروب اعترض طريقه “فيروس C” البلطجي وأخذه مقص حرامية وطالبه بإتاوة، وعندما حاول الاحتماء في أعلى الجهاز الهضمي للمصريين فوجيء باللبن المخلوط بالسيراميك، واللحم منتهي الصلاحية، والزيتون المطلي ورنيش، والجبن المحفوظ بالفورمالين ..
شمل الكتاب باباً بعنوان “بعيداً عن الطب” ، وبالرغم أني لم أستسغه شخصياً وأحسسته دخيلاً على الأجواء الطبية التي غمرني بها في الأجزاء الأولى من الكتاب، إلَّا أن الطابع العلمي لم يُفارق تلك المقالات أيضاً في حديثه عن برامج التجسس واختراق الشبكات وسرقة المعلومات على الإنترنت، وما أن فرحت بِوَصْلة “نوستالجيا” في حديثه عن جهاز الفيديو وأيام تأجير شرائط الفيديو إلا أنه سرعان ما أدخلني في دوامة من أنواع عدسات السينما وكاميرات التصوير وتقنيات العرض والنظارات ثلاثية الأبعاد، إلَّا أن الفصل الأول من ذلك الباب والذي حمل عنوان “أنت وقطة شرودنجر” أكثر ما لمس قلبي في حديثه عن نقاط التفرع الجوهرية التي تقود كل إنسان إلى منعطفات جديدة في حياته، ولكنه سرعان ما أدخلنا من جديد في الأجواء الطبية عبر باب “فتنة انفلونزا الخنازير” بمجموعة من مقالات ترسم كم الرعب إبَّان انتشار أخبار ذلك المرض ..
لاحظت أن بعض العبارات أو الفقرات تكررت في أكثر من مقال، ولكن لا ضير من هذا فنحن لسنا بصدد رواية متواترة الأحداث، وإنما عدد من مقالات تتكلم في مجالٍ واحد وترصد مشاكل في دائرة مفرغة تتكرر بعينها كل حين، الدكتور أحمد خالد توفيق ذو الكلام الطبي العلمي صاحب الخيال القصصي استطاع أن يسلط الضوء على أن العلم والتعليم الجيد هو الحل السحري لكسر تلك الدائرة المفرغة التي تحوم فيها المشاكل في مصر وتتفاقم حد الكوارث، وكيف أن مهنة التدريس في منزلة مقدَّمة على كافة المِهن الأخرى، مؤكداً على وجوب تنمية العقلية النقدية للبحث عن الدليل والإثبات لكل ما يُعرض علينا، وأن الإعلام المضلل بكافة وسائله هو المسؤول عن انتشار وباء من التخلف العقلي.

الاثنين، 19 سبتمبر 2016

الهروب من وإلى تيران

http://www.e3lam.org/2016/09/17/146469
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D9%88%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86/10153967122946696

هو ليس ضمن مجموعة من الأصدقاء قرروا تسلق جبل في أحد الشهور الشتوية ثم مات تجمداً مثل ضحايا سانت كاترين منذ ما يقرب من الثلاثة أعوام كي يبادر كثيرون بقول "إيه اللي ودَّاه هناك ؟!" ، وهو أيضاً ليس أحد المصريين الذين يهاجرون بطرق غير شرعية ويموتون غرقاً في البحر ليقول كثيرون: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، فهو مغترب مصري كملايين غيره في بلاد الله التي استقبلته بعد أن ضاق به وطنه ولم يجد فيه من سبل الحياة الكريمة ما يسد رمق العيش ..



المصري "محمد سعد محمود" سافر من مصر إلى السعودية هرباً من البطالة، لِيَفِرَّ من السعودية إلى مصر هرباً من نظام الكفالة، وبعدها تقدَّم أخوه ببلاغ للأمن حال وصوله للجزيرة ليتم البحث عنه دون أي أمل بالعثور عليه حياً أو ميتاً، وبعد شهور وجدوه جثةً متحللة حتى الهيكل العظمي على جزيرة تيران المصرية، لقد مات المسكين جراء الإرهاق من السباحة والجوع والعطش، ولم تنفعه بضع مئات من الريالات سواء كانت راتبه المُدَّخر أو كما يدَّعي البعض أنها نقود سرقها من كفيله، فالمهم أن المحصلة النهائية هو ميتة شنيعة على تراب مصري يستميت النظام وأنصاره بإثبات سعوديته، وعقول وألسنة لا تملك أقل قدر من إنسانية للخوض في عرض إنسان هو في كل الأحوال ضحية إهمال واضطهاد ..

تلقيت نبأ العثور على جثة الشاب على جزيرة تيران وأنا على أحد شواطيء شرم الشيخ في نقطة هي الأقرب إلى جزيرة تيران، تبزغ أمامي الجزيرة الذي قضى القضاء المصري باستمراريتها ضمن الإقليم المصري، ولازالت بعض الفنادق والمنتجعات تحمل في أسمائها كلمة "تيران"، وتنطلق إليها الرحلات البحرية كل يوم للغوص واستكشاف الطبيعة الخلابة في قاع البحر، وكان يسبح أمامي في نفس لحظة قراءة الخبر أسرة سورية كبيرة العدد من كافة الأعمار، عندها تبادر إلى ذهني أن هؤلاء السوريين الذين طالما صدَّع مطبلون السيسي أدمغتنا بمأساتهم هم الآن في حال أفضل من ذلك المصري، هم الآن ينعمون بماء البحر وأشعة الشمس ودفء الشاطيء ورغد العيش في بلد هو بالنسبة لهم بلد مهجر، في الوقت الذي تُنقل فيه جثة المصري إلى شرم الشيخ، والذي هُدِرت كرامته مرتين، مرة بنظام الكفيل السعودي، والمرة الأخرى حين هُدِرت حياته حين فكر الرجوع إلى وطنه، "رميت نفسك في حضن .. سقاك الحضن حزن" أغنية شهيرة لعبد الحليم حافظ قد تكون خلفية غنائية باهرة لذلك المشهد البائس ..

"مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق"، الفزَّاعة التي طالما استخدمها المضللون لتخويف المصريين، وكأن كل السوريين أصبحوا متسولين باعة مناديل في إشارات المرور، لا يذكرون أن آلاف منهم يعيش في مصر حياةً أفضل من المصريين أنفسهم، صحيح أن ملايين تم تهجيرهم من سوريا العزيزة هرباً من الحرب، ولكن في مقابلهم كان ملايين المصريين قد تم تغريبهم عن وطنهم طوعاً بحثاً عن لقمة العيش، وصحيح أن آلاف السوريين قد ماتوا غرقاً في البحر وآلاف ماتوا تحت الأنقاض في سوريا، ولكن سبقهم إلى الغرق أيضاً مصريون هربوا بطرق غير شرعية، وآخرون ينتظرون الموت كل يوم من فساد مستشرٍ في بلد نظامه الفاسد لم يسقط بعد، إذاً فالنتيجة النهائية التي هي حال ملايين من المصريين لعقود متتالية هي شبيهة إلى حد كبير بحال جديد لكثير من السوريين في الخمس سنوات الأخيرة، دون صواريخ روسية أو براميل متفجرة، هي الموت جوعاً ومرضاً وفقراً ..

ربما تحرك حادثة المصري على جزيرة تيران المياه الراكدة في قضية العمالة المصرية ونظام الكفيل السعودي، فكم تعددت حالات الانتهاك والاضطهاد والإجبار على تقديم التنازلات ليتم نقل الكفالة أو الرجوع إلى مصر، أو العيش لشهور دون تلقي المستحقات المالية واحتجاز جوازات السفر، وربما تعرضوا في نهاية الأمر لمحاكمات غير عادلة في وقائع ملفقّة انتقاماً منهم، وفي المقابل لابد من تقوية دور السفارة والتأكيد على ضرورة أن تكون هي الملجأ والملاذ لكل مصري لا يستطيع انتزاع حقه ومنعه من أن يُعرِّض نفسه لتلك النهاية المأساوية، وربما كانت تلك الحادثة أيضاً خير شاهد على قضية حُبِسَ فيها عشرات ممن قالوا وكتبوا بمصرية جزيرتي تيران وصنافير ..

من المآسي اليومية يتضح جليَّاً أن النهايات السعيدة لا توجد إلا في خيال السينما، فالممثل توم هانكس الذي عاش على جزيرة وحيداً لشهور في فيلم "كاست أواي"، واستطاع أن ينجو بنفسه في النهاية، لم تتحقق تلك النهاية مع بطلنا في العالم الواقعي الظالم، ذلك الواقع الذي يقوم فيه طفل ذو ثلاثة عشر عاماً بعبور البحر الأبيض المتوسط في إحدى مراكب الهجرة غير الشرعية بحثاً عن علاج لأخيه المصاب بالسرطان، لم يجده في وطن يتغنى له المطربون بكلمات مثل "ماتقولش إيه اديتنا مصر قول هندِّي إيه لمصر!" ، "مصر اللي عايشين من خيرها!"، وطنٌ يلفظ أبناءه حتى في اللحظات التي يهرعون فيها إليه !! ..
فأعوذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال ..

السبت، 10 سبتمبر 2016

أزْهَرِيٌّ بَوَّابًا لِلْحَانَة

http://www.e3lam.org/2016/09/10/145230

https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%A3%D8%B2%D9%92%D9%87%D9%8E%D8%B1%D9%90%D9%8A%D9%91%D9%8C-%D8%A8%D9%8E%D9%88%D9%91%D9%8E%D8%A7%D8%A8%D9%8B%D8%A7-%D9%84%D9%90%D9%84%D9%92%D8%AD%D9%8E%D8%A7%D9%86%D9%8E%D8%A9/10153946723711696

https://www.facebook.com/abdelrahim.kamal/posts/10154105369113547

قال حسان الشيخ الأزهري و"بوَّاب الحانة" :عامٌ كاملٌ يا مولاي حتى رأيتك في حلمِ الأمسِ تنادي عليَّ وأنا أهربُ منك من أجلِ أن أمضمضَ فمِيَ من طعمِ الخمرِ ورائحتِهِ فهل فسدَ القلبُ ؟!
ردَّ الشيخ : كُن حيث وَجدْتَ قلبَك !
ولكنَّ جواب الشيخ ألهب حيرته وشكِّه ..

تتناول رواية "بواب الحانة" حالة حسان الأزهري، الشيخ الذي ضل طريقه لعام كامل، ليكن نبراس أمل وباب توبة لمخضرمين في شرب الخمر، في البدء قام بضرب مخمور ضرباً مبرحاً توبيخاً له على حالة سُكْرِه،  ثم انتهى به الحال سكيراً وبوَّابا لخَمَّارة، بعد ذهابه إلى تلك الحانة ليتلمس اعتذار السَّكير ..
من داخل حانة بمصر القديمة بمنطقة الجيَّارة، ومن خلال جنبات الكتاب سافر بك عبد الرحيم كمال في أساطير أشبه بألف ليلة وليلة، في حكاية "جَرَّة الصبر" من التراث الصعيدي، وعندما يضعك تحت القصف الأمريكي في العراق، ومن ثم حكاية عبد الله العراقي الذي وصل لنيل مصر سباحةً من خلال نهر الفرات ..
هناك شخصيات أساسية تَسَلْسَل سرد حكايتها من أول الرواية حتى نهايتها، وأخرى ثانوية بدأت وانتهت في فصل واحد، كالروائي الفاشل ومُعجَبَتِه، والدرويش والخواجاية المُلْحِدَيْن، في إشارة أن رواد الحانة في تنوع، ووفودهم لا نهائي، فمنهم من يدمن الخمر طيلة سنين ثم يتوب ويهجرها، والبعض الآخر يأتيها من حينٍ إلى حين، ولكن تبقى الحانة على حالها في انتظار مزيد من التائهين، في رمز إلى الدنيا ..
كانت هناك مشاهد شيمتها الإطالة، ومشاهد أخرى الاختصارُ كان سمتها، ولكن ما أن دخلت الممرضة "حياة" إلى الحانة كان الحكي عنها متصلاً في فصولٍ خمسة متتالية، لم يقطع التسلسل سوى فصلين قصيرين جداً، كان من الأوْلى أن يتخلل قصة حياة استمرار الحكي عن الشخصيات الأخرى، كنمط الكتاب منذ البداية، ولكن قد يكون تم تكثيف السرد فيها بالقرب من نهاية الكتاب، كونها ستغدو اليد التي ستنقذه من حالة الغرق ..
أرى أنه بالغ في سرد أسماء المشايخ وأصحاب الطرق والمقامات، إذ ذكر ما يقرب من ستة عشر اسم، إلا أن ذلك قد يكون دليلاً للمهتمين بالبحث في أسماء أخذت الدِّين في تسامحه ويسره، بعيداً عن التطرف والتشدد والغلظة والتضييق ..
بالرغم أن عبد الرحيم كمال لم يسترسل في وصف عناصر المكان، فقد ذكر فقط الإضاءة الخافتة وصوت أم كلثوم وأطباق الترمس والجرجير والأكواب الزرقاء وزجاجات الخمر، إلا أنه برع في وصف المنامات، فأثناء القراءة تحس أنك في قلب المنام، لا ينقص إلا أن تستيقظ وتجد نفسك جالساً في الحانة بطلاً من أبطال الرواية ..
بالنسبة للغلاف كنت أودّ أن يكون بألوانٍ أكثر بهجة، ولكنه ربما أخذ نفحةً من روح الغموض الذي ألَمَّ ببعض الأحداث، ولكن على كل حال أنصح بغلاف أكثر وضوحاً في الطبعة الجديدة ..

أثناء القراءة قد يهفو على بالك فيلم "ثرثرة فوق النيل" عن رواية الأديب الكبير نجيب محفوظ التي تحمل نفس الاسم، والتي هام أبطالها في عوامة جعلوها "غرزة" لشرب الحشيش، كلٌ يهذي بشكواه، والتي انتهت بانتفاضة على هزيمة وانكسار النفس بعد نكسة 67، ولكن الانتفاضة هنا كانت على لهو النفس ومتاع الحياة الدنيا الذي رُمز له بالخمر..
اهتم عبد الرحيم كمال بجعل الحكمة تتجلى على ألسنة هؤلاء السكارى، فالمآسي التي واجهوها كفيلة أن تفجرها منهم، كما عرض لمسة سياسية للأوضاع الراهنة، ذكر ثورة يناير وجاء بالفرق بين النفاق والقوادة على لسان شخصية "فريد" الإعلامي، كما لَمَسْت صدقه في وصف العاصمة بالغولة التي تأكل الغرباء وإن تركتهم يكملوا حياتهم طالبتهم بباروكة شعر وطاقم أسنان ..
لم يتح لي أن أتابع المسلسل الرمضاني "يونس ولد فضة" ولكن رائعة "الخواجة عبد القادر" تشبه إلى حدٍ ما "بواب الحانة" ، فالخواجة المسيحي عاقر الخمر قد هتف في نفسه هاتف إلى أن اهتدى للدين، وأصبح خواجة شيخا ذو كرامات، وأيضا فالشيخ الأزهري الذي هام على وجهه فترة في الحانة؛ رجع إلى صوابه في نهاية الأمر بعد أن كانت كراماته شعاع نورٍ للمهتدين، حتى "ونوس" الشيطان جعله عبد الرحيم كمال ينطق بالعظة أحيانا ..
الرواية تخبرك أن السُكر ليس فقط من الخمور، وإنما قد يُذهب العقل أيضاً نظرة حبيب أو بيت شعر أو صوت مغنية، والحانة التي لا تقدم الخمر في رمضان، قدمها عبد الرحيم كمال مباركة، وكأنها ملاذ للَّوّامة أنفسهم، يشكون همومهم فيجدون من ينصت وينصح، ولكن بوابها؛ شيخها الأزهري هو من جعل منها ذلك الملاذ، خلوة للاعتراف اللاإرادي، ومن ثم التوبة النصوح بالإقلاع عن شرب الخمر، وكأن إعراض شيخه عنه في البداية كان درساً له أن يبحث عن كيفية تكفير الذنوب التي نظلم بها أنفسنا ..
قد يبدو أن بُعد حسان عن الطريق القويم لمدة عام عقاباً له، فذاق حال السكارى لفترة، ليعلم ما الذي يدفع هؤلاء لإيذاء أنفسهم بهذه الصورة، فلا يسرع بالحكم عليهم من مظهرهم المخمور، ووجوب دعوتهم بالحسنى والأخذ بأيديهم باللين والنصح، إلا أنني أرى أن تيهه وتخبطه كي يتلقى الكرامة والإلهام والدرس من فترة التيه تلك، وأن الله يخلق الفرج من قلب الضيق، وليس للإنسان أن ييأس من رحمة الله، وألا يتوقف عن توسل المغفرة حتى لو كان مثقلاً بالذنوب ..

نهايةً؛ أتمنى أكون قد وُفِّقت في طرح رؤيتي وأن تكون قريبة من مراد الكاتب، كما أشكره أن وضع القاريء في حالة تميزت بالنورانية والصفاء والسعي للوصول للكمال ..

الجمعة، 9 سبتمبر 2016

عمر طاهر .. أكان لابد أن تكتب إذاعة الأغاني؟

http://www.e3lam.org/2016/09/09/144875
https://www.facebook.com/notes/hala-moneer-bedair/%D8%B9%D9%85%D8%B1-%D8%B7%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D8%A3%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF-%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A5%D8%B0%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%BA%D8%A7%D9%86%D9%8A/10153942773461696
https://www.facebook.com/omer.taher.39/posts/10153678929771891?ref=notif&notif_t=notify_me&notif_id=1473415041621229
https://www.facebook.com/hala.moneerbedeer.1/posts/10153941723421696?ref=notif&notif_t=like&notif_id=1473419502916212


دائما يفوتني الجميل من أوله، لحظي العاثر لم أقرأ كتاب “إذاعة الأغاني” حال صدوره، ولكني لابد وأن أسجل رؤيتي المتواضعة لعمل بديع هكذا..

سأكون مجحفة لو قارنت كتاب “إذاعة الأغاني” بأي كتاب آخر، بل لا تجوز مقارنته بأي عمل سابق للساحر عمر طاهر، الكتاب لا تستطيع تصنيفه، ليس رواية بالرغم أنه يضم مراحل مختلفة من حياة الكاتب الذي ينعم بذخيرة ضخمة من الأحداث والمواقف؛ تجعلها مادة خام ليشكل منها كل جديد دون أن تنضب، ولا يجوز وصفه بالقصص القصيرة بالرغم أن الواحدة منها تملك قدرا معقولا من التركيز والتكثيف والمباشرة، ولا يجوز وصفها بالشعر في أي أنواعه بالرغم من تعدد العبارات الموزونة والمقفاة في معناها قد تصل حد حكم الفلاسفة، هي تلك الحالة “سيرة شخصية للغناء” .. نعم فسيرة عمر طاهر الذاتية لا تفنى ولا تستحدث من العدم ..

لمس عمر طاهر صميم القلب، ليس فقط قلوب جيل الثمانينات، وإنما أسر قلوب أشخاص أكبر وأصغر؛ وربما يصيب هؤلاء الندم أن فاتهم هذا الجيل، أو لأن لا ماهر في جيلهم يستطيع أن يجسد ذكرياتهم بمهارة جبارة كما يفعلها عمر طاهر، عمر طاهر سيعلمك كيف تبحث عن أغنية هندية، سيجعلك تستمع لأغنية “آل جالي بعد يومين” بأسى من نوع مختلف، سيعرفك على المغني الليبي أحمد فكرون كما عرفني عليه وأنا الثمانينية التي لا أعرف كيف سقطت مني علامة مميزة لجيل الثمانينات مثله ..
الكتاب أشبه بآلة الزمن التي لا تعرف بالتمام أي زر يمدها بالطاقة وأيها يوقفها، أنت الآن بين دفتي الكتاب؛ بين جنبي آلة الزمن، لا تعلم إلى أي عصر ستذهب، ولكن ما أن تستقر بك الآلة فإنك ستعيش ذلك العصر بكل صفائه وأخطاره، هكذا يفعل بك عمر طاهر يفجرك ضحكا عندما يسمعك “شتمة قبيحة” على لسان عمة صديقه اللبناني، يعلمك كيف هو اللوع؛ من خلال مشاعر الحبيبة المخلصة التي تتألم في صمت جراء غياب حبيبها في حوار عاطفي بينه وبين “سيارته”، يجعلك تختبر كيف هو التدخين وإحساس الحشيش دون أن تأخذ نفسا واحدا من سيجارة، يذكرك بأغنية مهجورة في ركن ما من الذاكرة لتعدو سريعا على يوتيوب لتجد رواد آخرين سبقوك في الوصول بحثا،تاركين تعليقا لطيفا على الأغنية النادرة مثل : “عمر طاهر اللي جابني هنا”، وهكذا حتى ترجع بك آلة الزمن من جديد عندما تفاجأ بأنك عدت حيث أنت مع انتهاء آخر صفحة في الكتاب ..
العنوان كان مخادعا بعض الشيء، ولكن من يتأمل في العنوان قبل أن يقبل أو يدبر عن شراء كتاب؛ أنه ليس كتابا للأغاني؛ وإنما سيرة ذاتية للكاتب، والغناء خلفية المواقف المختلفة التي قد تمر مرور الكرام على كثيرين، ولكن ما أن يوجد عمر طاهر في ذلك الزمان والمكان فإنه سيصنع نوستالجيا فريدة في زمن لاحق، نوستالجيا مجسمة ثلاثية الأبعاد، ذات رائحة ولون ومذاق، شفافة لكنها سميكة بالقيم والأصالة، عذبة وحلاوتها بمرارة استحالة الرجوع بالزمن إلا من خلال آلة عمر طاهر..
هذه التوصية أو الرؤية أو الرأي جاءت متأخرة شهورا ولكنها الآن لسببين، أولهما بمناسبة منشور عمر طاهر الذي يضع فيه دليلا للسائلين عن المكتبات التي يتوفر فيها الكتاب، والثاني هو أن التأخير هذه المرة علمني أن أي جديد لعمر طاهر سيكون في أول قائمة مشترياتي، أراهن على أن القراء يطالبونه بأجزاء أخرى من الكتاب ..